سياسة

الخطاب الحماسي لوزير شئون رئاسة مجلس الوزراء السابق

وائل محجوب

الخطاب الحماسي الذي القاه وزير شئون رئاسة مجلس الوزراء السابق في الحكومة الانتقالية الثانية والقيادي بالحرية والتغيير خالد عمر يوسف بالأمس، غلب عليه الجانب العاطفي المندفع، وذلك أمر مفهوم وطبيعي، لا سيما وأنه أول خطاب للرجل بعد خروجه من المعتقل، ولكن ما قاله يحتاج لمراجعات، فهو قد انطوى على رغبة جامحة في وحدة قوى الثورة، لكنه لم يجب على اسئلة مهمة منها؛

١. ما هو الشرط الذي تتأسس عليه الوحدة؟

٢. وما هو الهدف من هذه الوحدة؟

وذلك أمر هام، هل لإسقاط النظام، ام لخلق كتلة موحدة قادرة على التفاوض وانجاز تسوية أفضل من سابقتها؟

• وإجابة السؤالين مهمة في تقديري، لأنها تحدد أي القوى يتطلع للوحدة معها، وهي قادرة على التجاوب معه ومتمنعة عليه، لدرجة مطالبته بعزلها، ونعتها بالخوارج..!

• الطريق لإسقاط الانقلاب هو طريق لإسقاط كل مواريث الشمولية، وما تولد منها من ممارسات التلاعب السياسي، والتدليس والتعامل مع القضايا الكبرى بإنصاف المواقف، وفي حالة تحالف الحرية والتغيير، يجب أن يمر أولا بموقف حاسم من شركائهم، الذين دعموا الانقلاب وساندوه بل وبعضهم شارك في التخطيط والتمهيد له، والبعض الأخر من اعضاء تحالفهم الذين لم يتوقفوا عن جر الناس للحوار والتفاوض مع العسكر منذ يوم الانقلاب، فيما كان الشارع الثوري ما بين شهيد وجريح ومصاب، بشتى الوسائل والحيل، ليوفروا مخرج طوارئ للانقلابيين.

• هل يعتبر خالد عمر يوسف ان هؤلاء هم من ضمن قوى الثورة، التي يجب على الناس ان يأتوا طائعين للتحالف معها وفق ما يتصور؟

• ما الذي أوصلنا لما نحن فيه سوى مثل هذا التلاعب والضعف وطمس القضايا الكبرى بالطبطبة والمجاملات، ومحاولات اللعب بالبيضة والحجر..؟!

• إن إدارة المرحلة الانتقالية وحدها كافية لتوضيح نتائج مثل هذه التنازلات في المسائل المبدئية، وما قد تجره من كوارث ومصائب كنتاج لتراجع القوى المختلفة وتدني قدرات منسوبيها، وعدم وعيهم بجسامة مسئولية إدارة الدولة، وعدم معرفتهم بالفرق بينها وبين وإدارة الحزب السياسي، وذلك الخط الفاصل بين القضايا المبدئية التي لا تنازل فيها، وتلك القضايا التي يمكن تمريرها كجزء من عملية المناورة السياسية.

• لم تكن القوى المختلفة تملك الحد الادنى من الثبات والصرامة والتمسك بأهم شعارات الثورة، وخالط ذلك شيء من عدم المعرفة بطبيعة جهاز الدولة ومؤسساته ونظمه ولوائحه وإجراءاته، ومن هذه البوابة تسلل العسكر واعوانهم، ليفرضوا ارادتهم على من قدمتهم الثورة للحكم باسمها وتفويضها، ودفعت بهم القوى السياسية لإدارة شئون البلاد، وكان الحصاد وبيلا، وقد كان أساس ما تم في ٢٥ اكتوبر هو امتداد لحالة سياسية، وجد فيها العسكر مساحة لم يحلموا بها يوم وقعوا الوثيقة الدستورية، ولمجرد التذكير نورد بعض النماذج للأخطاء الكبيرة التي فتحت الباب لهذا الانقلاب ومهدت الطريق أمامه؛

– تم تمرير قوانين تنتهك معايير حقوق الانسان مثل قانون المعلوماتية في ظل حكومة يتربع على مقاعدها ساسة ومناضلين.

– تم تغيير استراتيجي ضخم في سياسة البلاد الخارجية بالتطبيع مع اسرائيل وهم على مقاعدهم، ووافقوا على ذلك وسمحوا بعلاقات استخباراتية وأمنية للجيش والدعم السريع مع اسرائيل، بل والغوا قانون مقاطعة اسرائيل في اجتماع المجلسين.

– استنوا سنة اغلاق الجسور امام مواكب الثورة، استجابة للعسكر وما مرحلة الحاويات الا امتدادا لما بدا في ذلك العهد.

– تم قمع المواكب أمام مجلس الوزراء قمة الجهاز التنفيذي ورمز حكومة الثورة، وقمع الثوار في شارع القصر، ولم يحرك وزراء الثورة ساكنا.

– بقي جهاز الأمن على حاله محتفظا بكل مقدراته ومقاره وسلاحه وامواله وشركاته، ورفضوا كل المقترحات للتعامل معه ومع جهاز الشرطة، وكانت الصلاحيات بيد رئيس الوزراء وهم اركان حربه ومن اختاروه لكن تلك لم تكن من اولوياتهم.

– رضخوا لتعطيل العسكر لقانون الأمن الداخلي.

– استكانوا لهيمنة العسكر على ملفات السلام وكانت النتيجة اتفاق جوبا الشائه، والعلاقات الخارجية، وسيطرتهم على الاقتصاد برئاسة لجنته العليا، ورفضهم لخضوع المؤسسات والشركات التابعة للقوات النظامية لولاية وزارة المالية.

• وهذا غيض من فيض فيما جرى وأوردنا من نحن فيه اليوم، ومع ذلك، مع كل ذلك، وبعد تفكك قوى الحرية والتغيير نفسها لحواضن منها قوى تقاوم الانقلاب، بينما هناك قوى انقلابية شريكة ومساندة، لا يجد خالد وهو الجالس بجانبهم حرجا لنعت من يقاومون الانقلاب، بضراوة لا مثيل لها منذ وقوعه، ويرفضون مثل هذه اللؤلؤة بالخوارج، ويطالب بعزلهم.. فمن يعزل من؟ وهم الذين بسبب ما رصدنا اعلاه وغيره واجهوا عزلة حرمتهم حتى من المشاركة في المليونيات بعد الانقلاب..؟

• فما هي الحكمة التي خرجت بها قوى الحرية والتغيير من كل ما جرى وجرته ممارساتها السياسية على البلاد، وما هو الدرس الذي تعلمته، وهي التي ما زالت تغلب العلاقات الشخصية، وتميل للمجاملات حتى في القضايا الاستراتيجية والمبدئية، وماذا تملك لتقدمه للشارع الذي يراقبها، وهي كتحالف بينما كان بعض قادته في السجون والمعتقلات، كان البعض الأخر يقبع في كراسي المجلس السيادي، ويشارك في قراراته، وأخرون من دونهم وزراء، وبعضهم يشارك بقواته في قمع المواكب والمليونيات..؟!

• على تحالف الحرية والتغيير الذي يقوده خالد أن يرى عوجة رقبته أولا.. ويطهر صفوفه من الانقلابيين، قبل ان يطالب بوحدة الصف الثوري.. ومن بعد لكل حادث حديث.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق