آراءسياسة
أخر الأخبار

الجنجويد ينحل وما في مليشيا بتحكم دولة!

عاصم فقيري

بتتبع الأحداث في الساحة السياسية، نلاحظ هناك استقطاب حاد، اهم طرفي هذا الاستقطاب هو القوات المسلحة بقيادتها المعروفة باللجنة الأمنية للبشير أو اللجنة الأمنية للمؤتمر الوطني أو اللجنة الأمنية للحركة الإسلامية ككل!

هذا يجعل المعادلة تبدو صعبة جدا في القرار الذي يخص الاصطفاف لأي من الطرفين ألا وهما الجنجويد (الدعم السريع) من ناحية والقوات المسلحة من ناحية بكامل وصف قيادتها اعلاه، وهذا لعمري من أصعب الامتحانات التي تمر بها ثورة ديسمبر والتي لا زالت شعلتها مستعرة بالرقم من التشرذم والانقسامات والتشظي في كيانات وقوى الثورة بالإضافة للتشظي الكائن اصلا في القوى السياسية الحزبية يمينها ويسارها وحركاتها واحزابها!

هذه نقطة مفصلية، يجب عندها استدعاء كامل الشعور الوطني بنظرة ثاقبة تخدم الأمن القومي الاستراتيجي للسودان لاحقا سواء في المستقبل القريب أو البعيد، القوى الحية أصابها تشتت وتفرق لا بد من الإسراع في لملمة أطرافها والافصاح بشجاعة والحديث عن الجنجويد (الدعم السريع) بكل شجاعة وشفافية دون أية مواربة أو مجاملة لقبيلة أو قبائل ترى أن هذه المليشيات درع لها أو ما إلى ذلك!

هذه المليشيات المسماة مجازا بالدعم السريع تاريخها وحاضرها معروف، كونها تأسست على يد الحركة الاسلامية وخلال فترة حكم المؤتمر الوطني وبرعاية البشير ولجنته الأمنية، هذا معروف للجميع!

ولكن قد يجهل كثيرون أن هذه المليشيات مكونة من اجانب يشكلون غالبية عناصرها وحتى قيادتها نفسها المتمثلة في الأشقاء دقلو ليسوا سودانيون ولم يحصلوا على الجنسية السودانية بالطرق الرسمية، لذلك الخطورة في هذه المليشيات أنها لا انتماء لها للسودان كوطن بثقافاته المتنوعة والخطر الآخر أن السيطرة على هذه المليشيات كانت سيطرة من جهة لم تعد موجودة الآن بكامل شرعيتها وهي النظام الذي تم اسقاط رؤوسه في ديسمبر حيث أن هذه المليشيات كانت تتبع في اخر ايام المؤتمر الوطني للبشير مباشرة، لذلك نجدها بعد ذهاب البشير لم تعد تخضع حتى للقيادات التي هي من ميراث اللجنة الأمنية والبرهان والكباشي منهم، صارت هذه المليشيات تطالب بأن يتم التعامل معها معاملة الند حتى مع من صنعوها الا وهم قيادات اللجنة الأمنية للبشير المذكورين، فما بالكم إذا أتت حكومة مدنية في ظل وجود هذه القوات، بالتأكيد هذه القوات لن تخضع لأية حكومة مدنية مهما تعالت تصريحات حميدتي التي يقول فيها أنه يريد أن يتبع لرئيس مجلس السيادة المدني، والملاحظة أنه لم يقل لرئيس مجلس الوزراء، هذه أيضا تبدو أنها ليست من حسن النوايا!

بالمختصر المفيد لحميدتي وأسرته أطماع لاحتلال السودان وليس السودان وحده بل السودان وتشاد والنيجر وأفريقيا الوسطى كلها مطامع هؤلاء الجنجويد الذين أطلقت عليهم في عنوان مقال سابق نشرته في صحيفة الراكوبة بأنهم اي الجنجويد هم غجر غرب افريقيا، ونعم هم كذلك!

تاريخيا معروف أن الأقليات التي تعاني من الجهل عندما تستقوي بتسليح تتحول من كونها جماعات الى سلطة غاشمة يمكن أن تخضع أغلبية السكان وهذا مثال موجود في سوريا حيث أن العلويين لا يمثلون أكثر من ٨٪ من سكان سوريا وعندما تغلغلوا في الجيش وتسلحوا كانت النتيجة السيطرة على سوريا والان أكثر من نصف قرن العلويون يسيطرون على سوريا وهم أقلية بفعل السلاح!

لذلك يقاتل الجنجويد ويستخدمون كل أساليب الخداع والكذب واستدرار عطف البعض وترغيب البعض بالمال وكلما في وسعهم للوصول إلى هدف السلطة، إذا راجعتوا خطابات حميدتي فقط في الفترة من بداية الثورة حتى الآن ستجدون أنه في كل وادي يهيم فتارة مع الإسلام والشريعة وتارة مع العلمانية وتارة مع روسيا وأخرى مع أمريكا وتارة مع الجيش وأخرى مع المدنيين!

انا لا ادري كيف أن كل السياسيين والإعلاميين والصحافيين لا ينتبهون لكل هذا الخداع والمخادعة ولا يدرسون هذه الحالة النشاز لهذا المليشي اللص الذي من متشرد حوله البشير وحزبه إلى صاحب مليشيا أصبحت تنقص حياة المواطنين وتنهب ثروات البلد.

الان بعد كل هذا السرد، أمامنا صراع طفى إلى السطح بين القوات المسلحة وهذه المليشيات التي لم تعد تحترم أو لم يعد أمامها خط احمر الا واخترقته، فهل يا ترى سنقف مع هذه المليشيات ضد القوات المسلحة بالرغم من كل ما قلناه في وصف قيادات القوات المسلحة باللجنة الأمنية للبشير ؟!

وفي ذات الوقت نحن نعلم أن هذه المليشيات نفسها هي ابن ولكنه غير شرعي لذات اللجنة الأمنية في عهد البشير؟!

اذا كانت قحت تعتبر أن هذه المليشيات (الجنجويد) هي من سيحمي الحكومة المدنية، اقول قولا واحدا أن قحت لا تعرف سياسة ولا تستطيع إدارة الفترة الانتقالية وهي تحتمي بالجنجويد، باختصار لأن الخطوة القادمة ستكون هي انقلاب الجنجويد على الحكومة الانتقالية والذي سيكون هو نهاية السودان!
لا تقودوا البلاد إلى الاحتلال بالمليشيات وأجانب غرب افريقيا فقط لانكم تكرهون الحركة الاسلامية، لأن الحركة الاسلامية أيضا تخطط مثلكم وها أنتم أتيتم بعناصر منها من المراوغين الذين انضموا لاتفاقكم الإطاري، وعندها أن كانت هناك أية احتمالات لانقلاب فأما ستكون من الجنجويد منفردين أو الجنجويد متحالفين مع نفس عناصر الحركة الاسلامية التي انخرطت معكم!

أنها مغامرة خطرة بكل المقاييس، الثورة كانت عازمة على فرض شروطها وخذلتها القوى السياسية بتهافتها على المناصب ولو أن القوى السياسية اعتمدت على الجماهير والشارع المتمثلة في قوى الثورة الحية وسارت على خطاها لكانت الان الثورة توجت بقطف ثمارها، ولكن خطوة إلى الى الامام أن يعاد الترتيب الان قبل فوات الاوان، والا فلتستعدوا لاحتلال الجنجويد للبلاد!

فاوضوا القوات المسلحة ويجب أن تكون مطالبكم انتم كمدنيين أن تحل كل المليشيات والحركات المسلحة وفقا للأسس العسكرية والتدابير المعروفة لذلك، ولكن أن تكونوا انتم من يتحالف مع مليشيات ومعظم عناصرها اجانب لعمري هذه خيانة وطنية لا يفعلها ثوار إن كنتم تنسبون أنفسكم للثوار أو تنصبون أنفسكم طلائع للثوار!

الجنجويد ينحل وما في مليشيا بتحكم دولة!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق