سلايدر

ألفونسو ديڤز … لاعب الباڤاري

مسيرة تأريخية وقصة نجاح فوق الخيال

من الضياع في أدغال إفريقيا إلى أغلى ظهير أيسر في العالم

د. محمد بدوي مصطفى

طنجة وقبور بلا اسماء:

وقفت ذات مرّة في الساحل المطل من مدينة طنجة المغربية باتجاه جبل طارق وسرحت في آفاق ذكرى حالمة أرقتني وبلغ الحزن والألم مني كل مبلغ وقد أصابني من وطئتهما ساعتئد حال مثل الهذيان. سرت بعدها أجرر خطاي جرجرة وأحثها حثا إلى مواقع مدهشة، غريبة ومحزنة تظل عالقة بالذِّكر وموثوقة بالفِكر أدنو بقدميّ الغاطستين في الألم إلى بقايا حطام أجساد بشرية وإلى ما رمت به أمواج المتوسط العارمة بلا رحمة إلى الشاطئ الممتد على سواحل غزال البحر الطنجويّ من حيوات أناس هجروا أهاليهم دون رجعة، خلفوا أوطانهم دون عودة ولا يعلم من أمرهم أحدا. وقفت لأرى بأم عينيّ وعلى مدّ البصر قبورا دون أسماء، لمن يا ترى؟ بالطبع لكل من سوّلت له نفسه أن يترجّل العبور على الزوارق المطاطية باتجاه أرض الميعاد “أورشليم”! أعناق مشرئبة صوب العالم الأول وحدب دنيا الخلاص الأخير، لماذا يا ترى هذا الهلاك؟ من لم يذق طعم الذلّة والهوان ببلده ومن ثمّة أهوال الهجرة والتهجير يا سادتي فقد لا يعرف حنظلها ولن يطرأ بباله يوما، ما عاناه الملايين من أولئك الذين قذفوا بأنفسهم وأرواح أهاليهم من الأطفال والصبايا إلى التهلكة وكل ذلك من أجل مفردتين، نعم، بكل بساطة كلمتين لا ثالث لهما: الحرية والكرامة. ونتساءل لماذا يهجرون بلادهم؟ والجواب غنيّ عن التعريف وحدث ولا حرج! هل كان لاعب بايرن ميونخ ألفونسو من أولئك المفقودين الذين هاموا على الزوارق المطاطية ناشدين الخلاص؟ هل غامر وهو في سنّ الطفولة مع أبويه لينفد بجلدته من سقر الحياة وجهنم الطغيان في بلاد أفريقيا الواسعة وأدغال سادتها العميان من وحوش البشر؟ هل مشى على أرجله على الأطلال والدمن كما مشت حاجة ماريا وأهليها سنة كاملة من كانو (نيجيريا) إلى مدينة أمدرمان (السودان)، مشوا وهاموا في بلاد الله الواسعة حفاة عراة لا يملكون من متاع الدنيا قسطا؟ أسئلة تجوب بالمخاطر وتحوم بالخواطر والله لما كانت تطرأ على خاطر أحد منا إن لم يبلغ هذا الصبيّ من الشأو أعظمه ومن القمة نجيماتها! بعد كل ذاك العناء وبعد كل هذه المذلات والانتهاكات التي ذاقها وذاقتها أسرته وصل بجهد جهيد إلى بر الأمان وأراه الآن قد صار بمثابة المركب الشراعيّ لكل العائلة وهاهوذا نجمه قد سطع برّاقا في سماوات الأعلام وبرازخ الشخصيات المرموقة التي يشار إليها بالبنان في كل العوالم. نعم، هذا الشاب الأسود السحنة الأفريقيّ الأصل، الليبريّ الموطن الكنديّ الجنسية الغنيّ بعد فقر والشريف بعد مذلة قد بلغ تلك الربا بجهده ومثابرته المنقطعة النظير. فهل في ذلك من عبر؟

من أين أتى هذا المارد … ألفونسو ديڤز؟

عاش الطفل ألفونسو طفولة بائسة وحياة مكدرة محفوفة بالهجرة والضيم والضياع ولم يعرف خلالها في مخيمات اللاجئين سوا الفقر والمعاناة حيث ولد ديفز لأبوين ليبيريين في هذا المكان المدعو بودوبورام، وهو مخيم للاجئين في منطقة جوموا الشرقية لدولة غانا. وقد رأى مولده بها وقبل أن تغير المستديرة مسار حياته مائة وثمانون درجة ورأسا على عقب!

نشأ طفلا بتلك المخيمات بغانا في قلب القارة الأفريقيّة ونال الجنسية الكندية قبل بضع أعوام وصار في خلال بضع سنوات عجيفات أغلى ظهيرا أيسرا في العالم وبعمر لم يناهز التاسعة عشر بعد.

ولد الطفل ألفونسو في الثاني من شهر ديسمبر عام ألفين شرقيّ غانا، لكن مسقط رأسه والديه هو ليبيريا وقد هجر والديه البلد بسبب الحروب الأهلية الضروس التي حتّمت على الملايين النزوج إلى أماكن آمنة وكانت أسرته من بينها. هاجرت حتى تؤمّن مستقبلا بهيّا وحياة نضرة لأبنائها. لقد صار البقاء بليبيريا من المستحيلات على الأسرة لأن البقاء على قيد الحياة – حسب إدلاءات والده – يحتم على الفرد حمل السلاح والدخول في الحروب القبيلة والتناحرات السياسية الآسنة وكانوا هم في غنى عنها. كانت الأسرة تمر – حسب ما ذكرت والدته – على جثث الموتى في الطريق إلى الخلاص وعند البحث عن الطعام. وقد شاء الله أن يقضي ألفونسو سنيّ طفولته في مخيم اللاجئين بمنزل صغير مصنوع من الصاج والألواح الخشبية وخيش الجولات والكرتون، تحيطه أسلاك حديدية بدلا من الجدران وكانت الحياة تفتقد لأبسط ابجديات العيش الكريم ولم تكن الأسرة تمتلك لا مالا ولا ممتلكات تمكنها من عبور الضائقة تلك فضلا عن عمل لتوفير الطعام البسيط أو ماء الشرب النقيّ. فلم يكن لديهم حتى من الملابس إلا ما كان يستر عوراتهم والبسيط المتواضع منها. والأمرّ من ذلك كان الخوف يلازمهم في كل لمحة ونفس: الخوف من الاضطهاد، الطرد من المكان الذي أواهم، سرقة الأبناء من قبل عصابات بيع البشر أو لأغراض بيع أعضائهم الجسدية، الذي صار أمرًا معهودا في تلك الأماكن الموحشة والتي ينعدم فيها أي بسيص من أمن أو أمان.

بريق الأمل وشمس تستطع في سماء القلوب:

وجد الطفل اللاجئ في كرّة القدم متنفسا يهضم من خلاله كل هذه التجارب المريرة وذاك الحرمان الذي ظل يلازم الأسرة كظلها. كانت لعبة الكرة هي الشئ الأوحد والمؤنس الذي جادت له به الحياة، يخلقها أولئك الأطيفال ببعض الخرق البالية التي يحتويها جراب وضيع وكان ألفونسو الطفل كما الأطيفال الآخرين، حافي الأرجل يركل ويعفر تلك المستديرة بمستنقات غانا الموحشة وكانت تلك هي حقيقة أول تجاربه الإيجابية مع المستديرة. كان يخرج دائما مع أصدقائه وبرفقة ابن عمّه الذي كان لديه بمثابة الأخ الأكبر، يلوذ به عندما تشتد المعاناة ويجاريه في كل ما يقوم به من نشاطات محدوة في حيز المعقول المتاح في تلك البقعة النائية من الحضارة ومن ضجيج المدن ومن أيدي الإنسانيّة.

ذات يوم أخبرتهم معتمدة الأمم المتحدة أن رسالة قد وصلت تتيح لهم الهجرة كلاجئين إلى أرض الميعاد. ولا تتصورا يا سادتي مدى السعادة التي أحلّت بقلب الأسرة المكسور على جرحه، مدى حلاوة التبشير وعمق الراحة التي حلّت بالنفوس حينما نادي المنادي بالإطاحة بحمل كبير أثقل كواهلم طيلة هذه السنوات العجاف التي ذاقوا بها المرّ ولعقوا بها الحنظل. على أيّة حال استبشروا بالأمر خيرا كبيرا وبدأت أخيلتهم تطلق العنان لحلم بعيد المنال لم يتحقق بعد وصار الطفل يهيم في خيلائه وأمل منتظر، هي لحظة الإنطلاقة إلى العالم الجديد الذي قاب قوسين أو أدنى من قدميه الذهبيتين.

الرحيل إلى أرض الميعاد … مدينة أدمنتون الكنديّة:

انتقلت الأسرة من عالمها المرير إلى حياة جديدة، هانئة ومستساقة، سهلة ينعمون فيها ببساطة العيش وبالراحة والأمن في مقاطعة أونتاريو لمدّة سنة حتى قرر ذات يوم رب الأسرة لأسباب عدّة الانتقال منها إلى مدينة أدمنتون. شهدت هذه المدينة أول ابنلاج لهذه الموهبة الطفلة التي بدأت طاقات إلاهيّة خفية تتفجر في عمق دواخلها، وكان كالمهر المروض المحبوس في خندق وعندما أطلق سراحه لعنان الريح طاف يحلق في آفاق الحرية وسماوات المجد المنتظر. ألفونسو هو ذاك المهر الجريح الذي عقّدته الحياة وتساءل في نفسه دوما: لماذا يا ربي هذا البلاء والابتلاء، نحن دون غيرنا، أسرتي دون أخرى، إخوتي دون الآخرين. لكن كما يقول الشاعر، لكل شئ إذا ما تمّ نقصان وهنا تتبدى الحكمة في الصبر وأن الفرج دون أدنى شك قريب وليس غريب، وألا يغلب عسر يسرين، كما حدثني والدي مرارا وتكرارا.

بدأ هناك في البقعة الكندية المباركة نماء موهبته وشغفه باللعبة يزداد يوما تلو الآخر وصارت هي سلوته الوحيدة في أن يقضي على تلك الصور القاتمة والكدمات الموحشة التي توطدت بدخيلته وبنت بها بيتا وخيمة وأن يغسلها بالتمرس وتكريس الجهود في حقل الرياضة. فكانت الكرة هي صديقه الأوحد، بالبيت، بالشارع، بالمدرسة، وحتى يقال أنه عندما يراجع دروس مدرسته كانت الكرة تقبع تحت رجليه ككلب أليف لا يبرحه ولا يغيب عن جانبه البتة. ومن هنا بدأ حلم يراوده أن يصبح أحد لاعبيّ هذه المستديرة وكان يصلي كل يوم أن يحقق الله له هذا الحلم وأن يستطيع أن يبني لأسرته وإخوته مستقبلا كريما وحياة رغدة يواسيهم بها ما عانوه من آلام ومن غربة في هجرة بلدهم الأم وعبر تركهم لجمع الأهل والأحباب الذين قبعوا في غياهب السجون واستبسلوا بساحات القتال وحرنوا غير راغبين بمرافئ الجوع والعوذ. يقول لهم: لابد أن أرجع إليكم وأن أمدّ لكم يد العون، لكن بعد أن يحقق الله مساعييّ وجهودي وبعد أن تكلل رحلتي الأبدية من الجحيم إلى الجنّة بالنجاح.

المشاركة في برنامج رياضي كنديّ

لدعم الأسر محدودة الدخل:

لم تبطره مشاركته لأصدقائه الجدد بالمدرسة بمدينة أدمنتون في القيام بممارسة كرة القدم والرياضات الأخرى كالجري وكرة السلّة أن يتطلع إلى الأفضل فقام لا يلوي على شئ إلا ويقدم ترشيحه لبرنامج مخصص للأسر ذات الدخل المحدود يدعى “فوتي”. هو خاص بالأطفال الذين لا تقدر أسرهم القيام بدفع مستلزمات الاشتراك في النوادي الرياضيّة ناهيك عن شراء مستلزمات اللاعب الكثيرة والإجبارية من جانبها من ملابس عديدة للتمرين، وللمباريات الداخلية والبعيدة وللتسخين، الخ. لحسن حظه استطاع أن يقنع اللجنة القائمة على أمر الأكاديمية بهذا البرنامج أن تضمّه إليها لما بدا لهم فيه من موهبة خلاقة وأدب جمّ وروح رياضية وتصميم خارق للعادة، بأنهم يجب أن يهبوه الفرصة لأن يثبت لهم جدارته في هذا المجال وكان كذلك. وطفق يبرز مواهبه الخلاقة للجميع ويسير بخطى ثابتة إلى هدفه الأوحد.

بعدها استقر به الحال بتلك المدينة ونال أعجاب ناديها أدمنتون ستراكرز الذي ضمّه إلى صفوفه ولعب به ثمانيّة أعوام قبل أن تدور حوله نسور كرّة القدم وأعينهم الجاسوسيّة من كل أنحاء العالم. لكن لم يمض وقت طويل حتى التقطه أعين فانكوفر وايتكابس وكان ألفونسو وقتئذ قد بلغ سنة الرابعة عشر وهو في ريعان الصبا وقمة سنّ البلوغ. ولعب في هذا النادي كجناح أيسر قبل أن تتم ترقيته للفريق الثاني الذي أثبت فيه أيضا جدارة فائقة وحرفيّة عالية وبدا حينئذ نجمه في التألق واكتشفت إدارة النادي أن مستواه أكبر بمراحل من أن ينضم للفرقة الثانية. وازداد النجم في تألقه وثقته بنفسه واتسعت الرقعة والمجال له لخوض التحدي وحدث ما حدث!

ألفونسو … أفضل لاعب كنديّ لعام ٢٠١٨:

بعد مرور خمسة أشهر فقط قاموا بتحويله للفرقة الأولى وبدأت للطفل مرحلة جديدة في حياته ورنت الأحلام تتلاشى وتتبدل إلى حقائق ثابتة وصار قاب قوسين أو أدنى من هدفه في احتراف اللعبة وسار في طريقه ثابت الخطى لا يلوي على شئ إلى ويصيب المرمى. وهنا اتيحت له الفرصة للمشاركة في الدوري الأمريكيّ للمحترفين الذي ينتافس به النادي الكندي واستمر الصبي في تميزه كجناح أيسر وتألق وسطع نجمه في تلك المبارات وبالمنافسات الأمريكيّة. وكان في بعض الأحيان يشغل مركز الظهير الأيسر وفي عام ٢٠١٨ وهو لا يزال في سن السابعة عشر حصل على جائزة أفضل هدف وأفضل لاعب كنديّ بنفس العام.

ومن قبل بعد انضمامه إلى فانكوفر وايتكابس وخلال الجولة التمهيدية في الدوري الأمريكي للموسم ٢٠١٦، وقع ديفز مع فريق وايت كابس ٢ في دوري الولايات المتحدة في ٢٣ فبراير ٢٠١٦. وفي تلك الفترة بحين توقيعه، أصبح أصغر لاعب قد حصل على عقد في دوري الولايات المتحدة بعمر ١٥ عامًا و٣ أشهر. شارك ديفز لأول مرة بشكل احترافي له مع فانكوفر وايتكابس ٢ بعمر ١٥ عامًا و٥ أشهر في أبريل ٢٠١٦. وفي ١٥ مايو ٢٠١٦ سجل هدفه الرسمي الأول، مما جعله أصغر لاعب يسجل في تاريخ دوري الولايات المتحدة بعمر ١٥ عامًا و٦ أشهر. وقد استطاع تسجيل هدفين في ١١ مباراة لعبها خلال موسم ٢٠١٦ واستمر النجم في التألق.

الهجرة إلى أوروبا والتعاقد مع بايرن ميونخ:

اندفع الباڤاري بقوة ودراية لضمه في عام ٢٠١٩ بعد أن وقف على موهبته الجبارة وعلى حرفيته في كرة القدم لكنه بدأ هناك مشاركته أولا مع الفريق الرديف ومع بداية الموسم الحالي اتيحت له فرصة اللعب مع الفريق الأول ذلك حتمته الإصابات الكثيرة في صفوف بايرن ميونخ. لقد اختار له المدرب الألماني الجدير هانزي فليك الحائز مع يواخيم لوڤ على بطولة كأس العالم مع الفريق الألماني بالبرازيل أن يجعله خليفة للاعب النمساوي دافيد ألبا في مركز الظهير الأيسر وأن يتحول ألبا إلى مركز قلب الدفاع. ولقد أشهد العالم على تمكنه من هذا المركز وصار اسم دافيد ألبا في هذا المركز نسيا منسيا رغم تألقه فيه سابقا وبجدارة لكن دافيد اختار اللعب بمركزه الجديد، قلب الدفاع، ذلك ارتكازا على خبرته الكبيرة في صفوف الدفاع البافاري ولأنه قرر أخيرا أن يتحمل مسؤولية أكبر في الدفاع والدفع من عجلة البافاري إلى الأمام على حد سواء.

الجنسية والمشاركة مع الفريق الكندي:

بعد اللعب مع إدمونتون الدولية و إدمونتون سترايكرز، انضم ديفز إلى فانكوفر وايتكابس كما سبق ذكره في عام ٢٠١٥ في سن الرابعة وتحصل على الجنسية الكندية في عام ٢٠١٧ وبعدها بدأت مشاركته الفرق الكندية القوميّة في سياق المسابقات العالمية منضما لفرق شبابها القوميّة. وتمكن أيضا مشاركة المنتخب الأول وهو لا يزال في عمر السادسة عشر كأصغر لاعب مرّ على تاريخ فريقه الكنديّ وله وهو في هذا السن الباكر من عمره حصيلة ١٧ مباراة دولية وخمسة أهداف وحدث ولا حرج. أصبح أصغر لاعب يسجل للمنتخب الكندي من خلال تسجيله لهدفين في مباراة كأس الكونكاكاف الذهبية ٢٠١٧ ضد غويانا الفرنسية، وأصغر لاعب يسجل في نفس المسابقة، وأول لاعب ولد في الألفية الجديدة يسجل في بطولة دولية كبرى.

أغلى ظهير أيسر في العالم:

ديفز هو أول لاعب ولد في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين استطاع أن يثبت وجوده في إحدى مباريات الدوري الأمريكي لكرة القدم. انضم ديفز إلى بايرن ميونخ في يناير ٢٠١٩ من فانكوفر وايتكابس في الدوري الأمريكي لكرة القدم بموجب عقد يستمر حتى عام ٢٠٢٣ مقابل رسوم انتقال قياسية في الدوري الأمريكي حينها. وحصل على لقب أفضل لاعب في الدوري الألماني لعام ٢٠١٩-٢٠٢٠.

ووفق دراسة كشف عنها المركز الدولي للدراسات الرياضية سي أي سي إس مؤخرًا احتل فيها ألفونسو ديڤز المركز التاسع بين أغلى لاعبيّ العالم بقيمة مائة وثلاثة وثلاثين مليون يورو وهو الظهير الوحيد الذي شهدت هذه القائمة تواجده من بين رؤوس الحربة والمهاجمين العمالقة ونجوم خط الوسط كما سارت العادة إلى الآن أن أسعار هذه الفئة هي الأكثر خروقا للاحصائيات والتوقعات أيًّا كانت. لذلك فألفونسو يعد أغلى لاعب في مركزه في الدفاع كظيهر أيسر لكنه ليس المدافع الأغلى ثمنًا إذ يحتل الظهير الأيمن لليفربول الكسندر أرنولد المركز الرابع في القائمة بقيمة مائة وواحد وسبعين مليون يورو. ويعد بين عمالقة تلك القائمة الفرنسي كليان أمبابي هو الحائز بالمركز الأول لأغلى لاعب في العالم بقيمة مائتي وتسعة وخمسين مليون يورو. وهذه القائمة تعتمد في بحثها على عدّة محاور تؤسس من خلالها لترسيخ السعر: منها عمر اللاعب، مركزه في الملعب ومستواه الحالي بالإضافة إلى عوامل أخرى منها اللياقة البدنية والسرعة ويجدر بالذكر أن ألفونسو يقارن بالعداء الجمايكي يوسن بوبلد وأنا أعتقد جازما إنه لو احترف ألعاب القوى والجري لكان من أوائل الفائزين بسباقات المئة أو مئتين متر.

ألفونسو عملاق أبكى البارسا وقائدها ميسي:

لم أشهد في حياتي مباراة بتلك الكثافة والديناميكيّة ولم أشهد مأتم يحدث للبارسا بهذه القوة والإثارة. لقد حلّق نجم ألفونسو فيها لا سيما في اللحظة التي رواغ فيها لاعبيّ فريق البارسا ذلك من منتصف الملعب إلى آخره ووصل دون لأي حتى المرمى وأثبت جدارة فائقة وتمكن خارق للعادة في اجتياز حواجز البارسا بكل أشكالها وألوانها وأعمارها ممررا في نهاية المطاف الكرة للاعب الألماني الشاب يوزوعا كيميش الذي ذكر معلقا على الهدف أنه خجل بشدة في طريقته التي أبدى فيها فرحه بالهدف. يقول: خجلت من نفسي ومن طريقتي في ابداء بهجتي بالهدف ولكن كان يجب عليّ ألا أفعل ذلك لأنه تسعة وتسعين بالمائة من فضل المبدع ألفونسو. ووجد هذا التعليق مدحا وإكبارا عظيما داخل الأوساط الرياضيّة الألمانية لما أبداه فيه من تواضع جمّ وحرفيّة فائقة للاعب شاب يقف بكلتا قدميه على أرض الواقع، دون عنجهية أو ترفع أو مكابرة.

حياة ألفونسو العاطفية مع ملكة جمال

ولاعبة كرّة قدم كنديّة:

تشارك ألفونسو فتاة كندية الحب والمحبة، تدعى جورجين هوتسمان وهي آية في الجمال كما أنها لاعبة كرة قدم تبلغ من العمر ١٩ ربيعا وتلعب حاليا في صفوف باريس سان جريمان الفرنسي كما وهي أيضا لاعبة وطنية في صفوف الفريق الكندي. ويحرص ألفونسو إلى استراق بعض اللحظات للسفر إليها في بلاد الجن والملائكة، يتعانقان في رحاب الجمال ويتشاركان الحرفة والحلم الذي يوحدهما ويجعلهما قلبا وقالبا. وبسبب السفر إلى صديقته المستمر وقد تسبب ذلك ذات يوم في تأخره عن حضور التمارين مع البافاري مما أجبر إدارة النادي بأن تغرّمه مبلغ عشرين ألف يورو بسبب عدم الحرفيّة والتخاذل. وقد قررا المحبين الزواج لكن في وقت لاحق إذ أنهما في الوقت الحالي مشغولين بتأسيس مستقبلهما وتوطيد الثقة في حقل المستديرة وإثبات نجاحهما عالميا. ولم يخف ديڤز رغبته الملحة في أن يجتمع مع صديقته في نادٍ واحد وهل يتردد بايرن ميونخ ورئيسه الشهير رومينقير أن يرفض لهذه الجوهرة طلب؟!

يظل ألفونسو مثالًا حيًّا لكل طموح وجهود تتطلع إلى الأفضل وأن الأحلام بالجِد والكد والمثابرة لابد لها أن تصبح يوما ما حقيقة لا مناص عنها. ونعيش كلنا يا سادتي الآن حقيقة ماثلة أمام أعيننا وبكل فرح واعتزاز سموق هذا النجم اللامع وارتقاء ذاك الطفل الذي ترك وطنه وأهله وعاش لاجئا يضرب بأرجله في بلاد الأرض الواسعة إلى أن نادى المنادي إيّاه أن الله عندما يقول لأمر كن فسوف يكون لا محالة. سبحان الله وإن لله في الناس شؤون ومن طلب العلا سهر الليالي ومن طلب اللؤلؤ خاض البحار وهكذا ألفونسو، الطارق، النجم الثاقب في سماء المستديرة!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق