سياسة

الحُرية نعمة عظيمة تستوجب الدفاع عنها حتى الموت

نضال عبد الوهاب

من الأشياء التي تستوقفني كثيراً هي الإصرار الكبير من (قوي الثورة المُضادة) والدول التي ترعاها للقضاء على أي مُحاولة للثورات نحو الحُرية في البلدان العربية و الأفريقية ومنطقة الشرق الأوسط. حدث هذا في كُل الدول التي حدثت بداخلها ثورات تجاه الحُرية والتخلص من الأنظمة المُستبدة والقمعية بها وإقامة أنظمة ديمُقراطية بها.

تُنفق قوى الثورة المُضادة هذه أموال طائلة و تُجند أجهزة مُخابراتها و أمنها الداخلي والخارجي وسفاراتها، وتقوم بزراعة وشراء العُملاء و الجواسيس من عديمي الضمير و رخيصي الذمم، وتُحيك وتُدبر في المؤامرات والدسائس، وتفعل كُل ما يخطُر على بال أو لا يخطُر لأجل هذا الهدف، وهو إفشال ثورات التحرر والحُرية هذه و إفشال أي نظام ديمُقراطي حقيقي، يحترم حقوق وكرامة الشعوب.

أُحاول كثيراً التفكير في هذا. و أسبابه. وكيفية التخلُص من شِراك الثورات المُضادة و أن تنجح ثورة الحُرية في بلادنا، بل و أن ينتقل نموذجها لكل الدول من حولنا، حتي تنعم كُل الشعوب بالحُرية والكرامة وتتنفس الديمُقراطية.

ليس هنالك أقسى من العبودية، وليس هُنالك أحقر من امتهان الكرامة، وليس هُنالك أتعس من الإحساس بالعجز في التعبير عن رأيك، أو الخوف من إستلابك حياتك أو سجنك أو تعذيبك وقتلك إن عبرت فقط عن الرأي أو الفكر، أو مارست حقك الطبيعي كإنسان في حُرية ما تعتقد. في بلادنا ما قبل الثورة ومنطقتنا و البلدان العربية وأفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط، بل والعديد من بلدان العالم التي لاتزال تحكمها الأنظمة القمعية وأنظمة الإستبداد، أو التي مرت بتجربة الإستبداد هذه عاشت وتعيش الشعوب وتحت ظل القهر والبطش من الأنظمة المُستبدة كاتمة الحُريات و مُهينة شعوبها في أوضاع مآساوية، الآف القصص كُل يوم تحكي وتقُص فظائع ما يتم لتلك الشعوب من الحاكمين الجلادين الطُغاة. قتل بلا رحمة، حرق، دفن أحياء، إخفاء، تعذيب، تقطيع أعضاء و أو صال، إغتصاب، سحل، سجن، إعتقال، مُعاملات غير إنسانية بالمرة. كُل هذا يحدث تحت سمع وبصر كُل العالم الحُر، وتوثقه شهادات الضحايا وسجلات حقوق الإنسان ومنظماتها المُنتشرة في كُل العالم، وخاصة لمن تخلصوا من العبودية و أقاموا أنظمة ديمُقراطية تحترم الحُرية والحُريات وكرامة الإنسان وتهتم بها.

تُريد قوى الشر المُستبدة التي تحتمي في أنظمة عسكرية أو إستبدادية ملكية كانت أم حكومات بيوت وأُسر وعائلات أن تستمر في سيطرتها وتحكُمّها في ثروات شعوبها وتتخذ من السُلطة سبيلاً لهذا.

لا بديل بالنسبة لهم للبقاء علي قمة السُلطة كُل الحياة وحتي الموت إلا بهذا الطريق الغير إنساني و الذي لا يمُت للأخلاق أو الأديان أو القوانين العادلة بأي صلة أو علاقة.

يبقى الحاكم المُستبد هو الآمر الناهي ولا يهُم الشعب أو كيف يحيا أو يختار، فالحُكام والأنظمة المُستبدة لا تُخير شعوبها بل هي من تختار لهم، وهي من تُحدد مصيرهم وتُقرر لهم.

تُطبق علي أنفاسهم وتُحصيها عليهم، وإن إستطاعت فإنها ستُحدد حتى ذرات الأوكسجين التي يُمكن أن يتنفسوها.

حكومات وحُكام برعوا في صناعة الموت و الخوف لشعوبهم. تُقرر عليهم قوائم طويلة من الممنوعات والمُحرمات. تُحول شعوبهم لكائنات مُستسلمة وخانعة.

مُستعدة لإبادة كُل شُعوبها فرداً فردا لتبقى هي وتحيا لتحكُم نفسها وبطانتها والمُستفيدين من الأندال و الضُعفاء والحقيرين فقط دون بقية الشعب الذي فليذهب إلي الجحيم طالما هُم فقط من يُقرر !.

ظاهرة الحُكام المُستبدين يجب أن تتوقف في كل العالم. لا يجب أن تستسلم الشعوب. ليس للشعوب أن تحفر قبرها بأيديها. فهي أقوى من كُل الجلاديّن.

ليس هُنالك أهمّ للشعوب من الحُرية والعيش بكرامة. ففي كُل الأحوال ستموت البشرية يوماً ما. لكن إذا كان لها من حياة تحياها فلتحياها بكرامة وفي حُرية. علمتنا الحياة في ظل أنظمة القهر أن لا شئ يعدل حُريتنا. وعندما خرجنا من بلادنا أوقات القهر نحو بلاد تؤمن بالحُريات وكرامة الإنسان شهدنا الفرق.

علمتنا الثورة في السُودان أن الحُرية هي غاية لا يجب التنازل عنها ودونها الموت. علمنا الشُهداء وكُل من ضحوا لإجلها أنها كم هي عظيمة هذه الحُرية التي ترخُص وتتضآل أمامها الحياة من أجل تصنع لغيرك طريقاً إليها.

لهذا نكتب بكُل الفخر أن الحُرية التي يعيشها بنات وأبناء السُودان نعمة عظيمة عمل لها شعبنا فأستحقها، و سيكون دونها موتنا جميعاً. سنُحافظ عليها. بل ونعمل لإن تكون في كُل العالم من حولنا كنموذج. هذه رسالتنا لقوى الثورة المُضادة التي لاتزال تتآمر كُل يوم علي ثورتنا وتتدخل في كُل شؤوننا الداخلية. لن يعود السُودان لعهُود الشمولية والإستبداد مهما فعلتم، بل سترتد الثورة إليكم و سيقوم من بين شعوبكم من يبحثون عن الحُرية والعيش بكرامة. فيا ثوار العالم وشعوبه الحُرة مارسوا حقكُم الطبيعي في نيل حُرياتكم. وليقف كُل الأحرار في كُل العالم مع ثورات الشعوب لكي ننعم جميعاً بالعيش في عالمٍ خالٍ من الإستبداد والمُستبدين والجلادين وقاهري الشعوب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق