سياسة

مناظير المدائن

مراجعة أسباب الفشل!

زهير السراج

* يواصل الكثير من المحترمين العقلاء الدعوة إلى وحدة الاحزاب والجماعات السياسية في كيان واحد للإطاحة بالسلطة الانقلابية وهو امر جيد ومفهوم، ومن المفهوم ايضا ان يكون للبعض تحفظات على الدعوة!

* المجموعات المتحفظة لديها نقاط مشروعة تبدأ بحقيقة أن الشعب السوداني أطاح بثلاث أنظمة استبدادية، ولكن في كل مرة انتهت التجربة بالفشل.

* الإخفاق في الحفاظ على الديمقراطية في حد ذاته لا يمكن أن يكون حجة ضد الوحدة في هذه اللحظة، ولكنه بالتأكيد يؤكد الحقيقة الصارخة المتمثلة في أن محاولات الإطاحة بالنظام يجب أن تقترن في نفس الوقت بالنقاش من اجل تدابير وضمانات للتأكد من استدامة الديمقراطية بعد سقوط النظام وحتى لا يتم اختطاف الثورة وتسقط السلطة مرة اخري في الأيدي الخطأ.

* قد يكون مقبولا ان تكون هنالك جهة ضيقة الأفق تجادل بأن علينا عدم التفكير في الماضي والمستقبل، والاكتفاء بتجميع كل طاقاتنا لتشكيل جبهة موحدة غير مشروطة من أجل اسقاط النظام، لكن من غير المقبول الاساءة للآخرين وتصويرهم على أنهم خونة يساعدون الانقلاب بعدم قبولهم لمشروع الوحدة.

* مما لا شك فيه ان لجنة المخلوع الأمنية وضعت كل أنواع العوائق أمام الحكم المدني، لكن هذا كان طبيعيًا ومتوقعًا للغاية، فمعظم الجنرالات في الدول النامية ينظرون الى المدنيين بريبة ويتحسسون مسدساتهم عند سماع كلمة الديمقراطية.

* من بين الاشكال العديدة لتكميم عقل الشعب النقدي وفرض فقدان الذاكرة وعمي التاريخ هو تصوير كل دعوة لفحص الممارسات السياسية خلال الثلاثين شهرًا الماضية على أنها تخوين أو تمرين على إلقاء اللوم من اجل المزايدة.

* قمع العقل النقدي واخراس النقاش بالتشكيك في دوافعه دون دليل، ممارسة سلطوية وصائبة مناهضة للفكر ومتواطئة مع الطبيعة المساومة التي تسم معظم الطبقة السياسية متدنية القدرات.

* لا يمكن للأمة أن تنجح إلا من خلال التركيز على الحاضر مصحوبا بالتطلع إلى الأمام والنظر على نحو ما وراء الأهداف الآنية المباشرة، ثم فحص التاريخ البعيد والاقرب لفهم ومواجهة جذور الفشل. وهذا يشمل وضع جميع المساهمين في التجارب الديمقراطية الفاشلة أمام محاكم الرأي العام وكتب التاريخ ليعرف شباب اليوم والغد مَن أهدر الثورات وكيف، حتى لا يتم خدعهم مرة اخري.

* يواصل الجنرالات منذ بكريات الاستقلال إراقة الدماء لأنهم لم يدفعوا ثمنا لموت روح واحدة، وفى نفس الوقت يعيد السياسيون الفشل ويضيعون الثورات لأنهم لم يدفعوا ثمنا للمساومات والخيانات في محكمة الرأي العام.

* تغييب التاريخ والنهى عن فحص سيرة الذين قادوا الوطن الي هذا المأزق، ممارسة مستمرة وغير مقبولة لفقه عفا الله عما سلف، وهو عفو مَن لا يملك لمن لا يستحق، والأصوات المرتفعة التي تسعي لحماية الممارسات السياسية خلال الثلاثين شهرًا الماضية من الفحص والتدقيق، وحماية الأفراد والجماعات الذين تسببوا في الفشل من محكمة الرأي (على سبيل المثال بتصوير كل نقد صحيح على أنه تخوين) هي جزء من المشكلة ولا شك انها متواطئة في تدوير الكارثة السياسية وإعادة انتاج الفشل.

* تضم قائمة الإخفاقات التي سرد بعضها الأستاذ (صديق الزيلعي) في مقالة بعنوان “يتحمل المكون المدني ومجلس الوزراء وقحت كل المسئولية عن أفعال البرهان”: الشراكة بين العسكر والمدنيين، الصياغة القانونية للوثيقة الدستورية، القبول بهيمنة العسكر على المنظومة الأمنية والسياسة الخارجية والتطبيع مع إسرائيل، ورفضهم لولاية وزارة المالية على شركات المنظومة العسكرية، وانتزاعهم لملف مفاوضات السلام، التلكؤ في محاكمات قادة النظام البائد عن الجرائم التي ارتكبوها وتكرار الحديث بان الشراكة بين العسكر والمدنيين متميزة ونموذج يحتذي به، مما اعتبره العسكر دعوة صريحة لهم للهيمنة على السلطة.

* الدعوة الي مراجعة أسباب الفشل امر لا بد منه للوصول الى تفاهم يفضى الى وحدة القوى السياسية والمدنية لإسقاط النظام الانقلابي، ولا يعنى التخوين” (انتهى)!

* كان ذلك بعض ما كتبه بروفيسور (معتصم الأقرع) وهو أمر جدير بالاحترام والنقاش للوصول الى الهدف المنشود.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق