سياسة

بعرض تنافسي عالمي..

المملكة المغربية ترفع تحدي الريادة الإفريقية والعالمية لإنتاج الهيدروجين الأخضر (النفط النظيف).

ـ عبدالعالي الطاهري.

كما كان منتظرًا، وبعد المسار المتميز الذي قطعته المملكة المغربية في تنزيل مقتضيات « الاستراتيجية الوطنية للطاقات المتجددة والتنمية المستدامة 2030 »، أعلنت الحكومة المغربية، الإثنين 11 مارس الجاري ، تحديد عقارات عمومية مهمة، تناهز مساحتها مليون هكتار (نحو 10 آلاف كيلومتر مربع)، ضمن إطار تفعيل “عرض المغرب” من أجل تطوير مشروعات الهيدروجين الأخضر، “وجعل المملكة فاعلا تنافسيا في هذا القطاع”. 
وذكر بلاغ لديوان رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أن “العرض يتألف من ستة أجزاء تتمثل في مجال تطبيق عرض المغرب؛ وتعبئة العقار لتنفيذ عرض المغرب؛ والبنيات التحتية الضرورية لتطوير قطاع الهيدروجين الأخضر؛ و الإجراءات والتدابير التحفيزية الواردة في عرض المغرب؛ وعملية انتقاء المستثمرين وإبرام عقود مع الدولة؛ وحكامة قطاع الهيدروجين الأخضر”. 
وأضاف البلاغ أن “الدولة قامت بتحديد عقارات عمومية مهمة تناهز مساحتها مليون هكتار، سيتم خلال المرحلة الأولى توفير 300 ألف هكتار لفائدة المستثمرين، ستوزع على قطع أرضية تتراوح مساحتها بين عشرة آلاف و30 ألف هكتار، وذلك وفق حجم المشاريع المرتقبة”. 
وأكد أن الدولة “تستهدف المستثمرين أو تجمعات المستثمرين الراغبين في إنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، سواء كان موجها للسوق الداخلية أو للتصدير أو لكليهما معا”. 
وأشار إلى أن ما يناهر 100 مستثمر وطني ودولي أعربوا عن اهتمامهم بإنتاج الهيدروجين الأخضر في المغرب. 
وتوقع البيان أن “يكون الهيدروجين الأخضر موجهًا أساسيًا للطاقة، وأحد المحفزات الرئيسية للانتقال الطاقي والنمو المستدام في المملكة”، معتبرا أن “هذا القطاع الناشئ سيشكل نقطة تحول بالنسبة للاقتصاد المغربي في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والتكنولوجية التي تحيط به”. 
وأوضح أن “عرض المغرب” ينطبق على المشروعات المندمجة بدءا من توليد الكهرباء من الطاقات المتجددة والتحليل الكهربائي، إلى تحويل الهيدروجين الأخضر، إلى الأمونياك والميثانول والوقود الاصطناعي، فضلا عن الخدمات اللوجستية ذات الصلة.

في سياق متصل..

منذ العام 2009، تاريخ إطلاق « الاستراتيجية الوطنية للطاقات المتجددة والتنمية المستدامة»، سعى المغرب وبخطوات حثيثة وجد مدروسة ليكون رائدا في مجال صناعة الهيدروجين الأخضر، بهدف تصديره إلى أوروبا فضلا عن استعماله لإنتاج الأسمدة. لكن هذا الطموح يواجه تحديات، أبرزها إيجاد عرض تنافسي بأقل كلفة ممكنة.
إلى ذلك، سبق وأن أكد جلالة الملك محمد السادس هذا الطموح معلنا أن الحكومة قد “أعدت مشروع عرض المغرب، في مجال الهيدروجين الأخضر ». ودعاها في خطابه السنوي بمناسبة ذكرى توليه العرش إلى “الإسراع بتنزيل (العرض)، بالجودة اللازمة، وبما يضمن تثمين المؤهلات التي تزخر بها البلاد، والاستجابة لمشاريع المستثمرين العالميين، في هذا المجال الواعد”.
وبحسب العديد من التقارير الدولية الصادرة عن مراكز ورمختبرات علمية رائدة عالميًا، فإن وقود الهيدروجين -الذي يمكن إنتاجه من الغاز الطبيعي أو الكتلة الحيوية أو الطاقة النووية- يُعدُّ وقودًا أخضر عندما تنفصل جزيئات الهيدروجين عن الماء باستخدام كهرباء مستمدة من مصادر طاقة متجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، التي لا تنتج انبعاثات كربونية. ويمكن أن يُستعمل كوقود للنقل أو في عدة صناعات مثل الصلب والإسمنت والصناعات الكيماوية.
لكن وقود الهيدروجين لا يزال في البدايات ولن ترى المشاريع الكبرى بشأنه النور إلا في أفق 3 إلى 5 أعوام، وفق مدير معهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات المتجددة سمير رشيدي.

ماذا عن التكلفة..؟

فضلا عن الجاذبية التي بات يحظى بها الهيدروجين الأخضر في سياق أزمة المناخ، يراهن المغرب على رصيده في إنتاج الكهرباء من الطاقات النظيفة.
فقد أطلقت الرباط منذ عام 2009 إستراتيجية لتنمية هذه الطاقات توفر حاليا نحو 39% من إنتاجه من الكهرباء، وتسعى إلى رفع هذا المعدل إلى 52% في عام 2030.
غير أن نسبة الطاقات النظيفة في مجموع الطاقة المستهلكة بالبلاد ما تزال في حدود 10% فقط حاليا.

وفضلا عن ذلك يواجه المغرب تحدي تقديم عرض تنافسي بأقل كلفة ممكنة، مقارنة مع منافسيه المحتملين مثل موريتانيا أو مصر.
والهدف ألا تتعدى كلفة الكيلوغرام الواحد من الهيدروجين الأخضر دولارين أو دولارا واحدا، بينما تقارب حاليا 4 إلى 5 دولارات، بحسب ما أوضح رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أحمد رضا الشامي يوليوز من العام 2023.
وتواجه المملكة المغربية تحدي إنشاء “منظومة لسلسلة قيم صناعية تبدأ بمحطات تحلية مياه البحر، وبنيات تخزين الكهرباء، وصولا إلى إيجاد حلول لإشكالية نقل وتسويق الهيدروجين الأخضر”.
في مقابل هذه التحديات، يمثل الهيدروجين الأخضر فرصة سانحة للمغرب لتعزيز مكانته في صناعة الأسمدة التي يعد من روادها عالميا بفضل احتياطيه الضخم من الفوسفاط.
لكنه يظل مرتهنًا بتقلبات أسعار مادة الأمونياك الضرورية لهذه الصناعة حيث يعد أول مستورد لها في العالم.
ويوفر الهيدروجين الأخضر إمكانية التخلص من هذا العبء حيث يمكن استعماله لإنتاج أمونياك أخضر بإضافة الآزوت.

وفي ذات الإطار أعلن عملاق الفوسفاط المغربي “المكتب الشريف للفوسفاط” نهاية العام 2023 عن مشروع لإنتاج مليون طن من الأمونياك الأخضر في عام 2027، و3.2 ملايين طن في 2032، وهو ما من شأنه رفع إنتاجه من الأسمدة من 12 مليون طن سنويًا حاليا إلى 20 مليونا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق