سلايدرسياسة

السلفيون الوهابيون … طامة ضربت هذه الأمة!

عبد الحميد اليوسفي

من أغرب ما رأيت وسمعت لدى أهل اللِّحِيّ الكثّة والعمامات الفارهة.. ما أتى به أحدهم في الآونة الأخيرة على شاشة إحدى قنواتهم التواصلية التي يصعب عدّها.

قال وبطنُه يُنافس صدرَه في التسلق إلى أعلى والتزحلق إلى الأمام بغير حرج:

“إنهم (يعني جمهور الفقهاء) يقولون بوجوب الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم قبل البسملة عند الشروع في تلاوة القرآن الكريم… إنهم يريدون أن يربّوا أجيالنا على البدء بذكر الشيطان قبل ذكر الرحمن…

وإن هذا لَحرام وكُفر.. لأنه يريدنا أن نبدأ بتسمية إبليس قبل قول بسم الله الرحمن الرحيم والشروع في القراءة…

إنهم يريدون تنشئة أبناء هذه الأمة على عبادة الشيطان”… وكلام آخر من هذا القبيل!!!

يا ألهي … أي عقل هذا وأي منطق؟!

هل يفكر هذا السلفي وأمثاله بالعقل فعلا باستعمال وظائف الدماغ.. أم تُراهم يستعملون في ذلك وظائف أعضاء أخرى من أجسادهم.. البدينة في العادة دلالة على الشَّرَه والنَّهَم مع التمرّغ في النِّعَم؟!

هل يفكرون مثلا بأسافل تلك الأبدان؟! أم هو التفكير باللحي الكثة ذاتها.. بدليل تنافسهم وتفنّنم في جعلها أكثر طولا وكثافة وأقل تهذيبا ونقاءً وأناقة.. ربما لأن الأناقة هي الأخرى في عرفهم حرام؟!!

ثم إنهم بهذا المشهد الكثّ والفجّ لم ينسجوا على منوال السنة كما يدّعون وإنما نقلوا نقلا حرفيا عن شيوخ الفُرس القدامى وهم يعلمون أن الرسول (إذا كان الحديث الوارد حول اللحية صحيحا) نصح بحفّ اللحى وليس بإطلاقها على عواهنها بتلك الصورة الفجة والمقززة.. 

ثم قبل هذا وبعده.. من منحهم سلطة “التحريم”.. مع العلم بأنها “سلطة ربانية” لم يجرؤ على الاقتراب منها أي نبي أو رسول وإلا تعرض للمساءلة والتأنيب.. كما ورد في آيات بيِّنات غير قليلة يسأل الحق سبحانه فيها مرسَليه “لِمَ تحرمون ما أحل الله”.. وقد ورد هذا السؤال المؤنِّب والمؤدِّب في مواطن قرآنية كثيرة..

ومع العلم.. كذلك.. بأن الأنبياء والرسل إنما يبلّغون ما أوحي إليهم من التحليل والتحريم.. وأنهم إذا اجترحوا أحكاما أو قواعد عدا ذلك فإنما يفعلون هذا في نطاق “تنظيم الحلال” حتى لا يزيغ به أحد من أقوامهم عن الجادة فيصير ظلما للعباد.. كما أنهم كانوا يفعلون ذلك داخل إطاره التاريخي والمجتمعي البعيد جدا عن عصرنا وقضايانا!!!

ثم أيضا.. ألم ينتبه هذا السلفي إلى أن الاستعاذة ذاتها من الشيطان لا تكون إلا مسبوقةً بذكر الله السميع العليم (أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم) أليست هذه هي الصيغة التي دلّنا القرآن عليها مصداقا لقول الله تعالى: “وإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم”؟!

وبالمناسبة.. فشرحهم لهذه الآية أرادوه أن يعزز موقفهم المذكور فقالوا إن الاستعاذة ينبغي أن تكون بعد الانتهاء من التلاوة.. وأن ذلك ما رمت إليه تلك الآية بدليل ورود “الاستعاذة” بعد “القراءة” في منطوق الآية ذاتها.. وحتى يدعموا هذا الطرح الغريب.. قالوا إن الشيطان لا يتدخل إلا بعد قراءة القرآن ليمنع العبد من العمل بما جاء فيه من الأوامر والنواهي.. وأصرّوا على هذا التبرير المضحك وهم يعلمون.. كما نحن جميعا.. بأن الشيطان يتربص بقارئ القرآن منذ بدء التلاوة ليمنعه من تدبّر معاني الآيات ويسرح بفكره بعيدا.. وقد تستكين له وتساعده في ذلك نفس أمًارةٌ تسير وراءه بعمًى ظاهر.. إذا لم تمنعها من ذلك نظيرتها اللوّامة أو المطمئنة.. بطبيعة التكوين الثلاثي للكيان النفسي الإنساني (مطمئنة ولوّامة وأمّارة بالسوء)!!!

نهايته.. هذه طامة كبرى أصيب بها الفكر الديني عند المسلمين.. ولو سنحت الظروف لهؤلاء لفعلوا تماما مثل ما كان يفعله كهنوت العصور الأوروبية المظلمة … ولفتحوا بدورهم دكاكين أو مواقع عبر النت لبيع “صكوك الغفران”.. و”تذاكر إلى واسع الجِنان”.. والعبرة بما سيأتي فيما بقي من هذا الزمان … و”المَيّة تكذّب الغطاس” كما يقول إخوانٌ لنا في أرض الكنانة!!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق