آراء

الكورونا بالكورونا والإنسان بالإنسان

عاصم البلال الطيب

البطولة الراعبة

لازالت جائحة كورونا كوفيد ١٩ سيدة مسارح الحياة البشرية غنيها وفقيرها، متقدمها ومتخلفها، حولت الجرثومة متناهية الصغر جموع البشر لمتلقين لعروضها الحصرية التي سخرت كل وسائل الإعلام تقليديها وحديثها لمنصات تضخ إعلانات عروضها القوية المثيرة لكل شئ الجدل والمغالطة والتوجس والظنون والمخاوف. كوفيد ١٩ المتناهي الصغر يقدم نموذجا غير مسبوق لمسرحية وعرض البطل الواحد، البطل ذات الخواص الانشطارية التي تترعرع أثناء العرض وسط انشداه الجمهور الذي يتفاجأ ببروز عدة شخصيات للبطل أيها جدير بالقيام بدور البطولة الراعبة.

العدوى الإرهابية

لم تعد مخاطر العدوى قاصرة على المخاوف الشخصية الذاتية من الإصابة متعدية لما هو أفدح من التباعد الاجتماعي، الحرمان من قيمة ومعنى وقوف الأقربين لجوار المصاب لعظم مصاب المرض بالكورونا، فإصابة فرد واحد فى الأسرة يفضى لحالة تباعد أقصى وأقسى لم يخطر ببال أحدنا الاستعداد للتعامل معه، شهدنا وعايشنا فواصل مأساوية لم تخطر ببالنا، حرمنا كوفيد ١٩ البطل الراعب المستجد بأسنان من الوقوف إلى جانب أعزاء فى عز محنتهم ومن مرافقة جثامينهم حتي مواراتها الثرى والكوفيد ١٩ يختبأ تحت أكفان الموت وداخل توابيته، يمضى الجثمان إلي هناك وحيدا فيدفن علميا وليس كما هو المتعارف إنسانيا، تتجلى الإنسانية فى مهنية من يرتضون القيام بأعباء بالإنابة عن البشر، الجيش الأبيض نال حظه ولم ينله كله تحية واحتراما حتى قيام الساعة.

فضائيو الأرض

جائحة كورونا كوفيد ١٩ لفتت الانتباه لأبطال مخفيين، الجيش الشرعي العدلي، أبطاله يظهرون فى مسرح المأساة كما رواد الفضاء وخلسة يقوم عن بعد بتصويرهم أحدنا بينما هم يهمون بمواراة ضحية كورونا كوفيد ١٩ الثرى ومن قبل عكفوا على تجهيز الجثمان غسلا وتطييبا بمعايير مهنية مهما كانت درجات الحيطة والحذر من العلو بمكان، فإن العدوي بالكورونا واردة لكنهم يقومون بالمخاطرة بدواعي الإنسانية وقيمها التي أعلت من شأنها التعامل مع هذه الجائحة التى كشفت ومسرحيتها لازالت مستمرة ان الإنسان للإنسان نفع في مواضع وضر فى أخرى. وما حياتنا الدنيا إلا إنسان بإنسان.

كورونا كوميدي

تراجيديا صراع الكورونا لم تخل من كوميديا سوداء سواد جائحتها التي اطارت عقولا واطاحت رقابا، قمة التراجيكومدي الكورونا تتجلى في ذروة سنام الاتهامات بين العاصمتين الصينية والامريكية، بكين تصف ردود فعل واشنطن بالجنون، سوداني استبدت به المخاوف من الإصابة بالكورونا فتناول عرقيا خمرة بلدية ولعبت السكرة برأسه، استقل مركبة عامة مقاعدها على بكرة أبيها مقعودة، فارتكز في جدارية البص الخلفية كما حدثني راكب ولسان حاله لم يتوقف كل الرحلة: كورونا بالمكرونة.

كورونا للتأمل

عجلة الحياة لم تكف عن الدوران بقوة دفع رباعي، كل من يلتقيك فهو على عجل، صغيرا لما كنت، تستوقفني بلا فهم دندنات مغنيين ومغنيات يرددن « قبلتها تسعة وتسعين وواحدة على عجل » ومنتهى أن هذه الواحدة كانت على مهل، وحال كورونا كوفيد١٩ تصيبن تسعة وتسعين على عجالى وبلا أعراض بينما تصيبن واحدا أو واحدة بتؤدة فترديه قتيلا، فيظن الناجون حتى حين أن هذه ملاطفة كورونية ففي غفلتهم يستهترون وينسون أن هذه الكورونا وإن نجوا منها ومن فتكها بالجسم عضوا عضوا، فلن ينجون من مصابها الاقتصادي الوجيع الذي يهز عرش إدارة ترمب، فصاحبنا السكران الذى استغل المركبة العامة مهجوسا بالكورونا هو الأكثر وعيا بمخاطرها وقد كان طوال الرحلة بمثابة نشرة توعوية لغافلين يتخالطون غير آبهين بمخاطر كورونا الصحية والاقتصادية والاجتماعية، فبالله عليكم استهتروا بكورونا تسعة َتسعين علي عجل وانتبهوا مرة واحدة فضلا علي مهل لتستبينوا خطر جائحة أطلقت إنذارا شديدة اللهجة سمعه حتى من بهم صمم، فالجائحة نذير لجوائح قادمات، استفيدوا يرحمكم الله من كورونا جائحة عصرنا لأجل عصاري القادمين والقادمات تحاشيا للمشي على سكة غاصة بأشلاء المستهترين المتناسين ان الروح يفنيها ويعدمها غير المرئي ككوفيد ١٩ المتناهي الصغر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق