ثقافة وفن

ذكرى ميلاد: نور الهدى … صوت باقٍ في تاريخ الطرب

تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها في محاولة لإضاءة جوانب من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية. تصادف اليوم، الرابع والعشرين من ديسمبر/ كانون الأول، ذكرى ميلاد المطربة اللبنانية نور الهدى (1924 – 1998).

خلال عشر سنوات؛ فترة إقامتها في مصر، قدّمت نور الهدى معظم أغانيها التي منحتها شهرة واسعة وحضوراً مؤثراً في عالم الطرب والتمثيل، لتضطر بعدها للعودة إلى لبنان وتتوقف عن العمل بعد عدّة محاولات فاشلة، ثم تدخل عزلتها الطويلة حتى رحيلها.

تعلّقت ألكسندرا نقولا بدران (1924 – 1998) المولودة في مدينة مرسين بتركيا، بالطرب منذ أن كانت طفلة تستمع إلى والدها يؤدي المواويل والموشّحات لكنه يرفض أن تقلّده ابنته، وتنصت أيضاً إلى صوت محمد عبد الوهاب عبر الغرامافون من بيت الجيران، حتى بدأت تدريبها أصول الغناء سرّاً دون معرفة أبيها على يد الملحن خالد أبو النصر.

واصلت نور الهدى الغناء في الحفلات المدرسية، قبل أن تقف على الخشبة في “سينما كريستال” ببيروت وتغني وهي في العاشرة من عمرها بدعم من زوج عمّتها، ورغم معارضة والدها الشديدة إلا أنه وافق في النهاية على احترافها الفن، حيث بدأت بتقديم أغانيها المستمدّة من التراث الريفي لبلاد الشام على مسارح سورية ولبنان.

وفي إحدى جولاتها بمدينة حلب مطلع الأربعينيات، التقت هناك بالفنان المصري يوسف وهبي الذي أعجب بصوتها وأدائها، كما يروي أسعد مخول في كتابه كتاب “نور الهدى: من الأرز إلى الهرم”، فاقترح عليها عقداً لمدة خمس سنوات مقابل 150 جنيهاً لكل فيلم، ووعدها بتأمين تأشيرة الدخول إلى مصر بعد ثلاثة شهور، وقد تولّى والدها التوقيع على العقد.

اختار وهبي اسم “نور الهدى” بعد تشاوره مع عدد من الفنانين منهم أحمد بدرخان ومحمد كريم، وقدّمها لتمثّل في أول أفلامها “جوهرة” (1943)، وهو من تأليفه وإخراجه وبطولته، حيث أدى وهبي دور ملحن دفعته خيانة حبيبته إلى التفكير بالانتحار الذي سيتراجع عنه بعد ان يستمع إلى صوت المطربة جوهرة التي ستؤدي نور الهدى دورها.

نجاح العمل الأول أتبعه قيامها ببطولة فيلمها الثاني “برلنتي” (1944) من تأليف وإخراج وهبي أيضاً، والذي كتب كلمات أغانيه بيرم التونسي، ومنها “جمال الليل يزيد الميل”، و”فؤادي غاير”، و”نوحي يا عين نوحي”، و”آه يا حبيبي”، وغيرها. وسيختارها نيازي مصطفى عام 1945 في فيلم “مدموزيل بوسة”، ثم يقدّمها أحمد جلال لتقاسم محسن سرحان بطولة فيلم “أميرة الأحلام” (1945) حيث ستؤدي شخصيتين؛ لأميرة ولبائعة خضار، كما شاركت محمد فوزي في فيلم “مجد ودموع” (1946) لأحمد بدرخان.

أحد أبرز ادوارها كان في فيلم “لست ملاكاً” عام 1946 من بطولة محمد عبد الوهاب وإخراج محمد كريم، حيث قدّمت دور فتاة كفيفة، ثم تتالت أعمالها السينمائية مثل “غدر وعذاب” لـ حسين صدقي، و”المنتقم” لـ صلاح أبو سيف، و”المستقبل المجهول” لـ أحمد سالم، و”نرجس” لـ عبد الفتاح حسن، وصولاً إلى فيلم “حكم قراقوش” لـ فطين عبد الوهاب عام 1953، حيث تركت القاهرة وعادت إلى لبنان.

تشير روايات عدّة إلى أن مغادرة مصر كانت بسبب التضييقات التي بدأت تواجهها كمغنية لا تحمل الجنسية المصرية، فمنعت من الغناء في الحفلات، وسُمح لها بتقديم فيلمين في العام الواحد فقط، كما أن رسالتها التي وجّهتها للسلطات تمّ تجاهلها عبر الصحافة، ويعلّل البعض ذلك بسبب لهجتها الغاضبة واعتبارها أن ذلك يتنافى مع روح ثورة يوليو/ تموز 1952.

لم تنل أعمالها السينمائية والتلفزيونية والإذاعية في لبنان بعد ذلك نجاحاً يوازي ما حقّقته في القاهرة، خاصة أنها عادت في فترة كانت المنافسة صعبة مع أسماء مثل فيروز ووديع الصافي ونجاح سلام وصباح، وتدهوّرت أحوالها المادية بشكل كبير، ما سبّب لها كآبة شديدة قادتها إلى العزلة.

(العربي الجديد)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق