آراء

هل يجب أن نثق في اختبارات الكورونا؟

د. علي عفيفي

منذ انتشر مرض كورونا المستجد 2019 (كوفيد-19) والخوف والشك يسيطر على الجميع، فمن منا لم ينتابه الذعر بمجرد أن ظهرت عليه –أو على أحد أفراد أسرته- أحد أعراض المرض المعروفة؟ ولكن تلك الأعراض قد لا تكون خطيرة على الإطلاق، فمسببات السعال والحمى والإرهاق كثيرة وليس بالضرورة أن تكون علامة على الإصابة بالمرض الخطير. هنا تأتي اختبارات الكشف عن فيروس الكورونا لتقطع الشك باليقين، فإما تبث الطمأنينة في قلوبنا أو تخبرنا بضرورة الحصول على المساعدة الطبية.

تنقسم اختبارات الكشف عن فيروس الكورونا إلى قسمين، القسم الأول هو اختبارات الأجسام المضادة، وتعتمد على أخذ عينة من الدم وتحليلها لمحاولة الكشف عن الأجسام المضادة التي يكونها الجهاز المناعي عند الإصابة بالفيروس. هذه الأجسام المضادة تظل في الدم حتى بعد الشفاء من المرض، وبالتالي فهذا النوع من الاختبارات لا يخبرنا إذا ما كان الشخص مصاباً بفيروس الكورونا في الوقت الحالي أم لا، ولكنه يخبرنا فقط إذا ما كان الشخص قد أصيب بالفيروس في أي وقت سابق. إضافة إلى ذلك، قد يأخذ الجسم وقتاً طويلاً ليكون أجساماً مضادة لفيروس الكورونا (1-3 أسابيع)، وبالتالي فنتيجة اختبار الأجسام المضادة قد تأتي سلبية عندما يكون الشخص حديث الإصابة بالفيروس1. على الجانب الآخر، قد ينتج الجسم تلك الأجسام المضادة نتيجة الإصابة بفيروس آخر من نفس عائلة الفيروسات مثل الفيروس المسبب للبرد، وبالتالي فقد تأتي العينة إيجابية عندما يكون الشخص مصاباً بالبرد العادي1.

ولهذه الأسباب تزداد الثقة في النوع الثاني من الاختبارات، وهو الاختبار الذي يكشف عن الفيروس نفسه وليس الأجسام المضادة التي ينتجها الجسم. يعتمد هذا الاختبار على أخذ مسحات عن طريق الأنف وتحليلها باستخدام تقنية ال PCR ولذلك يطلق على هذا الاختبار اسم اختبار ال PCR أو اختبار مسحة الأنف. ولكن هل هذا الاختبار دقيق بالفعل؟ ليس بالضرورة، فقد أثبتت الدراسات الحديثة أن دقة هذا الاختبار تعتمد على التوقيت الذي أخذت فيه المسحة.

في دراسة نشرت بمجلة Annals of Internal Medicine قام الباحثون بجامعة جونز هوبكنز بدراسة احتمالات فشل اختبار مسحة الأنف في الكشف عن الإصابة الموجودة بالفعل، فوجدوا أن احتمالات أن تأتي النتيجة سلبية تصل إلى 100% في اليوم الأول من الإصابة مما يعني أن اختبار مسحة الأنف لا يستطيع الكشف عن الفيروس في اليوم الأول على الإطلاق. بمرور الوقت، تقل تلك النسبة تدريجياً فتصل إلى 67% في اليوم الرابع (قبل ظهور الأعراض)، مما يعني أن 67% من النتائج قد تأتي سلبية رغم مرور 4 أيام على حدوث الإصابة. في اليوم الخامس (أول أيام ظهور الأعراض) يصبح الاختبار أكثر دقة، فتقل نسبة الفشل في اكتشاف الفيروس إلى 38%. بعد ذلك تصل نسبة الفشل في اكتشاف الفيروس إلى أقل مستوياتها في اليوم الثامن (20%)، ثم تبدأ في الزيادة مرة أخرى لتصل إلى 66% في اليوم ال 21 من الإصابة2.

ماذا يعني كل ذلك؟ يعني أن اختبار مسحة الأنف ليس بالدقة التي يتصورها البعض، وأن هناك احتمالات كبيرة للخطأ. الشيء الإيجابي في هذا الأمر هو أن نسبة الخطأ تصل إلى أقل مستوياتها في الوقت الذي تزيد فيه الأعراض (اليوم الثامن)، وهو الوقت الذي يلجأ فيه المصاب إلى إجراء الاختبار في العادة. ولذلك، فاختبار مسحة الأنف سيظل هو الوسيلة الأكثر دقة في الكشف عن الإصابة بفيروس الكورونا، نحتاج فقط للتعامل مع نتائجه بقليل من الشك، فقد يساعد ذلك على إنقاذ المحيطين بنا من العدوى.

مصادر

• Center for Disease Control and Prevention:

https://www.cdc.gov/coronavirus/2019-ncov/index.html

• Kucirka LM, Lauer SA, Laeyendecker O, Boon D, Lessler J. Variation in False-Negative Rate of Reverse Transcriptase Polymerase Chain Reaction-Based SARS-CoV-2 Tests by Time Since Exposure. Annals of Internal Medicine 173(4):262-267 (2020). doi.org/10.7326/M20-1495

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق