آراء

أجراس المدائن

بعيداً عن أجواء ماراثونية بايدن وترمب في الانتخابات الأمريكية الرئاسية

الإماراتيون يخططون لخمسين سنة قادمة بفكر ملهمهم الأول في قرنين

عاصم البلال الطيب

ليلة راقية

قضيت ولفيف من الإعلاميين والدبلوماسيين والسياسيين ورموز مجتمعية ليلة شتائية لا زالت دافئة، ليلة بعيداً عن أجواء الإنتخابات الأمريكية والانشغال بها سودانياً وبتنا لا أيادٍ لنا فيها ولا أكرع مقطورة في ترلة الامريكان تتقاذفنا بجرائر الإخوان وتتحمدنا بفعال رفاق من غير وفاق! ليلة كانت زاهية بخصلة عربيدة من غير أذية وسوء، فى راقى جنوب الخرطوم، خصلة جميلة كتلك العربيدة  في الجبين، مقر إقامة سفير دولة  بل دول الإمارات العربية المتحدة بالخرطوم، مقر، الصعاب يتحدى، و أجواء الأزمات ويضرب فى مقاتل معاقل أمهات المصائب والجائحات، ينير سماء جنوب الخرطوم في كل المناسبات وللسودانية قبل الإماراتية هناك مسرح منصوب ووتر مشدود  لأجمل معازف وألحان وأشجان للتغني بالإنسان وعظمته وقدرته على الابتكار والابتداع والابتناء بالتخطيط والرؤى البعيدة والعميقة المعاشة واقعاً بين الناس، لا شيء في عرس داخل هذا المقر يدعوك للنظر للوراء، البناية سودانية لكنها ليست ككل البنايات وإن رقّتْ طفْطفتُها، مسحة إماراتية تجملها تسر المحبين وتغيظ حسدا الغائرين، حمد محمد الجنيبى سفير ثابته متغيره سعياً وراء الأفضل، عريس كل مناسبة عروسها إماراتية يزينها بالسودانية  وسودانية يجملها يكملها بالإماراتية وجرتقه تخضيب بالإنسانية الأعوام إماراتيا لا تمر هكذا هدرا، عيد ميلاد الدولة الشامة حصة خيال خصيب لواقع عظيم، قبل خمسين سنة كانت دول الإمارات العربية المتحدة نطفة وبويضة تتخصبان في رحم فكر وخيال الممكن وجل المستحيل، رجل الإمارات المؤسس والموحد الأول الشيخ زايد، العقل المفكر والمخطط لمجسم بحجم دول جمعها بوتقتها في دولة واحدة بخلطة ووصفة سحرية تكفل الخصوصية وتفضى للوحدوية، دول الإمارات العربية المتحدة الحالية، صورها العلامات الفارقات، ملتقطة بعدستي عيون الشيخ زايد ومحمضة في عقله بتقنية فطرية سحرية قابلة للطبع توالياً سنة بعد أخرى صوراً ملهمة لعياله واحفاده الذين نحت بأظافره الصخر لأجلهم وغرس فيهم حب إماراتهم بفهم متقدم يطال معه خيرهم الوفير الإنسانية فى كل نجع وصقع، لو أن تقنية تتوصل لها البشرية لتحميض وطبع الصور الذهنية والرؤى والخيالات الإنسانية، لكانت دول الإمارات العربية المتحدة العصرية نموذجاً، الصورة المخزنة في عقلية وذهنية الشيخ زايد التي التقطها بعد تجوال في أنحائها ونجوعها متأبطاً عصاه يستريح بعدها فى قمة جبل العين بعد استجمام لدى سفحه بمغتسل دافئ و بارد وشراب، يفوكس عدسته وبزومها يلتقط صوراً للأخيلة الممكنة التنفيذ تتجلى وتتبختر فى برج خليفة تحدياً وتحفيزاً للآخرين الذين لم يهمل وجودهم شركاء، الشيخ زايد، لم يضع وقتاً ويهدر طاقة ولم يملأ قلبه بغضاً وحسداً بل تسامحاً ومحبةً وقد أيقن أن خير إماراته المكنون استخراجه رهين بالاستعانة بالجميع وكان للسودانيين حظ ونصيب وقدح معلى فى قلب الشيخ زايد مستعيناً بهم ولم يخيبوا ظنه وكانوا نعم الشركاء فى بناء دول الإمارات العربية المتحدة ووضع المخططات والتصورات الملهمة حتى عامنا هذا لما هو آت خلال نصف قرن من الزمان، عتاة دول العالم الأول تتخذ من دولة الإمارات العربية ونهضتها ورؤى قادتها بوصلات للوجهات الصحيحة وباتفاق جامع بين كافة المهتمين، أرسى الشيخ زايد حجر دول الإمارات العربية المتحدة قبل خمسين سنة من حيث انتهى الآخرون اللاهثون وراء هذه الرؤى المتقدمة المغيظة لغير القادرين على فعل التمام، علم الشيخ زايد عياله واحفاده، ضرورة النظر بعد خطوتهم الاولى للثانية دون قفز للثالثة مهما أوتوا  بلا زانة من قوة وقدرة، سمعوا النصيحة وطوروها بالعلم وقد ابتدر الشيخ زايد بناء دولتهم وحض أبناءها باقرأوا وقد فعلوا وليس بينهم من جاهل من نصف قرن مضى وهم في قرن حالي يخطونه سنة بسنة برؤية جديدة ، يمضون على مهل فيبلغون الهدف على عجل.

ليلة الخمسين

منذ حلول السفير حمد محمد الجنيبى بيننا ممثلا للإمارتين قيادة وشعباً، نتلقى فى كل عام محاضرة إماراتية بالتوقف لدى حصاد ومنتوج عام مضى ولاستشراف القادم برؤية تحت عنونة محددة، خصلاتها عربيدات فوق الخيال بلوغاً للممكن من المحال، عرس إماراتي سنوي يقيمه السفير المتسودن حمد محمد الجنيبى بمقر إقامته يختار مدعويها بعناية دالة على الشمول رامزة لتوسعة مواعين العلاقات الإنسانية الإماراتية السودانية والسودانية الإماراتية مع الكل وفى العرس الإماراتي السنوي الوطني بمقر السفير  يلتقى العالم بالخرطوم بأهلها وممثلي البعثات الدبلوماسية ويتوجه صوب قبلة واحدة حاضرها الغائب  الأبرز والأظهر من كل حاضر الشيخ زايد، العرس الوطني الإماراتي عروسته فى كل سنة حسناء كسالفتها، فقريباً وليس بعيدا فى السنتين الماضيتين كانت السماحة والتسامح عروس ذكرى تأسيس الدول الموحدة المتبوقة إمارة لكل الدنيا والعالمين تسع الجميع وتطلب المزيد ثم تلتها في العام الذى بعدها عروساً الإنسانية بثوب إماراتي قشيب يلبسه الجنيبى بأياد ممدودة وقلوب بالمحبة مشروعة لكل المدعوين، مئات الجنسيات تعيش بدرجة مواطن هناك، ولو بعمق نظرنا، فإن التجنيس ربما يوماً تقام له بعد دراسات إستراتيجية مؤسسة بأشراط إماراتية سر الوصول للقمة والبقاء فيها، فبالكثرة الشعوبية النوعية تعظم الأمم وتشمخ لتصبح يوماً في قائمة دول العالم الأول، عش هناك بالأخلاق والقيم الأصيلة فانت مواطن بها لا تنقص من قدرك ورقة ولو كانت وثيقة فخيمة، حقوقك مكفولة و بالقانون مردودة وإن تنازعك فيها إماراتي بلا وجه حق، ينفذون القانون غير سامعين لاستجداء الآمهات لأبناء عاقين، شاركنا السفير الاستثنائي ليلة ليلاء بمقر إقامته ليلة الخميس ونحن فى خواتيم العام عشرين ملماً أطرافه وليته معها يلملم ما يمكث من أحزانه واتراحه وجائحته، جائحة القرن كورونا و دونها مصائبه هذه وتلك، العام عشرين عشرين يصادف الذكرى الخمسين لوضع الشيخ زايد لبنات التأسيس لدول الإمارات العربية المتحدة، خمسين سنة تدرس منهجاً فى الجامعات والمعاهد عن كيفية بناء الأوطان براغماتيا، عملانياً، منذ لدن الشيخ زايد تُضع الرؤى والبرامج بتصورات محددة لكنها ليست مقدسة، التصورات القابلة للتموضع في ارض الواقع تنفذ غض الطرف  عن لبنتها التصورية الأولى والتي تستعصى تطور وتذلل عقباتها ومن ثم يتم تطويعها مع الواقع لتكون قابلة للتنفيذ، منتهى العلمية والعملية الفطرية التي وضع طوباتها الشيخ زايد محبكم، محبكم انتم السودانيون من أوصى عياله من بعده بإرسال امثلهم للسودان

حليب اليوم التالي

فها هو الجنيبى بيننا مثالاً يؤدى عمله بمهنية نموذج، مهنية لم تتأثر بعهدين متناقضان متضادان عاصرهما، شمولية إخوانية وديمقراطية ثورية شعبوية تتخلق، دبلوماسية الإمارات سودانياً منحازة للناس وسفيرها يتقدم بتوجيهات القيادة وبمحبته لكم الصفوف يخوض معكم الصعاب وقضى بينكم ايام المخاض الثوري الصعب دعماً وسنداً، كان شريكاً سودانياً لتتحقق آمالكم الثورية وسعى حمامة وصل وتصالح بين مكونات الثورة المدنية والعسكرية كاسباً ثقة الطرفين ،كل ذلك دون تدخل سمج بل سمح، ولما حلت بنا والعالم جائحة كورونا كانت إماراته سباقة لخدمة الإنسانية والسودانية بفهم عميق لوقاية وحماية الإماراتية، اقتحم الإماراتيون عش دبابير كورونا في ووهان الصينية معقل كوفيد١٩ اللئيم وأجلت اسرنا من هناك وطلابنا لمدينة أبوظبي الطبية  للعلاج والحجر الصحي واعادتهم لنا صاغاً صحياً سليماً وسفيرهم الجنيبى أكثر من ارتدى ايام الإغلاق الشامل الله لا اعاده، الكمامة وقلوفزات الوقاية والحماية مستقبلاً قوافل المعينات الطبية والصحية لمكافحة وعلاج ضحايا الجائحة التي لا زالت فينا طائحة وبلغت حتى سور إمامنا الصادق ولدغته وهو الآن يستشفى وآخرون بمدينة أبوظبي الطبية، وذات السيناريو تكرر إماراتيا لدى وقوع مصاب الفيضان، خاض الإماراتيون وكنت معهم من الخائضين تشبهاً عرض مياه الفيضانات لتقديم العون والمساعدات الضرورية لبنى سودان فى العاصمة والولايات، فلذا أعراس السفير الجنيبى بمقر إقامته محضورة وفيها تلتقى من لا تلاقيه إلا بين الإماراتيين، حشد السفير الجنيبى في ذكرى العيد الوطني والتأسيس الخمسين للإمارات العربية المتحدة كل السودانيين الخبيرين بالشأن الإماراتي متحدثين عن تجاربهم في بناء الدولة، السفير الجنيبى لهم ممنون، عروس الذكرى الخمسين اختارها الإماراتيون بما يشف عن بعد نظرهم، بديعة كانت عنونة العرس الوطني في مقر إقامة ابن السودانيين والإمارتيين السفير الجنيبى براقى حنوب الخرطوم ،الإمارات في الخمسين سنة المقبلة بحول الله وما ينبغي عليه تكون ويا حي يا قيوم، يخططون غير معنيين، في تلك الليلة نسينا الإنتخابات الامريكية لولا مداخلة هاتفية تلفزيونية حولها من إحدى قضائيتنا تلقيتها وانسحبت لداخل صالون المقر ثم عاودت بعد انتهائها متعلماً كيف تبنى الدول غير رهينة بايدن وترمب، يفكرون لخمسين سنة لأجل القادمين بينما كنت ومن حولي نتابع مبهورين محسورين، نفكر في توفير حليب اليوم التالي وارطاله أسعارها تتفاقم، التحية للسفير الجنيبى ممثلا لدولة عظمى محسودة لكنها غير آبهة، الجنيبى يحب السودانيين حباً لا يخفيه ويبدو جلياً لزواره في مناسبات سفارة إماراته المختلفة، يخدمهم حافياً حاسراً ولو بدا منتعلا إماراتياً ومتشولاً، مصطفى يوسف إعلامي سوداني نبيه مهاجر مضطر للندن، عمل ذات سنوات خلت مستشاراً بالسفارة الإماراتية بالرياض السعودية والسفير حمد الجنيبى قنصلاً ، يحدثني بإعجاب عن هذا الجنيبى وحرصه ودقته لتجويد عمله، ولما سألت السفير الجنيبى عن صديقى وأستاذى مصطفى ابن التمنيات قرب الجيلي ذات مرة أجابني مبهوراً بأناقة مصطفى وزاد أنه لا يراجع عملاً او تقريراً يكلف به كما وصفه الاديب الأريب مصطفى من عزز حسن وبهاء الشخصية السودانية لدى سفير مهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق