آراء

نحو مهارات الكتابة (17)

المونولوغ والمناجاة كلاهما حوار ذاتي، فردي السرد.

عبد الله مرير

كيف ننقل أعمق فكرة ومشاعر من دوافع شخصياتنا الخيالية لإحياء القصة؟ واحدة من أكثر الطرق فعالية للقيام بذلك هي من خلال استخدام المونولوج الداخلي)  الذي يتوجه نحو الشخصيات الأخرى أو إلى المشاهد في العمل المسرحي، بينما(المناجاة) هي الحوار الذاتي الذي تقدمه شخصية فردية إلى نفسها ولا تتوجه به إلى بقية الشخصيات في العمل الأدبي.

         المونولوج الداخلي هو سمة أساسية ومفيدة في العديد من أنماط الكتابة. إنها تمنح القراء نظرة ثاقبة عن الشخصيات الرئيسية في القصة، الرواية، والشعر. ويكرسه المشهد المسرحي بطريقة تفاعلية مع المشاهد من خلال ما يتمتع به من تقنية سردٍ خاصة وإيماء حاضر أما المشاهد. القاص يسعى باستمرار إلى صقل الحوار الذاتي للشخصية عن طريق (المناجاة)حتى يصل بدوافع ومشاعر الشخصية بفاعلية للقارئ. يمكن أن يكون للمونولوج الداخلي تأثير مذهل لدى القارئ للوصول بشكل أعمق على خلفية وصراع الشخصية التي لا تتبين دوافعها دائماً من خلال أدورها في القصة.

          من الناحية الحرفية ، فإن المونولوج الداخلي هو نتيجة وظيفة دماغية محددة تجعلنانسمعأنفسنا نتحدث في رؤوسنا. غالبًا ما يشار إلى هذه الظاهرة أيضًا بأنها صوتنا الداخلي. إنه تيار من الوعي اللفظي الذي صيغه القاص في النص بطريقة الكتابة المائلة ليشير بأن هذا السرد الحواري الداخلي لا ينطق بصوتٍ عال بل يجسد أفكار ومشاعر الشخصية.

بهذه الطريقة ، كقراء ، لدينا تجربة حقيقية تتمثل فيالاستماعإلى موجة لفظية تحدث في رأس شخص آخر ، على الرغم من أن هذا النمط الأدبي غالبًا ما يتطلب تركيزًا حادًا لأن مثل هذا التدفق للكلمات لا يكون له معنى فوري دائمًا، حيث هو نتيجة صراع داخلي متفرد الشخصية، ولا يدور بين شخصيات متعددة.

كيفية استخدام المناجاة الداخلية في كتابتك:

من خلال تسليط الضوء على الأفكار الداخلية لشخصيتك في القصة، ووصلها بأفعالها وتصرفاتها الظاهرة للقارئ ليكشف له التناقض الحاد بين تصرفاته وبين أفكاره الداخلية القوية، مما يربطنا بالدراما والعقلية، وهذا يجعل الشخصيات وكأنها ثلاثية الأبعاد وأكثر تفاعلاً.

مِن خلال المونولوج الداخلي نحصل على إحساس حقيقي بعلاقة الشخصية مع المحيط والصراع الداخلي، ويتم الكشف عن العواطف. هناك قسوة وعمق لهذا النوع من الحوار الداخلي وغالبًا ما يمكن أن يثير مشاعرنا الخاصة،   ويثير التعاطف مع شخصية القصة الرئيسية، مما يسمح لنا بالشعور حقًا كما لو كنا نسير في مكانه. زد على ذلك، إنها طريقة جيدة لتصفح سمات ومعتقدات الشخصية. استخدام المناجاة الداخلية تساهم في أن يكتسب القارئ فهماً أفضل للحالة الذهنية للشخصية ليدرك في المحصلة لماذا تميل إلى طريقة تصرفها ضمن مجريات القصة.

ينصح في استخدام( المناجاة) الحوار الداخلي الذاتي، باعتدال لا ينال من الحوار وسير الأحداث في حبكة القصة. على الطرف الآخر نجد العديد من المؤلفين الذين يبدو أنهم يتجنبون فكرة المونولوج الداخلي تمامًا، أو المناجاة خصوصاً هؤلاء الذين يعملون في كتابة قصص التشويق والإثارة، حيث تكون السرعة والعمل في غاية الأهمية.هؤلاء المؤلفين يشعرون بلا شك أن إدخال ثلاث صفحات من المناجاة في وسط مشهد مطاردة متوتر من شأنه أن يطغى على غاية التشويق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق