سياسة

سفينة بَوْح

النَّاس معادِن ...!

هيثم الفضل

رغم ثقتي الشخصية في نزاهة السيد / مبارك أردول المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية ، إلا أن حادثة جمع تبرعات أو مساهمات لشركات التعدين التي تربطها (مصالح) مع شركة الموارد المعدنية عبر (قروب واتساب) تُعتبر شُبهة لا يمكن التغاضي عنها ،  وبغض النظر عن الجهة التي ستوجَّه إليها هذه الأموال ، فإن الشفافية تقتضي الإقرار وبكل وضوح أن في الأمر قدراً من  (التجاوزات) ومكامن (للشُبهات)  يفي بكل مُستقصٍ ومُحقِّق في الأمر إلى أن الواقعة  ليست إلا (شكلاً) جديداً من أشكال الخوض في الفساد ، ولو كان المُستهدف (مصلحة) عامة كما عبَّر عن ذلك بيان تجمع الشركات العاملة في مجال التعدين ، فهُم وبكل بساطة يعتبرون مساهمتهم بتلك الطريقة المشبوهة في دعم حاكم دارفور الجديد تتساوى وتتماثل مع الكثير من مساهاماتهم في مشاريع سابقة إستهدفت المصلحة العمومية والتي كان من بينها بناء مستشفيات ومدارس وسفلتة طُرق وحفر آبار وكل ذلك طبعاً تحت مظلة مبدأ المسئولية المجتمعية.

من أكبر الأخطاء وجود مدير عام الشركة السودانية للموارد المعدنية المناط بها (إدارة وتنظيم وضبط) نشاطات وإلتزامات وواجبات شركات القطاع الخاص العاملة في مجال التعدين ، في قروب واحد يجمعهُ مع  أصحاب تلك الشركات الخاضعة لهُ وفقاً لمبدأ (الحوكمة)  ، إذ يمكن من خلال ذلك القروب كسر الحواجز القانونية والإدارية و(النفسية) بما يمكن أن يؤدي إلى تجاوزات مُضرة للمصلحة العامة لمُجرَّد المجاملة وجبر الخواطر والترضيات التي تفرضها مٌستحقات (توطيد وتعميق) العلاقات الشخصية ، مما يصعب معهُ إعمال الحزم والمحاسبة وتطبيق اللوائح في حال حدوث المخالفات والتجاوزات التي تقع فيها تلك الشركات التي بحُكم المنطق لا تجتهد في شيء أكثر من مصالحها الذاتية ، أما موضوع المسئولية المجتمعية فيجب أن تضطلع به الدولة عبر مؤسسة مُستقلة و(تُفرضها عيناً) مثلها مثل الضريبة وبقية المساهمات المالية الأخرى التي تدفعها شركات القطاع الخاص ، وذلك لضمان سريانها عبر الأنظمة المالية والقانونية المُعتمدة ، كما يجب أن يُوضح في ديباجة دفعها المشاريع التي ستنفق فيها ، وذلك عبر لجنة أو إدارة تتبع لبنك السودان أو وزارة المالية يكون من مهامها (تأكيد) أن المشروع المعني فعلاً يمكن أن يُصنَّف في إطار معاني ومُستهدفات المسئولية المجتمعية.

الشركة السودنية للموارد المعدنية لا علاقة لها رسمية أو غير رسمية بمساهمات شركات القطاع الخاص العاملة في مجال التعدين فيما يمكن تأطيره تحت بند (المسئولية المجتمعية) ، إذ أن هذه الشركات لها الحق في صرف مساهماتها هذه في قطاعات أخرى مختلفة ودون إستئذان مدير شركة السودانية للموارد أو تزويدهُ بتقارير عن تلك الصرفيات ، كما أن كتابة تلك الشيكات بإسم أحد موظفي شركة الموارد المعدنية يُعزِّز من تلك الشُبهات التي حامت حول الموضوع حتى ولو إفترضنا حسن النية ، فالقانون لا يحمي (الـ …..) ، إن مثل هذه الأحداث تمثِّل أكبر الدلائل على أن الثورة حتى الآن قد إستبدلت الشخوص لكنها لم تُغيِّر أو تستبدل الأنظمة والأساليب والقيَّم المهنية الواجب إتباعها لـ (إثبات النزاهة) ، فمجرد الوقوع في مستنقع عدم القُدرة على إثبات النزاهة والتوغُّل في غياهب الشبهات بالنسبة لي وللكثيرين (حالة فساد) لا تُغتفر ولو حسُنت النيات.

أقترح أن تكون هناك هيئة عليا تابعة لبنك السودان أو وزارة المالية (لإدارة) أموال المسئولية المجتمعية التي تجود بها كُبريات شركات القطاع الخاص في مواقع شتى ، تعمل على بث مبدأ الشفافية في إستلام وصرف تلك الأموال ، كما تعمل على تفسير وتعريف (ماهية) شكل ومضمون مشاريع المصلحة العامة التي ستموِّلها تلك المساهمات ، كما تعمل أيضاً على تحديد الأولويات والثانويات من حيث (مستوى) الأهمية والحوجة المجتمعية ، ما بين حوجة ماسة ومُلِّحة وأخرى كمالية وقابلة للتأجيل ، هل من حق تلك الشركات أن تفاضل في توجيه أموال مسئوليتها المجتمعية ما بين إنشاء مركز لغسيل الكلى وبين تمويل إحتفال حتى ولو كان ذا قيمة وطنية ، دون رقيب ولا مراجعة ولا توجيه ..؟.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق