سياسة

ماذا وراء القمع الوحشي للمواكب السلمية؟

تاج السر عثمان

رغم الحديث عن التسوية ، مازال القمع الوحشي للمواكب السلمية مستمرا،  كما حدث في مواكب 23 نوفمبر الرافضة  للتسوية والانقلاب العسكري والمطالبة بالحكم المدني الديمقراطي، التي تعرضت لقمع وحشي بالغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية والدهس بالمدرعات والرصاص الحي والمطاطي مع حملة الاعتقالات والضرب والتعذيب للمعتقلين ، مما أدي الي (56) اصابة حسب بيان رابطة الأطباء الاشتراكيين ، بينها اصابات خطيرة كما حدث للثائر محممد نادر ، واستمر القمع الوحشي في مواكب 24 نوفمبر ، مما أدي الي استشهاد محمد عمر عبد اللطيف ( من امبدة السبيل – له الرحمة والمغفرة) برصاصة في البطن، بشارع الشهيد عبد العظيم ، ليصل  عدد الشهداء (121) شهيدا ، في أكبر مجزرة بعد انقلاب 25 أكتوبر التي وصل فيها عدد الاصابات أكثر من (7 الف) اصابة بالرصاص الحي  و» الخرطوش « والدهس بالمدرعات . الخ ، اضافة للتعذيب الوحشي للمعتقلين، وحالات الاغتصاب الموثقة.

  اضافة للقمع الوحشي لاعتصام مواطني (خناق) بالسكوت ، واعتقال( 22) وتعرضهم لتعذيب وحشي بسبب مطالبتهم بحماية منطقتهم من الآثار الضارة لاستخدام السيانيد والزئبق في التعدين المدمر للبيئة والانسان والحيوان والتربة والنبات والملوث لمياه الشرب، وضرورة ابعاد مواقع التعدين بعيدا عن المناطق السكنية.

هذا فضلا عن جريمة مجزرة فض الاعتصام ، و الجرائم ضد الانسانية الابادة الجماعية  في دارفور وجنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان، وغيرها التي لن تسقط بالتقادم ، ولابد من تقديم المجرمين للمحاكمات وأن طال السفر ، رغم المحاولات الجارية في  التسوية للافلات من العقاب.

2

الهدف من القمع الوحشي تصفية الثورة ، لكن القمع فشل أكثر من ثلاثين عاما التي مارست فيه عصابة الانقاذ اقصي درجات العنف والاقصاء للمعارضين السياسيين والنقابيين، ولكنها فشلت واندلعت ثورة ديسمبر التي قطع سيرها لتحقيق أهدافها انقلاب اللجنة الأمنية للنظام البائد في 11 أبريل، وحاول تصفية الثورة في مجزرة فض الاعتصام ، ولكنها فشلت بعد موكب 30 يونيو 2019 ، بعدها انقلب العسكر علي الوثيقة الدستورية ، ونفذ انقلاب 25 أكتوبر بمساندة حركات جوبا و»الكيزان» الذي أعاد التمكين والأموال المنهوبة للفاسدين ، وتمت ممارسة القمع الوحشي للمواكب السلمية والوقفات والاعتصامات السلمية، لكنها فشلت في كبح جماح الثورة الديمقراطية العميقة الجذور والمصممة  على شق طريقها رغم العقبات نحو الانتصار. 

كما ان الهدف من القمع حماية مصالح الرأسمالية الطفيلية الإسلاموية و شركات الجيش والدعم السريع والأمن والشرطة ،ومصالح المحاور الاقليمية  والعالمية لنهب ثروات البلاد ، ووقف  تأثير الثورة علي شعوب المنطقة ، وعدم قيام نظام ديمقراطي يؤثر فيها ، التي تتدخل لفرض التسوية كما في الدستور الانتقالي زورا باسم اللجنة التسييرية لنقابة المحامين، واشتداد حدة الصراع الثانوي بين تلك المحاور كما في دعم مصر لتحالف قادة الانقلاب العسكري والاتحادي الأصل « بقيادة جعفر الميرغني» وحركات جوبا « مناوي ، جبريل.الخ»، كما تم في الإعلان عن الهيكلة المؤقتة  لقوي الحرية التغيير – الكتلة الديمقراطية ليكون رئيسها جعفر الميرغني ، د. جبريل إبراهيم  نائبا، ومنى اركو منازي رئيسا للجنة السياسية،. الخ ، في مواجهة تحالف قوى الحرية والتغيير- المجلس المركزي الهادف للتسوية بدعم الآلية و أمريكا وحلفاؤها علي أساس الإعلان الدستوري باسم اللجنة التسييرية لنقابة المحامين الذي وقع عليه نجلي محمد عثمان الميرغني ( الحسن الميرغني ، وإبراهيم الميرغني)، رغم عدم رضا الميرغني عنهما الذي يقف الي جانب البرهان ومجلسه العسكري.

3

راكمت  حركات جوبا المسلحة ثروات كبيرة من مشاركتها في الانقلاب والقمع الوحشي للمواكب السلمية، فقد أشارت شعبة الوكالات ( الراكوبة 23 /11) الي «هجمة شرسة» من حركات مسلحة علي شراء العقارات والشراء بنهم للعقارات، ثم يليها التجار ومصدرو الذهب زالأجانب ، وخروج شركات الاستثمار ورجال الأعمال من القطاع نتيجة انعدام القوى الشرائية.

بالتالي اصبح قادة حركات جوبا مكونا عضويا من الراسمالية الطفيلية الحاكمة في المركز والتي راكمت أموالها من التهب  والفساد والمحاصصات في السلطة، ومن الأموال التي راكمتها في حرب ليبيا، وتجارة المخدرات والبشر والأسلحة ونهب الذهب وغير ذلك من المصادر التي رصدتها تقارير الأمم المتحدة، ولذلك ليس غريبا  أن تتحالف هذه الحركات مع الرأسمالية الطفيلية الإسلاموية والاتحادي الديمقراطي الأصل لحماية تلك المصالح الطبقية، بعد ان تحول اتفاق جوبا لفساد ومنافع محاصصات ومصالح طبقية، بعيدا عن مصالح  وهموم جماهير الهامش التي تاجروا بها.

هذا اضافة لمواصلة جبريل إبراهيم وزير المالية في التفريط في سيادة البلاد كما في : توقيع وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي مع شركة مصرية عقدا لاستحداث نظام دفع الكتروني جديد لتحصيل الضرائب والجمارك وجميع ايرادات الدولة ، بدون شفافية وطرح في عطاء ، وطالبت الشركة بكشف ايرادات الدولة مما يعرض أمنها القومي للخطر.

  اضافة لاستمرار وزير المالية جبريل في  سياسة وزراء الانقاذ وحكومة حمدوك السابقين في سياسة  التحرير وسحب الدعم عن الوقود والكهرباء والتعليم والصحة والدواء، والتخفيض المستمر في الجنية السوداني والارتفاع المستمر في الأسعار والضرائب والجبايات، لتمويل جيوش الحركات والجنجويد وأجهزة القمع التي وصلت ميزانيتها 70% ، والمزيد من الافقار للجماهير، اضافة لعقد الصفقات المشبوهة لنهب ثروات البلاد كما في : مشاريع الهواد ، وميناء «عمائم» علي البحر الأحمر ، وصفقة خط السكة الحديد من يورتسودان الي أدري بتشاد. الخ، في غياب الحكومة والبرلمان الشرعي المنتخب ،بالتصرف في اراضي وثروات البلاد الضار بشعب السودان والاجيال القادمة والسكان المحليين.

4

وأخيرا، تلك هي المصالح الطبقية وراء القمع الوحشي للمواكب السلمية، ولكن القمع فشل في وقف مد الثورة الكاسح ، ولا شك أنه رغم القمع و العقبات ومتاريس الندخل الخارجي وأذنابه في الداخل سوف تستمر الثورة حتى اسقاط الانقلاب وانتزاع الحكم المدني الديمقراطي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق