آراء

ضفاف

الانشطار الأميبي للحركة الاسلامية الإرهابية!

عاصم فقيري

من المعروف في عالم السياسة ان الانشقاقات والانشطارات تضعف الكيان الحزبي.

وكأمثلة لذلك ما يحدث وحدث في الاحزاب اليسارية واحزاب الوسط الديمقراطية والأحزاب الطائفية، مثل الحزب الاتحادي الذي انشطر لعدد من الاحزاب الاتحادية وحزب الأمة الذي أيضا انقسم الى عدد من الاحزاب وكذلك بعض احزاب اليسار وحركات القوى الحديثة. مثل هذا الانقسامات والانشطارات تضعف الاحزاب وتؤثر سلبا على الحراك السياسي!

وغالبا ما تكون اسباب الانقسام مواقف بعينها تقود الى صعود تيار يخالف موقفه الحزب الأصل ولا يستطيع أن يجعل من موقفه موقفا للحزب بسبب عدم وجود آلية حوار ديمقراطي او بسبب تسلط قيادة الحزب وايضا في خروج واضح عن الآلية الديمقراطية او ان الزعامة قد تكون زعامة طائفية ولا تقبل بآلية الحوار القاعدي، وقد تكون لأسباب غير ذلك في الاحزاب الديمقراطية حيث قد ترتبط بأفكار يعتبرها البعض جذرية في برنامج الحزب والبعض الآخر يعتبرها قابلة للتغيير او يسعى لتغييرها او تجاوزها في ظرف سياسي محدد فينشأ خلاف تنشأ بموجبه مجموعة تفضل الانقسام وتكوين كيان جديد!

أما في حالة الحركة الإسلامية فالوضع يختلف، فإن هذه الاحزاب، تحدث الانقسامات فيها احيانا بطريقة مدروسة، واحيانا للتخلص من حمولة الاسم الذي طاردته الاتهامات، حيث انها احزاب ارهابية ومخادعة وتستطيع التلون حسب المسافة بينها وبين السلطة الحاكمة فهي لا تستطيع العمل وفق معارضة ديمقراطية ولا هي اصلا ترحب بالديمقراطية كميكانزيم او آلية للحراك السياسي، حيث أنها في تركيبتها وتنظيمها الداخلي هي احزاب مبنية على أساس السمع والطاعة لقائدها او قادتها او مرشدها كما وتجمعها مع بعضها البعض قيادة عالمية تسمى (التنظيم العالمي للإخوان المسلمين) وقد تختلف مسمياتها من دولة لأخرى ومن إقليم لآخر حسب مقتضيات الظروف السياسية، ولذلك انقساماتها في داخل دولة واحدة تكون بمثابة اسماء مختلفة فقط ومتى ما احست بأن احد اسمائها هذه والمسمى به كيان من كياناتها استطاع اختراق النظام في الدولة تعمل كل قواعدها من مختلف مواقعها سويا، سواء كان في الخفاء او في العلن وهذا ما يحدث في السودان الآن!

الحركة الإسلامية في السودان غيرت اسم التنظيم مرات عديدة سواء كان بسبب انقسامات فرضت عليها أو انقسامات مخطط لها من داخلها أو بسبب الهروب من الاسم الذي أثر عليها بحمولات كثيرة من الفساد أو الأفكار المتطرفة وما يستدعيها لتغيير مواقفها. وغالبا ما يكون تغيير المواقف بالنسبة لها تكتيك مرحلي لذلك تستعين باسم جديد أو مستحدث حتى صار يعرفها السياسيون المناهضون لها بأنها مثل الحرباء تتلون حسب الظرف والأوضاع!

بدأت الحركة الإسلامية في السودان باسم جبهة الميثاق الإسلامي وثم الاخوان المسلمين وانقسمت إلى الاخوان المسلمين والاتجاه الإسلامي ومن ثم تغير اسم الاتجاه الإسلامي الى الجبهة القومية الإسلامية وهذا هو التنظيم الذي قاد الانقلاب العسكري في السودان بتاريخ 30 حزيران/يونيو 1989 بقيادة العميد حينها عمر حسن أحمد البشير ومجلس قيادته الذي كان معظمهم من الجبهة القومية الإسلامية ما عدا ثلاثة أعضاء أحدهم كان من تنظيم الاخوان المسلمين وهو الرائد حينها إبراهيم شمس الدين وعضوين من جنوب السودان وذلك لإضفاء شيئاً من القومية على الانقلاب بعضوين من جنوب السودان!

بعد عشر سنوات من الانقلاب حدثت مفاصلة بين طرفي التنظيم أحدها بقيادة العراب والمؤسس حسن عبد الله الترابي والطرف الاخر نائبه على عثمان محمد طه الذي فضل ان يتحالف مع الجناح العسكري بقيادة عمر البشير وصحبه!

والانقسام الأخير هذا أسفر عن اسمين جديدين للتنظيم هما المؤتمر الشعبي بقيادة حسن عبد الله الترابي حينها والمؤتمر الوطني بقيادة على عثمان وبعد المفاصلة التي حدثت بعد السنوات لعشرة الأولى من انقلابهم المشؤوم رأى جناح الترابي وهو المؤتمر الشعبي أن يكون مليشيا مسلحة فكانت ما يسمى بحركة العدل والمساواة بقيادة خليل إبراهيم حينها وحاليا بقيادة شقيقه جبريل إبراهيم وذلك لعلمهم ان الطرف الذي استولى واستفرد بالحكم مع العسكر لهم ميليشياتهم غير الجيش الرسمي وتعرف مليشيات المؤتمر الوطني بكتائب الظل والدفاع الشعبي والتي أيضا في ظل ثورة ديسمبر لا زالت موجودة وسميت بتمازج واتيحت لها فرصة التفاوض في اتفاق جوبا (اتفاق جوبا هذا كارثة لحالها تحتاج لمقال منفصل)! 

المهم في الراهن السوداني الحالي، يجب أن يعلم المجتمع الإقليمي والدولي أن من يتحكم في اقتصاد السودان هم الحركة الإسلامية والتي هي عضوا أساسيا في التنظيم العالمي للإخوان المسلمين والتي يجب أن تصنف كتنظيم إرهابي!

والحركة الإسلامية السودانية كما أسلفنا تتخذ عدة أسماء وتنظيمات تبدو للوهلة الأولى أن كلا منها تنظيم مستقل، ولكن في حقيقة الأمر أن جميعها تنظيم واحد وتشكيلها في كيانات متفرقة ما هو الا أسلوب مخادع لكي تتمكن من الاستمرار في مخططاتها بالتحكم في الثروة والموارد والسلطة، بل أنها أيضا في حالات كثيرة تضع أموالها في شركات توحي بأنها مملوكة لمجموعة من الأشخاص الذين لا يظهرون كأعضاء في التنظيم ولكن في حقيقة الأمر هم فقط واجهات للشركات والمعاملات التجارية التي هي في الأصل ملكا للتنظيم الإرهابي المتعدد الأسماء ولكن هو (الحركة الإسلامية)، وحتى شركات القوات المسلحة وشركات الدعم السريع (المليشيا الإرهابية) هي أيضا شركات تابعة لتنظيم الحركة الإسلامية وعدد من الدول في النطاق الإقليمي والعالمي تتعامل مع هذه الشركات بعضها يعلم والبعض لا يعلم حقيقة الأمر!

كما أن مؤسسات التنظيم الإسلامي التجارية تقوم بالتهريب وبغسيل الأموال مع متعاونين معها بأسماء شركات وهمية!

جبريل إبراهيم وزير المالية الذي اتى وفقا لاتفاق جوبا المشار اليه وهو رئيس حركة العدل والمساواة (جناح عسكري لتنظيم الحركة الإسلامية) يعمل في تناغم مع الحركة الإسلامية بكل مسمياتها كما أنه جبريل إبراهيم نفسه كان المحاسب الخاص لأسامة بن لادن لشركاته سابقا في السودان والتي لا زالت موجودة بمسميات جديدة ويشاركه في ادارتها الأخ غير الشقيق لجبريل إبراهيم والمدعو عبد العزيز عشر، والأخير ظهر بعد انقلاب البرهان في يوم 25 أكتوبر 2021 يمارس مهامه في اعتقال الثوار واستعادة أموال التنظيم التي كانت قد قامت بحصرها واستردادها لصالح الدولة لجنة إزالة التمكين وتفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989! وليس غريبا أن كان جبريل إبراهيم معارضا عمل اللجنة ويسعى الى الغائها فهي تهدد مصالح التنظيم الإرهابي الذي هو شخصيا عضو فيه!

بناءاً على ما تم سرده من حقائق، هذا يؤكد على أن انقلاب البرهان هو ردة على مكتسبات الثورة وحماية لتنظيم الحركة الإسلامية الإرهابية واموالها اللاشرعية التي جمعتها من ثروات وموارد السودان طيلة ثلاثين سنة عجاف اعتلت فيها سدة الحكم! وها هي تعود الان بمخادعة جديدة، فهي بدأت بخدعة في 1989 وها هي تعود مجددا بخدعة أخرى!

الحادي عشر من تشرين الثاني/نوفمبر 2021

#الدعم_السريع_مليشيات_ارهابية

#الحركة_الاسلامية_تنظيم_ارهابي   

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق