سياسة

عصف ذهني للإسهام في حل الأزمة السودانية الراهنة

السفير نصرالدين والي

أولاً وقبل كل شيء، من الأهمية بمكان، تقديم مصلحة الوطن وإعلاء قيمته، والتحلي بالموضوعية والمصداقية والبراغماتية.

السودان، وطننا الغالي في مفترق طرق، ومقبل على حافة الهاوية، بعد إنتكاسة كبيرة اعترضت طريق الثورة، وتكاد تعصف بمستقبل البلاد، إلا إذا حدث تلافي عاجل ومسؤول لكفكفة الأزمة السياسية والحيلولة دون حدوث فراغ دستوري واسع.

• مبدأً، لابد من التأكيد على أن مستقبل الوطن بأيدينا نحن، أبناءه، وعلينا جميعاً، مدنيين وعسكريين، التفكير بهدوء، ودون عصبية، والتحلي بالوطنية، والتجرد، وتقديم مصلحته ومصلحة شعبنا العليا على كل غرض في النفس. فمصير الوطن، ووجهته، ومستقبله سيتوقف على الساعات والأيام القادمة، ليس أسابيع أو شهور. فعلينا التبصر فيما سنقدم على طرحه من آراء ورؤى، وما سنرفضه، وما سنقبله، وما سنتفق عليه، ونلتزم بالوفاء به.

  حل الأزمة السودانية، لن يكون فردياً، ولا سياسيا، بل نتاج لتوافق سوداني-سوداني؛ يخرج البلاد من مستنقع تكاد تنزلق اليه.

• و لتبقي تلك التحديات الجسام ماثلة أمام ناظرنا جميعاً. واعين بأن التحصن كل في خندقه سيزيد من تعقيد الازمة وقد يستعصي معها الحل.

• فإن توافقنا على هذا المبدأ كأساس للجلوس والتفاوض؛ بعد التراضي على وساطة مقبولة للطرفين، يتبقي علينا:

أولاً: التأكيد على الأهمية البالغة، والتحلي بالمسؤولية للعمل من أجل تجاوز الصعاب والعقبات التي تكتنف طريق تماسك الوطن وأبناءه، والحيلولة دون انفراط عقده الاجتماعي والسياسي نحو هاوية سياسية مدمرة.

ثانياً: التأكيد على أن الحل يبقي بأيدينا نحن، أبناء السودان، شماله وجنوبه، شرقه وغربه ووسطه، لا تفاضل ولا تمايز بيننا؛ ويقع على عاتقنا تجاوز النفق الضيق الذي تسير فيه البلاد في اعقاب الانقلاب على الشرعية الدستورية، وما نتج عن ذلك من مشاكل داخلية وخارجية جسام.

ثالثاً: التأكيد على أهمية العمل بكافة السبل دون عودته للوراء، ووضع طموحات وأمال شعبنا نصب أعيننا، وهادياً لنا.

رابعاً: أن ترتكز أي مبادرة تطرح للحل لإستراتيجية تفاوضية تستند على تقسيم الموضوعات محل الخلاف سمتها التدرج وفقاً لأهميتها القصوى لما طالب به الشارع السوداني.

ولنزع فتيل الأزمة، يجب عدم طرح حزمة تفاوضية ضخمة لقضايا خلافية من شأنها حمل بذور الفشل.

الحزمة التفاوضية الأولي:

• التأكيد على العودة للامتثال للوثيقة الدستورية كأولوية يتم التوافق عليها كمرجعية وأساس للشراكة؛ والتأكيد الجازم على الالتزام بالتنفيذ المشترك للخلاصات التي سيتم التوصل اليها وفق ضمانات يتفق عليها الشركاء.

• يحب أن تأتي في مقدمة الأجندة التفاوضية العودة للعمل بالوثيقة الدستورية بكافة بنودها نصاً وروحاً كأساس لتكملة المرحلة الانتقالية وصولاً للانتخابات.

• عودة رئيس الوزراء، رمزاً للثورة لممارسه مهامه وتكليفاته.

• عودة الوزراء، وعودة جميع ولاة الولايات لممارسة مهامهم لحين التوافق على تعديل وزاري، وتعديل للولاة، و أهمية اصطحاب مطالب الشارع بتكوين حكومة تكنوقراط دون أي محاصصات حزبية أو جهوية.

• الافراج الفوري عن جميع من جري اعتقالهم في كافة مدن السودان تبعاً للبيان الذي أذاعه الفريق البرهان، باعتبارهم جزء أصيل من المرجعية التفاوضية التي يثق فيها الشارع كممثلين له و للثورة للإسهام في الحل المرضي والمقبول، والقابل للتنفيذ.

الحزمة التفاوضية الثانية:

• التوافق السياسي على مجلس سيادي جديد، دون عودة أعضاءه العسكريين؛ وذلك إستناداً لقانون معاشات ضباط قوات الشعب المسلحة.

• إلغاء كافة القرارات الصادرة عن القائد العام للقوات المسلحة السودانية التي أصدرها في أعقاب الانقلاب، باعتبارها غير دستورية، و إعادة كل من تم فصله، و إعفاء كل من تم تعيينه بموجب تلك القرارات.

• الالتزام بعدم إعاقة أو إجهاض عمل اللجان والمفوضيات التي تم إنشاؤها بموجب الوثيقة الدستورية بما في ذلك لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو ١٩٨٩، و استرداد الأموال العامة، والالتزام بتفعيل كافة قراراتها، وفق النصوص الدستورية، والإجراءات والضوابط القانونية المنشأة لها.

• الالتزام والتعهد القاطع باستكمال مسيرة التحول الديموقراطي وفقاً لنصوص الوثيقة الدستورية، و هياكل الانتقال، كأولوية قصوى، بما في ذلك المجلس التشريعي.

• التحقيق القضائي العادل والشفاف والفوري في جريمة اغتيال المتظاهرين العزل؛ ومحاكمة كل من تثبت إدانته في إصدار الأمر أو التسبب في اغتيال وجرح المتظاهرين العزل،

• الالتزام والتعهد الصارم بإكمال التحقيق القضائي العادل في جريمة فض الاعتصام وفق قيد زمني محدد، وتقديم كل من تثبت إدانته للقضاء العادل.

توافق سياسي على إعلان موقف حكومة الانتقال الواضح للمجتمع الدولي بالالتزام والتعهد بالمضي في إكمال المراحل السياسية التي نصت عليها الوثيقة الدستورية وصولاً لإقامة الانتخابات العامة في يوليو ٢٠٢٣.

الثورة مستمرة، والردة مستحيلة.

نترحم على شهداءنا، وندعو لجرحانا بالشفاء العاجل، وندعو لعودة مفقودينا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق