
حكومة كفاءات مستقلة … خطل الفكرة!
مصطفى بابكر
رئيس وزراء السودان د. عبدالله حمدوك في لقاء علي قناة الحدث يقول ضمن ما قال: «ابوابنا مفتوحة للتعامل مع كل الكفاءات ولعل اتحاد مدراء الجامعات يستطيع مدنا ببعض الكفاءات…» انتهى السؤال المطروح: هل السيد حمدوك يريد تكوين حكومة أم يهدف الى انشاء جامعة جديدة؟!!!!
الى متى يظل الناس تحت أسر هذه النظرة الصفوية التي اثبتت خطلها عبر التاريخ في السودان وغيره…كل الانقلابات العسكرية في السودان وغيره بغض النظر عن توجهاتها تنادي بتكوين حكومة كفاءات»مستقلة» واول مكان تبحث فيه عن تلك الكفاءات هو الجامعات ومراكز البحوث…
شخصيا لدي تحفظ كبير حول أي كفاءة تكنوقراطية مستقلة ليس لديها تجربة وخبرة في النضال السياسي المنظم…كل التوجهات الشمولية عسكرية كانت أم مدنية تعشق الكفاءات التكنوقراطية المستقلة لانها لا تجد صعوبة في احتواءها وتوجيهها كيفما تريد، وفي وجودها، يمكنها تمرير كل ما يخدم مصالحها وغاياتها؛ علما بأن شرط الاستقلالية هذا يعني غياب دوائر وآليات المساءلة والمحاسبة الجماهيرية التي ينبغي أن تخضع لها الكفاءات التكنوقراطية …
الكفاءة الفنية ربما تكون إضافة لمعايير الاختيار في تكوين الحكومات ولكنها شرط ليس كافي…الشرط الضروري والاهم هو الخبرة في العمل السياسي والنضال الجماهيري المنظم…
ادارة اقتصاد دولة ليست مثل ادارة قسم اقتصاد في جامعة…اقتصاد الدولة له جوانب اجتماعية وثقافية وسياسية ليست من اهتمامات علم الاقتصاد الأكاديمي البحت…
وقس على ذلك كل مجالات التخصصات الاكاديمية الأخرى: قضايا الصحة والمرض المجتمعية، على سبيل المثال، لا يمكن اختزالها في العلوم الطبية وتخصصاتها المختلفة. تشخيص صحة المجتمعات والشعوب لا يمكن اختزالها في تخصص جراحة العظام أو المسالك البولية…حتى المسائل الأمنية والدفاعية للمجتمعات والشعوب لا يمكن اختزالها في تخصصات العلوم العسكرية والدراسات الأمنية.
الخبرة الفنية الاكاديمية، ربما تكون إضافة، ولكن لن تكون بديلًا، للشرعية السياسية في تكوين الحكومات وإدارة القضايا المجتمعية.