سياسة

 الميرغني ومواصلة الدجل 

شوقي بدري

المثل السوداني يقول سيد الرايحة بفتح خشم البقرة. الاغلبية لا يعرفون القصد من المثل، يظنون أن من اضاع غرضا يبحث بطريقة مجنونة حتى في فم البقرة. القصد أن من ضاعت منه بقرة يقوم بفتح فم أحد الابقار ليتعرف على العشب او القش الذي في فم البقرة. قشوش الحقنة تختلف من قشوش السادرة. السادرة هي المنطفة المرتفعة قد يكون فيها المحريب التمليكة الموليتا الضريسة لسان الطير الخ. الحقنة المنطقة المننخفضة تحتقن فيها المياه وتتواجد فيها عادة السعدة الخ. بعد تحديد القش يبدأ صاحب الرايحة البحث في المكان الصحيح.

 مصر تواجه ضائقة مالية وهلع ضخم بعد أن اكتشف الاثيوبيون، البلفة، والتهديد الفارغ بتحطيم السد وضرب اثيوبيا. الكرت المهم عند مصر كان الحرب الاهلية مع التقراي. وقد وصل الطرفان لتواصل وسيعم السلام. فقدان السودان مستعمرة مصر الاهم قد تتحصل على استقلالها بعد الاطاحة بالبرهان وحكومته سيجعل وضع الشعب المصري صعبا. عندما يجوع الشعب المصري ينتفض، كله الا الرغيف. لقد قال محمد نجيب بعد الاهانة والابعاد من رئاسة الدولة قبل سجنه لعشرات السنين. يا شيخ بابكر بدري ما تتحدوش مع مصر ده شعب اوطة وخيار.

 السيسي طلب من البرهان زيارة الميرغني لأنه يعلم أن الشعب السوداني المسكين لا يزال ينقاد بواسطة الدجل والطائفية ولأول مرة صارت مصر تسيطر على المراغنة والمهديين وحتى الجيش تصور!!

 اخيرا تمت لملمة الميرغني وأرسل الى الخرطوم، بعد فتح خشم البقرة وتحديد الموقع مسكين الشعب البرهان الخايب الضائع مناوي الحاقد الكوز جبريل الطامع حميدتي والخائن برمة البرهان. يا ما انت عظيم ايها الشعب السوداني، فانت لا تزال صامدا بالرغم من الأعداء المتربصين من الخارج والاعداء من الداخل. التحية للشباب الابطال.

 عندما قويت شوكة التجمع في القاهرة، المعارضة في امريكا اوربا الخ أحس الترابي بالخوف لأن قبضته على الكيزان والمؤلفة جيوبهم قد تراخت وبعد فتح خشم البقرة قرر الترابي ارسال الصادق ــ وكما كتبت منذ اول يوم ــ الى القاهرة في مسرحية تهتدون لفركشة التجمع. وقد كان.

 صار الصادق يعاكس الميرغني انطلاقا من إذا حضر الماء بطل التيمم. وكما اوردت الاستاذة الصحفية رجاء العباسي ان الصادق كان يقول لهم التجمع ده زي جنازة البحر منتظرين البكفنها ناسيا انه من غدر وحطم التجمع السيد محمد عثمان الميرغني زي الشافع الصغير اقل حاجة يزعل واقوم انا احنسو.

 الطائفية هي العوار الدائم الملازم للسودان. التطبيل قام به و مارسه حاتم السر للإنقاذ والبشير مثل التبشير أن الصفوف للعيش البنزين والفلوس لن تعود أبدا، ولن تكون هنالك الا صفوف الصلاة وعبدة الرحمن الخ. وكل هذا لن يقال إذا لم يسمح به الميرغني. حاتم السر الخادم المطيع لم يكن يقدر أن ينطق بكلمة بدون موافقة الميرغني. ناسيا أن ما يمارسونه من تقبيل الايدي الكذب وخدمة الطائفية مما لا يرضي الله الو الوطن.

 اقتباس

 صديقي محمد الحسن عبد الله ياسين رحمة الله عليه بقلم شوقي بدري

في ايام التخبط، وسوق النخاسة السياسية أجد نفسي أفكر في اعظم قادتنا. الريس محمد الحسن عبد الله ياسين رحمة الله عليه قطب الوطني الاتحادي البطل والمفكر الاستاذ محمد توفيق. الرجل الشجاع الذي صوت ضد حزبه في مهزلة وأد الديمقراطية 1965. والبطل الامير نقد الله قطب حزب الامه، الذي ترك البرلمان رافضاً ان يصوت ضد ضميره.

اعيد كتابه هذا الموضوع.

صديقي محمد الحسن عبد الله ياسين رحمة الله عليه

قبل فترة وجيزة انتقل الريس محمد الحسن عبد الله ياسين إلي جوار ربه، كان أحد أقطاب الحزب الاتحادي وكان عضوا لمجلس السيادة. كما كان سودانيا كبيرا. إذا كان للوطنية درجات فمحمد الحسن عبد الله ياسين طيب الله ثراه في الدرجة الأعلى. جمعتنا الظروف نهاية التسعينات في القاهرة وكنا نجتمع بصورة مكثفة وخاصة في منزل أستاذنا وكبيرنا رحمة الله عليه محمد توفيق صاحب الجمرات.

كان المقيل في يوم الجمعة في منزل الأستاذ محمد توفيق وكما كتبت قديما في جريدة الخرطوم عبارة عن مدرج محاضرات، يتعلم الإنسان فيه الأدب والشعر والثقافة والسياسة والوطنية والتأريخ. صاحب الشقة الأصلي الذي كان ينتقل بين السودان ومصر هو محمد نور السيد الرجل صاحب الدعابة وخازن أسرار الحزب الشيوعي والقورو الأكبر الخال محجوب عثمان. والسفير عبد المجيد حسن. ومن شله منزل الاستاذ محمد توفيق الوجيه وصاحب النكتة عبد الله السفاح، والحقوقي العالمي أمين مكي مدني، والسيد مراد لمعي وهم في الأصل من عطبرة وأخوه منير لمعي يدير وكالة فكتوريا للسفر والسياحة وهي أقدم وكالة في الخرطوم، وفي بعض الأحيان الأستاذ فاروق أبو عيسي والكاتب عصمت معني رحمة الله عليه، وصغير القوم صاحب الضحكة الجميلة عبد الله نقد وآخرين.

ولا يكتمل الجمع إلا بوجود الريس محمد الحسن عبد الله ياسين السوداني الأصيل وابن البلد والرجل المتواضع الذي يذكر الإنسان بروعة ونقاء ابن البلد السوداني.

الزعيم التجاني الطيب كان متواجدا في تلك الفترة في القاهرة وكنا نذهب لداره كثيرا إلا أنه كان مشغولا طيبة الوقت. تلك فترة تكوين المؤسسه العالمية للنشر لصاحبها الشيخ عووضه ومن كتابها الكاتب والأديب عبد المجيد الصاوي مؤلف كتاب» أنف السياسة الطويل». والشاب امير تاج السر وآخرين.

كثيرا ما كنا نناقش الحالة التي وصلنا إليها وكيف نخرج من ذلك المستنقع، والكل كان يوافق على أن الحزب الاتحادي الأصلي كان بعيدا عن الانقلابات والمؤامرات وأنه الحزب الوحيد الذي لم يتخل أبدا عن الديمقراطية ولم يساوم. والريس محمد الحسن كان لا ينكر الغلطات التي ارتكبها الحزب الوطني الاتحادي وأكبرها حظر الحزب الشيوعي السوداني. الريس كان رائعا صريحا شجاعا وقد رد عليً في أحد المرات قائلا عندما استغربت لرجوع زين العابدين الهندي إلي الخرطوم والتعاون مع الإنقاذ فقد قال لي: والله يا شوقي كله مني أنا والشعب السوداني ده لو شنقني وحرقني ما حا يخلص حقه مني لأنه أنا الجبت محمد عثمان الميرغني. لأنو ناداني وعزمني فطور واتناقشنا واقتنعت أنه ممكن نتعاون ونتحد لكن ما كنت متخيل أنه بعدين حا يجي يبلع الحزب. والمصايب الدخلنا فيها دي بي سبب سيطرة محمد عثما الميرغني علي الحزب الاتحادي. وبعدين لما بقيت اعترض واتكلم بقيت واقف براي. وحتى الناس البيشاركوني الرأي كان يا يخجلوا يا يخافوا يتكلموا. ونحن مرة في نقاش ساخن مع السيد محمد عثمان الميرغني جا زين العابدين الهندي ملص نعلاتو بعيد وسلم علي السيد محمد عثمان في يده (قبل يده). وفي الحقيقة هو زول مؤدب وعنده أخلاق وشفت السيد محمد عثمان ارتاح وابتسم واقترح أنه المنصب البنتناقش فيه ديه نديه للهندي. فالهندي اعتذر قائلا: أنا لا بعرف سياسة ولا بشتغل بالسياسة. فقلت له أقبل وأنا بكون معاك وبوريك كل حاجة وبقعدة ليك والناس ممكن تقبل بيك. وبعد تعب قبل.

أها يا شوقي بعد ده الشعب السوداني بيقدر ياخد حقه مني بعد السويته فيه ده؟

وكان ردي ورد الآخرين بأنه قد تصرف بقصد جمع الصف وعدم تشتت الكلمة إلخ … ولكن الريس بم يكن مقتنعا.

في صباح يوم جمعة وأنا في شقة الخال محجوب عثمان رن جرس التلفون وببساطته المعهودة قال الريس: معاي جماعة في الفطور وبعضهم بيعرفوك وكان ما جيت ما بنفطر وحانستناك لحدة ما تجي.

وعندما سألت عن المتكلم لأممي كنت استيقظت من النوم ولم أكن مجمعا، قال دون أن يغضب: أنا محمد الحسن يا شوقي. فحسبته محمد الحسن شقيق محجوب عثمان الأكبر. فسألت من العنوان وبكل بساطة أعطاني العنوان ثم أردف: أنت ما كنت عندي مع محجوب عثمان قبل كم يوم. فخجلت من نفسي وفي الطريق كنت أردد لنفسي عن غفلتي وروعة الزعيم وبساطته واهتمامه وتواضعه ونقاءه ولهذا بم يتمكن أي إنسان من شراءه.

وفي ذلك الفطور ردد الريس نفس الكلام الذي قاله من قبل وهو أن كل السياسيين السودانيين قد أخطئوا وأنه أكبر الخطائين وأنه يتمني لو كان الجميع علي استعداد أن يعترفوا بأخطائهم. وبعد الفطور ذهبنا سويا إلي الأستاذ محمد توفيق.

كثيرا ما كان الأستاذ محمد توفيق طيب الله ثراه يحتد مع الريس وينتقده بشدة والريس يضحك ويتقبل تخاشنه بصدر رحب وأريحية غير مصدقة الاستناد محمد توفيق كان يكبر الريس محمد الحسن وقد ربطتهم صداقة عمر كامل لهما الرحمة. وعندما قال لي الأستاذ محمد توفيق: يوم الجمعة الجاية لما تجي أنا حأناقشك في الكلام الكتبته في جريدة الخرطوم. فقلت له أنا مسافر يوم الأربعاء، وعندما قال مسافر ليه كان ردي أشوف أولادي. وحسمني كبيرنا محمد توفيق قائلا: أولادك؟ أولادك بترضعهم؟ تجي يوم الجمعة فرددت بحاضر.. فضحك الريس محمد الحسن وقال لي: أها نحن كل الوقت في جنس ده وما بنقدر نقول لا.

رحم الله الريس محمد الحسن فقد كان حلوا بهيا إلا أنه لا يساوم في مصلحة البلد وخوفي أن يبدأ سوق النخاسة بعد موته ويقال عنه ما لا يشبهه وتنسب إليه أشياء بعيدة عن وطنيته ونقاءه.

المهندس أسامة المصري مسيحي وأظنه من أقرباء مراد لمعي قدمه لي الأخ مراد لمعي لكي يساعدني في تركيب المكيفات والسخانات في الشقة. وعندما صار قريبا من السودانيين كان يقول: مافيش فرق بين السودانيين والمصريين نحن نفس الأخلاق ونفس التفكير. وكنا نقول له أن هنالك الكثير من الفرق ولكنه لا يصدق. وفي أحد الأيام حضر لمقابلتي في شقة الخال محجوب عثمان وكنا نتناول طعام الإفطار فدعاه الخال محجوب وصنع له قهوة بنفسه. وعندما كنا نأكل الجبنة القريش قال محجوب عثمان هذه الجبنة قال لي جمال أنها أحب شيء به فسأل المهندس أسامة ببساطة: جمال مين؟ وعندما رد الخال محجوب: جمال. جمال عبد الناصر. لم يصدق أسامه أذنيه. فقلت له: الأستاذ محجوب كان وزير الإعلام وكان لقترة رئيس تحرير أكبر جريدة في السودان. وقلت له أن الأستاذ محمد توفيق الذي يسكن في الشقة التي ركب لها المكيف قبل فترة هو من أكبر المفكرين السودانيين ووزير الخارجية وكاتب ومعلم أجيال. فقال أسامة مندهشا: الراجل أبو جلابية؟ فقلت له نعم.

فكر أسامة قليلا ثم قال: عندك حق لـأنه لما مراد لمعي أخدني عند الأستاذ فاروق أبو عيسى رئيس اتحاد المحامين العرب الراجل كان آخر تهذيب في بيته وعزمني على حاجة باردة

من ايده. فواصلت قائلا: والراجل الطويل الشفتو معانا في شقة الأستاذ محمد توفيق ده عضو مجلس سيادة يعني رئيس البلد. ولم يتمالك أسامة نفسه من أن يصرخ: الراجل الطيب ده؟ الراجل اللي بيخت العباية على كتفه ده الريس السوداني؟ معقول يا جماعة؟ ده راجل آخر تهذيب يقابلك وكأنه يعرفك. شفته كم مرة مع مراد لمعي.

وبعدها بأيام أتت الأخبار بزيارة رئيس الوزراء المصري للريس محمد الحسن عبد الله ياسين بمناسبة مرض ابنه فقال لي المهندس أسامة: بعد أن عرف من الأخبار والتلفزيون. إذا رؤساءكم بالشكل ده ..ده انتوا في نعمة .لا في فرق كبير بيننا وبينكم .

نعم لقد كنا في نعمة عندما كان زعماؤنا مثل محمد الحسن عبد الله ياسين.

لقد كنت رجلا عظيما رئيسي أتمنى أن لا تبدأ عملية شراء وبيع في سجلك الناصع. وأسكنك الله فسيح جناته فأنت تستحق كل خير.

**

ترددت في كتابة هذا الموضوع لأن البعض سيقول أن المجال مجال حزن ولكن هذا المعلومات أوردتها من قبل وهي موجودة في الصحف وبعض المواقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق