سياسة

ضفاف

أين أنت الآن وثم ماذا بعد؟

عاصم فقيري

قولاً واحداً لن نرضى بحكم العسكر والمليشيات طال الزمن أم قصر لن تحكم المليشيات السودان!

ما هو واضح أن جنرالات الجيش يعملون على تمكين المليشيات (الجنجويد) من السيطرة على البلاد بشتى الطرق سواء بالتمكين الاقتصادي أو العسكري، التمكين الاقتصادي عبر السيطرة على كل الموارد واحتكار تصديرها وليس الذهب فقط بل كل المنتجات الزراعية والحيوانية ، تماما كما فعلت الحركة الإسلامية عند استيلائها على السلطة في يونيو 1989 تحت شعار التمكين الذي بموجبه أخرجت كل التجار من الرأسمالية الوطنية من السوق وسيطرت على كل الموارد لصالح أعضاء التنظيم بمسميات متنوعة مثل جمعيات القرآن الكريم والجمعيات الخيرية ومنظمات الشهيد وخلافها من المسميات الدينية كدروع ذات شعارات دينية وجهادية من أجل الاستحواذ كل قرش دائر في السوق مما أدى إلى خروج كل رؤوس الأموال من السوق وحلت محلها منظمات الحركة الإسلامية وحتى أفرادها كما أسلفنا بمختلف المسميات، وأضف إلى ذلك تأسيس الشركات التجارية في مختلف الأنشطة بأموال الدولة لصالح قيادات التنظيم إلى أن وصلت حتى لعضويات التنظيم الوسطى فتمت السيطرة على السوق والبنوك التجارية ومع استخدام وسائل تجفيف أصول التجار الذين لا ينتمون لتنظيم الحركة الإسلامية ومحاربتهم بشتى الطرق خلاف الاحتكار أيضاً بتلفيق التهم ومصادرة الممتلكات وصولا إلى غيرها من وسائل التخويف والارهاب!

الآن نفس السيناريو مع بعض الاختلاف ألا وهو أن العملية تقلصت من أعضاء تنظيم سياسي وانحصرت في أفراد يمثلون قيادات المليشيا (الجنجويد) وبعض جنرالات القوات المسلحة وبعض الانتهازيين من كل لون ومن كل من كان طرفاً في لعبة النهب واللصوصية وله مداخل بها تأهل لأن يكون جزء من العصابة القديمة الجديدة!

الخطر الحقيقي في هذه العملية هو أنها عملية احتلال تشارك فيها قوات أجنبية ودول أيضاً ذات مصالح إستراتيجية لا يهمها من يحكم السودان بل يهمها ماذا تستفيد ممن سيحكم لذلك تسعى جاهدة لكي تسيطر المليشيات حتى تظهر بعد إحكام السيطرة كشريك ولذلك أسهل عليها كثيرا أن تسيطر فئة غير وطنية وليس لها أي انتماء للسودان ووجدت ضالتها في هذه المليشيات (الجنجويد) ولعمري هذا هو الاحتلال والاستعمار بعينه! فهل تعلم القوات المسلحة بهذه النهاية؟! 

الجانب الآخر والمرادف للمال والاقتصاد هو السلاح والقوى العسكرية. أتذكرون سيناريو محاولة الانقلاب من سلاح المدرعات في الشجرة بقيادة الجنرال بكري؟ عندها قلت في بوست قصير: أخشى أن تكون هذه مؤامرة لتصفية آخر الضباط الشرفاء في الجيش، لعمري كان هذا حينها مجرد حدس! ولكن بعد أن سارت الأمور على النحو الراهن تأكد لي أنه مخطط مرسوم له بدقة لإضعاف القوات المسلحة وتمكين مليشيات الجنجويد!

ومنذ لك الحين توالت أحداث باحتلال حتى بعض مقار القوات المسلحة من قبل الجنجويد بمباركة البرهان وجنرالات اللجنة الأمنية، وسبقت أيضا أحداث منذ فض الاعتصام أمام القيادة العامة وأشيع حينها عن اعتقال عدد كبير من الضباط وضباط الصف في القوات المسلحة ويبدو أن ما أشيع لم يكن مجرد اشاعات بل هو جزء من المخطط المرسوم لإضعاف القوات المسلحة وتمكين مليشيات الجنجويد.

بقراءة ما ورد اعلاه مع بعض التصريحات التي كانت تطلقها حكومة المؤتمر الوطني (الحركة الإسلامية) والتي كانت تقول فيها أنهم إذا تركوا الحكم سوف تدخل المليشيات والحركات وتنهب وتمارس الفوضى في البلاد، لعمري لم يكن ذلك تهديدا فقط بل كان في الأصل هو ضمن خططهم الشيطانية والتي بموجبها كونوا مليشيات الجنجويد لتقوم بهذا الدور في حال اسقاط حكمهم من قبل الشعب حتى تكون هي الورقة التي يضغطون بها لكي يتقبلهم الشعب مرة أخرى مجبرا ومكرها!

وإذا ربطنا بين ذلك وبين تصريحات الراهن يتأكد لنا أنها فعلا هي الخطة المرسومة وهاهم الآن يخططون بنفس النهج ونفس التسلسل الذي يحقق السيولة الأمنية والنهب والسلب من قبل ما يسمونه طرف ثالث، هذا على حد قول البرهان وجنرالات اللجنة الأمنية!

ليس هناك طرف ثالث هناك طرفان لا ثالث لهما طرف يريد أن يعيد انتاج النظام بشتى الطرق وبكل وسائل الخداع وطرف آخر أقسم على التحول المدني الديمقراطي وشعارات حرية سلام وعدالة!

فالتعرف أين أنت الآن وثم ماذا بعد!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق