ثقافة وفن

جون پول سارتر

أثره على المذهب الوجوديّ

خديجة منصور

طرح الفكر الفلسفي مجموعة من التساؤلات العميقة في جميع محطاته انطلاقا من الفلسفة اليونانية القديمة وصولا إلى المعاصرة، وجعل من الوجود الإنساني محور اهتماماته، وكل ما له علاقة بمحيط وحياة الإنسان، وسعى إلى إخراج هذا الفكر من النمطية في مقابل الاعتراف بثقافة التعددية.

استطاعت الفلسفة الوقوف على مفاهيم ونظريات مختلفة، ومعالجة بعض القضايا على مر العصور، وهذا ما جعل الفيلسوف ينطلق من ذاته ومحيطه من خلال تجربته الشخصية، فكانت الحاجة إلى افتحاص ونقد هته الآراء لتجنب الوقوع في تشنجات معرفية، ومن هنا بادرت الفلسفة المعاصرة على تمحيصه ودراسته “الفكر”.

مع بداية القرن التاسع عشر ظهرت الفلسفة المعاصرة واهتمت بنقد ودراسة المعرفة العلمية والوجود الإنساني، حيث تفرعت من جذورها تيارات ومذاهب فلسفية مختلفة أخذت على عاتقها إيصال مقاصد المعرفة والكشف عن حقيقة معينة.

فمجرد التفكير في طرح أسئلة متعددة مرتبطة بالوجود، ومعنى الحياة، لماذا نعيش ها هنا في هذا الشقاء والجحيم، حتى أضحى الإنسان يعيش قلق أنطولوجي وخوف من المجهول، فجاءت الفلسفة الوجودية للإجابة عن كل هته الأسئلة، وكثورة ضد تأزم الوضع الإنساني، فركزت على وجود الفرد وانشغالاته بالحياة الواقعية، هذا الأخير الذي يملك إرادة وقوة حرة تجعله يتمرد على ذاته ليتحرر من كل القيود دون النظر أو التفكير في المستقبل، فالوجودية كاتجاه فكري معرفي ابتدأت من الفرد بوصفه ذات وجعلته يحدد ويختار طريقه بنفسه بمعزل عن الأخر، ومن مبادئها أن الوجود يسبق الماهية أي أن الإنسان وجد أولا ومن تم أدرك أنه مخلوق، يقول رائد الوجودية الفيلسوف جون بول سارتر Jean-Paul Sartre “الإنسان محكوم عليه أن يكون حرا لأنه ذات مرة ألقي في العالم، وهو مسؤول عن كل ما يفعل”.

ركزت الوجودية Existentialisme على الفرد  وحريته لا على المجتمع، وانتشرت أفكارها بداية القرن العشرين قبل الحرب العالمية الثانية مع مجموعة من الفلاسفة أمثال الفيلسوفين الدنماركي سورين كيركيغارد Soren Kirekeagaard والذي تركت أعماله أثرا خاصا على الفلسفة الوجودية هدفها تعليم الناس معنى الوجود، والفيلسوف الأديب الفرنسي جون بول سارتر Jean-Paul   Sartre، فمن دون شك أن سارتر وضع أفكار و مبادئ للفكر الوجودي  من خلال مؤلفاته المهمة، إذ يعتبر من أشهر ممثلي الحركة الوجودية في فرنسا وهذا ما نستخلصه من خلال رواياته وكتبه فقد عرض قدرا كبيرا من أفكاره الوجودية من خلال شخصيات تواجه ذلك النوع من الدعوة إلى الفعل الذي هو جانب عظيم الأهمية من جوانب الوجودية، فقد أثرت كتاباته الأدبية والفلسفية ايجابيا على الفكر الإنساني بصفة عامة وهذا ما عبر عنه في قوله : “إنك لست سوى ما تعيشه”، إذ يعتبر سارتر أول من أطلق الصيغة الأولية للوجودية الحديثة واستخدم العبارة ” الوجود يسبق الماهية ” وهذا ما تطرق إليه من خلال مؤلفاته المتميزة  على سبيل المثال لا الحصر: 

مؤلفه الوجود والعدم 1943:

يعد من أشهر كتبه التي ألفها يقول سارتر: “إن الوجود هو ببساطة شرط كل كشف، إنه وجود- من أجل الكشف، وليس وجودا منكشفا.” (صفحة 19 من كتاب الوجود و العدم ) استهل سارتر مؤلفه بالحديث عن الوجودية الحديثة معتبرا أن الوجود يسبق الماهية محللا بذلك العمق الوجودي وما يرتبط به  من مفاهيم: كالعدم ، الحرية ، الفعل و الملك ، و في معرض تشخيصه للمفهوم الحرية وقف على إشكالية “الاعتقاد الرذيل” الذي أثار فضولا فلسفيا لدى القارئ  مما اعتبره واقعا فلسفيا يخص في الدرجة الاولى اشكالية الانسان مع ذاته وهذا غالبا ما يتضح لنا عند ما نمتهن مهنة الكذب على أنفسنا ونؤمن بمصداقيته  علما أنها تطرح لنا إشكالية “سيكولوجيا” لا يمكنها أن تتماشى سيكولوجيا على اعتبار أن نرجسية الإنسان أحينا ما تؤمن بأحادية الفكر الذي يتملكه ويتقاطع مع الفكر الخارجي.

مؤلفه الوجودية مذهب انساني 1945:

عرض في هذا الكتاب “إن الوجودية فلسفة متفائلة، إنها تضع الانسان في مواجهة ذاته، حرا يختار لنفسه ما يشاء، وهذا أمر مزعج لا يعجب الكثير من الناس”. يؤكد سارتر أولا على أن كل انسان عليه أن يحدد ماهيته ويخلق ظروفه بنفسه، وأن الوجود سابق على الماهية فالإنسان خلق حر مسؤول وأن هناك شيء من العبثية تجعله يقرر وضع خطواته في الحياة متجردا من الأفكار القديمة والخرافية.

ثانيا: دافع سارتر عن الفلسفة الوجودية ورد على من اعتبرها فلسفة تشاؤمية في اعتقاده هي فلسفة تفاؤلية باعتبار أن الانسان مشروع الوجود بنفسه من خلال مجموع أفعاله، فالإنسان يوجد أولا ويتعرف على نفسه وعلى سر ومعنى وجوده

ثالثا: شرح نوعين من الوجودية المسيحية والإلحادية وكلاهما يؤمن أن الوجود سابق على الماهية.

رابعا: حدد سارتر من خلال هذا الكتاب ثلاث مفاهيم أساسية (الالتزام، المسؤولية، الأفعال).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق