
حكاية الفلسفة (8)
أبو بكر الصديق على أحمد مهدي
من أنا؟
من أنا؟ هذا بالتأكيد أحد أكثر الأسئلة الرائعة التي يمكننا طرحها بشفافية، وعرضها بجرأة. هل أنا روح غير محسوسة، مسجونه داخل قفص اتهام «الجسد»، أم أنا مجرد شيء ما، أم أنا «لا ذات»، أم أنا «لا خيال»، هل أنا ذات متمردة ضد كل شيء، ومعزولة عن أي شيء آخر، أو نافذة مقفولة، أو دوامة في معمعة، أو فتحة يصبح من خلالها الكون واعيًا ولو الي حين، أو أي شيء آخر؟ هل أنا شيء ولا شيء؟ …….. من أنا؟
شاعرنا الإيطالي أوجينيو مونتالي يرد على سؤالنا الرائع بقوله:
أنا لست أكثر من شرارة من منارة.
حسنًا، أعلم ذلك:
أن أحرق، هذا، لا شيء آخر،
هذا هو ما أعنيه.
وبدأ التشيلي بابلو نيرودا قصيدته «نحن كثيرون» على النحو التالي:
من بين العديد من الرجال، من أنا،
من نحن،
لا يمكنني الاستقرار على رجل واحد.
وكان رد الشاعر الأمريكي عزرا باوند على هذا النحو:
«في البحث عن الأنا،
في البحث عن» التعبير الصادق عن الأنا «،
يتلمس المرء بعض الحقيقة العارية.
يقول أحدهم «أنا هذا أو ذاك أو آخر»،
ومع الكلمات التي نادرًا ما ينطق بها أحدهم..
…لم يعد هو ذلك الشيء «.
أما في «تي. آس إليوت»، شخصية تقول:
لقد تحررت من الذات التي تدعى بأنني شخص ما،
ولأنني لست أنا، بدأت أنا في أن اعيش.
اذن، من هو الفيلسوف الحقيقي؟
طرح أفلاطون السؤال التالي، خلال حواراته: «ماذا يجب أن يكون الفيلسوف الحقيقي؟» في جورجياس أو جورجيا، يثبت ويبرهن، هو، أي أفلاطون، تفوق الفلسفة على الوظائف الأخرى. ويعتبر أفلاطون القضايا المتعلقة بطبيعة، ونطاق الفلسفة والفلاسفة، قضايا مهمة وحاسمة جداً. ويعتبر الاستفسارات ذات الصلة، أساسية في هذا الحوار، أيضًا.
وقد كان الحديث يدور بأكمله حول موضوع «من هو الفيلسوف الحقيقي؟». إن رؤى الفيلسوف الحقيقي فريدة من نوعها، ولا تشبهها رؤية أو رؤى أخرى. ويختلف الفيلسوف عن الإنسان العادي، في أنه لا يكرس حياته، للمتعة الجسدية. ومعاييره، أي الفيلسوف، للألم وللمتعة استثنائية، فهو لا يخاف الموت اطلاقاً، وذلك لسببين.
• انه الجسد، لا غير، هو الذي يعيق النشاط الفلسفي.
• التحقيق مع الجثة أو الجسد، يؤدي إلى الخداع.
والناس العاديون، هم على قيد الحياة أكثر بكثير من الفلاسفة، بالمعنى المعتاد أو المتداول للكلمة. وإن القرب من الزفير، هو السمة الفريدة للفلاسفة. الفلسفة بالنسبة لأفلاطون، هي نشاط الموت. كما أن معيار اللذة والألم يختلف عند الفلاسفة عنه عند الناس العاديين.
ولا شك أن الفيلسوف مرهف الحس بطبعه، لماح وطلعة في تفكيره وعقله، تستوقفه الظواهر التي قد لا تسترعي انتباه الانسان العادي، وتستوقفه حوادث قد يمر بها أكثر الناس مر الكرام. تراه يعشق الحقيقة، باذلاً في سبيلها كل شيء، ولذا فهو جواد بكل ما يملك بغية الوصول اليها.
….. ويقول الفيلسوف نيتشة…
بلا ارتباك، بلا وجل
نحو أبعادٍ فسيحة
ومَن رآني عرفني
ومَن عرفني سماني السيد بلا وطن.
وللحكاية بقية… وكمان نهاية…
المصادر
• السلامي، ع.، 2019. نيتشه… الفيلسوف الذي يُقيمُ في أشعارِه. [أونلاين]. متاح على: URL: https://www.alquds.co.uk/ (تاريخ الزيارة: 18-12-2021)
• طبيعة الإنسان – فلسفي.، 2015. من أنا؟ [أونلاين]. متاح على: URL: https://reasonandmeaning.com/2015/03/26/who-am-i// (تاريخ الزيارة: 12-12-2021)
• بيجوم، س ومشتاق، هـ.، 2016. مفهوم الخلود في فليدو أفلاطون. الحكمة المجلد 36 (2016) ص 1-12.