سياسة

مواجهة الإرهاب الفكري بالحوار،الاختلاف و استعمال العقل

عبد الكريم غيلان*

.إشكالية عدم تقبل الآخر هي من البلايا التي ابتُلينا بها، والتصور التآمري للآخر والذي يجعل الشخص يرى الآخر على أنه العدو أو الخصم المخالف دائماً.
وهناك أيضاً وسواس الفرقة الناجية، ومؤداها أن المتعصبين دينياً، أينما كانوا، يؤمنون قطعياً أن فئتهم هي الفئة الناجية من دون البشر، ما يؤدي بالضرورة إلى إلغاء الحوار والاختلاف والاجتهاد، بل تعطيل فعالية العقل، لأن الأمر في منطق المتعصبين منتهٍ، وله أجوبته الحاسمة والجاهزة.كذلك من بين أسباب ظاهرة التعصب الديني: عدم التفرقة بين النص الإلـٰهي وأقوال العلماء، حيث يعتبر البعض أن أقوال العلماء ديناً غير قابل للخطأ أو المناقشة، فتراهم يدافعون عن أقوال العلماء مثلما يدافعون عن النص الإلـٰهي
.ومما يزيد الطين بلة رواج أحاديث ضعيفة وموضوعة بين المتمذهبين المتعصبين فيها إقرار لهم على ما هم فيه من اختلاف وتنافر، وهناك أحاديث غير صحيحة أو ضعيفة يستغلها هؤلاء المتعصبون استغلالاً فاحشاً لدعم آرائهم ومواقفهم.
و من أسباب هذه الظاهرة التي أصبحت منتشرة بمجتمعاتنا:
.١) غياب العدل والمساواة

٢ ) غياب الدور التربوي

٣ ) تضخم الذات

٤) الشعور بالنقص الذاتي

٥ ) الجهل وشح المعرفة

٦ ) التنشئة الاجتماعية الخاطئة

٧ ) الفهم الخاطئ للنصوص الدينية

٨ ) فقدان الهدف
٩ ) علو المصالح الشخصية على المصالح العامة
١٠) فقدان مهارات التواصل

عندما قرأت، بالأمس (الاثنين 14 مارس 2022)، خبر تعرض الكاتب التنويري رشيد أيلال لاعتداء مشين من قبل أحد الظلاميين في مراكش، أحسست وكأنني تلقيت صفعة أعادت فتح عيني على أن هذه الكائنات المتحجرة، التي تنتمي إلى “أهل الكهف)، مازالت تواصل إفساد حياتنا العامة والخاصة، مازالت تهدد حلمنا بمغرب الغد، المغرب المشترك، المغرب المتعدد المتنوّع، الذي يسع الجميع… 
لنعرض أولا للواقعة، من خلال ما كتبه الكاتب رشيد أيلال:
 
“تم التهجم علي، قبل قليل، في إحدى مقاهي مراكش، من طرف ملتحٍ، بالسب والتهديد بالضرب بسبب أنني كنت أقرأ فقرة من كتابي في تلك المقهى، الشيء الذي لم يعجبه، وطلب مني أن أتوقف عن القراءة… لما رفضت بدعوى أنني في مكان عام، وأنني من حقي أن أقرأ لمن يجلس معي، تهجم علي بالسب، وصفي بعدة أوصاف منها أنني ملحد…”!

كم استشعرت الأسى والألم، والحمم تتوقّد وتهزّ الروح والأعصاب أمام شهادة إدانة لقوم يعيشون بين ظهرانينا، يمثّلون أنفسهم حماة لله في الأرض، وكأن الله يحتاجهم للدفاع عنه، ولم يبق لهم إلا أن يشكلوا شرطة دينية، تفتّش ما بذات الصدور!
استشعرت الألم، لكن طغى عليه فيض الأمل، الذي ينفثه فينا بلا حساب أمثال الكاتب رشيد أيلال وغيرهم(ن) كثيرون وكثيرات، هؤلاء الذين يحملوننا إلى آفاق رحبة طافحة بالحرية والكرامة والعدالة، وبالإنسان في الأول والأخير…
لأنك تتنفس نسائم الحرية يا ايلال رشيد…
 
ولأن رحيق الوطن يأتيك من وراء ظلال تلك المدينة الجميلة…
مدينة سبعة رجال، مراكش الحمراء، جامع الفناء حيث الخلد والبقاء، وسفوح الجبال الشامخة لأوكيمدن…
ولأنك يا ايلال رشيد تصرّ على إعلان الحب وإعلاء كينونة الإنسان…
فإن طيور الظلام طاردتك وستبقى تطاردك، لأنك ترعبها في وجودها ومصيرها بشعلى الأنوار التي تتأبطها بالليل وبالنهار، في البيت وفي الشارع وفي المقهى وفي كل مكان…
نحن كلنا معك يا ايلال رشيد، نقف بجانبك ونشد على يدك، ونبعث لك باقة ورد وتضامن مكين في مواجهة كل أشكال التهديد والإرهاب الفكري الممارس من طرف هؤلاء المتطرفين المجرمين…
نستعير اليوم، وبالأمس وغدا، تلك الكلمة القوية العالية، للشهيد عمر بنجلّون، الذي كان واحدا من أوائل المغاربة، الذين قبضوا على جمر الدفاع عن قضاياهم المبدئية، في عهد كان النضال يؤدي إلى كل أشكال التنكيل والتعذيب والبطش، من الاختطاف إلى السجن إلى المنافي وصولا أحيانا إلى التصفية والإعدام… عمر الذي ذهب ضحية الظلام والإرهاب، من أجل تحقيق مطالب الكادحين وآمال المستضعفين وأحلام كل أهلنا الطيبين، والذي بقي استشهاده جرحا موشوما في الذاكرة وغصة في الروح والأعصاب مازالت عالقة بي دون أن أستطيع نسيان فقدانه الرهيب، رغم أن الجريمة الشنعاء وقعت يوم 18 دجنبر 1975…، نستعير منه اليوم، وكل يوم، كلمته القوية، التي نتسلّح بها بكل فخر وكبرياء، إذ قال “الإرهاب لا يرهبنا والقتل لا يفنينا وقافلة التحرير تشق طريقها بإصرار”…
إنها رايتنا وعنواننا وروحنا وريحاننا وكل شيء جميل وشامخ في بلدنا وأهلنا نطوّقك به يا ايلال رشيد مثلما نطوّق به كل قاماتنا ورموزنا الموجودين معنا داخل هذا الوطن العزيز على قلوبنا ، ، الذين يتحدّون سدنة التخلّف والتحجّر من قوى الظلام التي تريد أن تمارس
الحجر والوصاية على الوطن و على الشعب …
. كرامتنا مقطعة الأوصال، لملمتها تحتاج إلى مثقفين من طينتك.
لحد الساعة لم في بلدنا العزيز نعيش في جو من الحرية الفكرية التي اتمنى ان تتطور أكثر و ان نكون حرصين على تحصينها و الشد عليها بالنواجد…لذى نشكر الجهات الأمنية التي تصدت بسرعة لمثل هذه السلوكات المقززة التي لن تزيد الا إساءة لبلدنا و سمعته التي أصبحت تتحسن على المستوى العالمي
شكرا لكم كلكم لأنكم معنا، شكرا لشموخكم ولكل ما تمنحونه لبلدنا من نور ونوّار…
فلكم منا جميعا كل الحب والتقدير والتضامن…

اطار بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي
الدار البيضاء المغرب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق