ثقافة وفن

حكاية الفلسفة (12)

البرادايم/النموذج

أبو بكر الصديق على أحمد مهدي

المكونات الرئيسية لنموذج (لبرادايم) البحث:

وفقًا لنكولن وجوبا/كوبا (1985)، يشتمل النموذج على أربع مكونات رئيسية، وهي:

• علم الوجود-Ontology- (دراسة الوجود)،

• نظرية المعرفة- Epistemology- (دراسة المعرفة)،

• المنهجية- Methodology- (خطة العمل)،

• اكسيولوجيا- Axiology- (دراسة القيم)

من الضروري أن يكون لديك فهم لهذه المكونات، والتي تشمل الافتراضات والمعتقدات والمعايير والقيم الأساسية، التي يضمها كل نموذج. لذلك، عند وضع مقترح البحث الخاص بالباحث في نموذج بحث محدد، يكون الفهم هو أن بحث الفرد سوف يُدعم، ويتحرك بناءً على الافتراضات والمعتقدات والمعايير والقيم الخاصة بالنموذج المختار. لذلك، من الضروري إظهار وتوضيح ما يعنيه كل عنصر من هذه العناصر أو هذه المكونات.

وبالمثل، يطرح داماك (2015) بعض الأسئلة حول ما الذي يؤسس للنموذج؟ يحمل النموذج في أحشائه كل من الأنطولوجيا، ونظرية المعرفة، والمنهجية، والأساليب. فاذا كانت الأنطولوجيا (علم الوجود) تهتم بجوهر الوجود، نجد نظرية المعرفة مهتمة ومهمومة بطبيعة المعرفة. إنها، تعمل وتتفاعل مع نوع العلاقة التي تربط العارف بالمعروف.

فالعلاقة بينهما أي بين الأنطولوجيا ونظرية المعرفة مهمة وضرورية وملحة. إن الأنطولوجيا ونظرية المعرفة معاً، هما الساس والأساس التي يتم على أساسهما بناء البحث، فهما مدرج اقلاع البحث نحو آفاقه الرحبة المنشودة. وأيضاً، يعتمد اختيار المنهجية والأساليب على الافتراضات الأنطولوجية والمعرفية للباحث ولبحثه.

أخيراً وليس آخراً، يحتوي النموذج على الأنطولوجيا، ونظرية المعرفة، والمنهجية، والطرق. وبعد شرح كل واحده منهن، ستكون الصلة والصلات، والعلاقة والعلاقات بينهن واضحة وجلية كصفحة المرآة.

فعلم الوجود يهتم بدراسة الوجود، وبكنهه وبحقيقته. وتسلط افتراضاته الأضواء على ما يشكل الوجود ويكونه من موجودات. وعلى العلماء اتخاذ موقفًا واضحاً صريحاً، تجاه ما يتعلق بتصوراتهم، حول كيفية وجود الأشياء بالفعل، وكيف تعمل حقًا.

وتدور نظرية المعرفة حول طبيعة المعرفة وأشكالها وأنواعها. وتهتم افتراضاتها بكيفية صنع المعرفة وانتاجها، والحصول عليها، ونقلها وتوصيلها. وهذا جوبا ومعه لينكون (1994) يوضحان لنا عن ماذا تسأل نظرية المعرفة، ويضرحان سؤالها بين راحتينا، وأمام ناظرينا سائلين: «ما هي طبيعة العلاقات المتبادلة بين العارف المحتمل وما يمكن معرفته؟

وكل نموذج محدد يعتمد على افتراضات أنطولوجية ومعرفية محددة. وبمجرد أن تكون جميع الافتراضات عبارة عن عمل تخميني، هل يمكننا ذلك من إثبات الأسس الفلسفية، لكل نموذج من الناحية الإحصائية أم لا؟

تحتضن النماذج بطبيعتها ألوان مختلفة من علم الوجود، ونظرية المعرفة. لذلك، لديها، افتراضات للوجود وللمعرفة تلك التي تدعم أسلوب بحثهم المحدد والمعين. وقد تبدو هذه الاختلافات واضحة في منهجيتهم وطرقهم وأساليبهم البحثية.

وننتقل لنتعرف على المنهجية! المنهجية هي خطة العمل التي تتخذ موقعها وراء اختيار وتوظيف طرق محددة. وبالتالي، فإن المنهجية تدور حول لماذا، وماذا، ومن أين، ومتى، وكيف يتم الحصول على البيانات ودراستها. ويشير جوبا ولينكون (1994) إلى أن المنهجية تسأل:

كيف يمكن للباحث أن يكتشف كل ما يعتقد أنه يمكن معرفته؟

المنهجية هي «نظرية مفصلية، ومعرفة فكرية، لصنع البيانات والحصول عليها». تشير إلى الدراسة والتحليل النقدي لتقنيات صنع البيانات. إنها «الاستراتيجية أو خطة العمل أو العملية أو التصميم» التي تنصح الباحث على اختيار طرق بحث محددة، تتآلف وتتناغم مع طبيعة البحث المعين وروحه وتنسجم معه.

إنها «تناقش وتحاور الكيفية التي يتم بها إجراء بحث معين». إنها تدفع وتحفز وتشجع الباحث بإلحاح وبإصرار على تحديد البيانات المطلوبة للدراسة، وأي الأدوات الخاصة بجمع البيانات ستكون أكثر ملاءمة لهدف بحثه. إنه الاستفسار المنهجي الذي يوجه الباحث أو الدارس للاستعلام عن كيفية استكشاف العالم.

المنهجية هي التوسع المفاهيمي للإشارة إلى تصميم البحث والأساليب والنهج والإجراءات المستخدمة في الدراسة المخططة جيدًا لمعرفة شيء ما. فعلى سبيل المثال، يعد جمع البيانات والمشاركين والأدوات المستخدمة، وتحليل البيانات، هذه وتلك كلها أجزاء في مجال المنهجية المتسع الواسع الفسيح.

وبشكل عام، توضح الطريقة منطق وتدفق العمليات المنهجية المتبعة في القيام بمشروع بحثي، وفي الحصول على المعرفة المتعلقة بمشكلة البحث. وهي تشتمل على الافتراضات التي تم إنشاؤها، والقيود التي تمت مواجهتها وطريقة تقليلها. إنها تلقي الضوء على كيف يصبح العالم مألوفًا أو معروفًا لنا أو كيف نكتسب المعرفة فيما يتعلق بجزء منه أو بأجزاء منه.

عند اختيارك لمنهجية مقترح البحث الخاص بك، يجب أن تسأل نفسك: كيف سأتحرك نحو اكتساب البيانات والمعرفة والتفاهمات المرغوبة والمستهدفة التي ستجعلني قادرًا على الحصول على إجابة لسؤال البحث، وبالتالي إضافته إلى الأدبيات أو المكتبة العلمية؟ وهذا يتطلب منك يا أيها الباحث النبيه الجاد الإجابة على السؤال التالي…

ما هي الطرق؟ هي وسائل وإجراءات خاصة تستخدم للحصول على البيانات وتحليلها. والبيانات التي يتم الحصول عليها تتشكل في نوعين «بيانات نوعية، وأخرى كمية».  والطرق هي سلسلة من الأساليب المستخدمة في البحث لجمع البيانات المستخدمة، كأساس للاستنتاج وللتفسير.

في حين أن المنهجية هي الإستراتيجية أو خطة العمل، التي تعطي سببًا لتوظيف واختيار طرق محددة وليس غيرها. لذا، فإن تقنيات أو طرق الاستفسار هي نسخ من افتراضات الباحثين، المتعلقة بطبيعة الواقع/الوجود والمعرفة.

وعلى نفس الايقاع والخطوات، تعد الأساليب طريقة خاصة ومحددة لجمع البيانات ودراستها، مثل الاستبيانات والمقابلات المفتوحة والمشاهدات وغيرها. وتعتمد الأساليب التي يجب استخدامها لمشروع بحثي ما، على تصميم ذلك المشروع والعقلية الفكرية للباحث صاحب البحث أو الدراسة. ومع ذلك، فمن الملاحظ أن استخدام طرق محددة لا يستلزم أبدًا افتراضات وجودية وأخرى معرفية.

النموذج والبيانات (Paradigm and Data): تستخدم جميع النماذج البيانات الكمية أو البيانات النوعية أو كليهما. ويمكن إرجاع طرق البحث، من خلال المنهجية ونظرية المعرفة، إلى الموقف الوجودي أو الأنطولوجي.

والعمل في أي شكل من أشكال البحث غير ممكن، ما لم يتم الالتزام (ضمنيًا غالبًا) بالآراء الوجودية والمعرفية. وتعمل المعتقدات الأنطولوجية والمعرفية المختلفة على توجيه مناهج البحث المختلفة تجاه نفس الظاهرة. وستصبح هذه الاختلافات دليلاً على استكشاف النماذج العلمية والتفسيرية والنقدية.

الأساس النموذجي: يعد اختيار أساس نموذجي مناسب أمرًا ضروريًا للمحللين الباحثين لأن النموذج، كما يقترح جوبا ولينكولن (1994)، يوفر عالمًا من الآراء التي تميز طبيعة العالم، ومجموعة الاحتمالات لأصحابها، فيما يتعلق بالواقع/بالوجود. وتحديداً تشكل الاهتمامات الأنطولوجية والمعرفية والمنهجية بوصلات أي نموذج.

تلخيصاً لما سلف ذكره، فنموذج (فبرادايم) البحث هو:

• مجموعة المعتقدات والاتفاقيات المقبولة والمعتمدة، تلك التي يشيع استخدامها بين العلماء، حول كيفية إدراك المشكلات والتعامل معها (كوهن، 1970).

• يمكن تصنيف نماذج البحث، بالطريقة التي يتفاعل بها العلماء مع ثلاثة أسئلة رئيسية: الأسئلة الأنطولوجية، والأسئلة المعرفية، والأسئلة المنهجية (جوبا، 1990).

• يمكن لعلماء الاجتماع وضع استفساراتهم في أي عدد من النماذج. وللعلم، ليس هناك نموذج محدد صحيح أو خاطئ، فقط هناك نموذج أكثر أو أقل فائدة في الحالة المحددة، ونفس النموذج الذي يكون أقل فائدة في حالة ما، ممكن أن نجده أكثر فائدة في حالة أخرى. وكل نوع يشيد ويهندس نوع النظرية التي تم تصميمها وإجراؤها للمعرفة العامة (Babbie، 1998).

يشتمل نموذج كوهن (1970)، المتوافق مع الإنجازات العلمية المقبولة عالميًا والتي، لبعض الوقت، تمنح مشاكل وحلول نموذجية لمجموعة من الباحثين، على:

• ما الذي يجب ملاحظته وتحليله؟

• أنواع الاستفسارات التي من المحتمل أن يتم استجوابها وسبر أغوارها، للحصول على إجابات مرتبطة بهذا الموضوع.

• كيف نبني هذه الاستفسارات؟

• كيف ينبغي توصيل وتبليغ نتائج التحقيقات العلمية؟

• كيفية التجربة وما هي المعدات والأدوات المتاحة للبحث؟

وللحكاية بقية… وكمان نهاية…

المصادر:

• عبد الرحمن، أ، الحارثي، ك، 2016. مقدمة لنماذج البحث. المجلة الدولية للتحقيقات التربوية، IJEI.Vol.3.No.8.05-ResearchParadigms.pdf

  ج. أصغر، 2013. النموذج النقدي: مقدمة للباحثين المبتدئين. معهد اللغة الإنجليزية، جامعة الملك عبد العزيز، جدة. 21589 المملكة العربية السعودية. مجلة لايف ساينس 2013؛ 10 (4)

  Dammak، A.، 2015. نماذج البحث: المنهجيات والأساليب المتوافقة. فيريتاس، 6 (2)، ص 1-5.

  Kivunja، C and Kuyini، A.، 2017. فهم وتطبيق نماذج البحث في السياقات التعليمية. المجلة الدولية للتعليم العالي. http://ijhe.sciedupress.com

• اسكتلندا، ج.، 2012. استكشاف الأسس الفلسفية للبحث: ربط علم الوجود ونظرية المعرفة بمنهجية وأساليب نماذج البحث العلمي والتفسيري والنقدي. نشره المركز الكندي للعلوم والتعليم. pdf.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق