سياسة

 لماذا نظلم أنفسنا ومن هم منا؟

شوقي بدري

 ذهبت الى براغ قبل اسابيع لزيارة السيدة الينا كالاشوفا التي ارتبطت بها قبل أكثر من نصف قرن و لم تنقطع علاقتنا ابدا مع والدها الرفيق يان كالاش والوالدة السيدة كالاشوفا، الجدة الشقيقات وازواجهن. السبب كان تعرضها لعدة عمليات في ظهرها مما جعل الفتاة الرياضية التي استخدمت قبضتها عندما استفزني شيكي صفيق. وعندما نهض التشيكي قالت له لقد قدمتلك خدمة لأنه إذا  لطمك لما قمت بعدها. اليوم تسير بعكازين. هكذا هي الدنيا. صارت تعتمد على لسانها اللاذع والساخر فقط في الرد.

اردت ان ذأزور الممر المسقوف الجميل لكي ابكي على عزيز غاب سريعا بسبب العنصرية. كان ذلك المرر التاريخي تحفة اثرية مثل اغلب مباني براغ التي لم تتعرض لدمار او قصف خلال الحرب العالمية الثانية فالجيش التشيكي استسلم بسهولة لقوات هتلر بعد أن باعتهم بريطانيا خليفتهم وتخلت فرنسا عنهم. القصد كان التضحية بالجزء الغربي من بوهيميا المعروف ب، سوديت لأند، بالأقلية الالمانية الكبيرة. هتلر بعد أن تحصل على الضوء الاخضر من تشمبرلين رئيس وزراء إنجلترا احتل كل تشيكوسلوفاكية ولم يتوقف الا في ستالينغراد ونهر الفولجا.

الممر شهد ظلم المواطن السوداني لأخيه السوداني، ولهذا وقفت هنالك وبكيت.

 في هذا الممر تعرض أحد أنبل السودانيين وألطفهم وابعدهم من العنف الجسدي او اللفظي الحبيب المهندس، منوا بيج، لكمين من ثلاثة من ابطال الحزب الشيوعي، وهم عوض الكريم، احمد سر الختم وبلنجة. المؤلم انني كنت اقابل احمد سر الختم الرجل المعقول كثيرا من منزلنا في امدرمان الذي كان مفتوحا للحزب الشيوعي واعضاءه. اذكر أن الاخ الخاتم عدلان كان يقول لي انه سكن في منزلنا لفترة. انا فخور باستضافة بيتنا للشيوعيين لأنهم من اشرف السودانيين وابعدهم عن السرقة والفساد .. وطبعا هنالك تفلتات واخطاء أيديولوجية وسياسية.

 صحبني اثنين من قدماء السودانيين منذ الستينات الى الممر وهما المهندس يوسف حسن التوم والدكتور حسن البكري كيلاني وهما من زاملني في براغ في السكن في المدينة الجامعية استراهوف التي ضمت 6 ألف طالب والكثير من الموظفين وعمال المطعم الضخم الذي يطعم كل تلك الافواه الشابة زائدا المتاجر الصغيرة. وكل شيء كان ملكا للدولة، ولهذا لم يكن من الممكن تجنب السرقة والفساد.

 زيارة براغ اعطتني فرصة رائعة للتواجد مع رجل الاعمال الشاب جعفر بدري والابن والنسيب طارق الافندي. وأن لم انجح بعد عدة محاولات في مقابلة الاستاذ محمد مراد وزوجته الأستاذة خديجة.

 ذلك الممر كان يقودنا شارع نابرشيكوبيا حيث البنك التجاري حيث نستلم التحاويل السودانية من السيدة سبوتكفا اللطيفة الى شارع يندريشكا الذي يخترق ميدان الفاسلاف أكبر ميدان في الجمهورية وينتهي في ميدان مكسيم قوركي حيث كليتنا من 60 كلية مختلفة في براغ. وعرف الممر وسط السودانيين بممر منوا أو باساج منوا طيب الله ثراه. وقفت هنالك وتخيلت الجريمة البشعة وثلاثة من السودانيين ينهالون ضربا وشتما على انسان وديع مسالم احبه الجميع واحترموه. ليس له دخل بالسياسة او السكر والمعارك الاجتماعية او الأيديولجية. كل ما كان يهمه هو صداقاته الكثيرة ودراسته التي كان مميزا فيها.      

 منوا وقف مع قرار السلام بعد اتفاق نميري مع الجنوب ونعم الجنوب بالسلام والاستقرار لفترة ليست بقصيرة، قبل أن يعود النميري لخرمجاته وعنترياته الفارغة التي جعلته ينقلب على نفسه وقرارته.

  بالنسبة لمنوع والذي عاش كطفل انتفاضة الجنوب الاولى في 1954 عندما درس في مدرسة لوكا، ثم مذابح الخمسينات الستينات السبعينات، كان السلام بالرغم من بعض الاخطاء يعني الكثير لبلده، بور، والتي كانت تعاني دائما لأنها على النيل في الطريق وملتقى طرق بين اعالي النيل والاستوائية وبين اعالي النيل وبحر الغزال في الغرب وشرق الاستوائية. والى اليوم تتعرض بور دائما للدمار والموت حتى في صدامات رياك مشار النويراوي وسلفا كير الدينكاوي. فعندما تتعارك الافيال يخسر العشب.

بور هي بلد البطل القائد جون قرنق دا ما بيور واحد اعقل السودانيين مولانا ونائب رئيس السودان، ابيل الير، اهل بور فتحوا اذرعهم للجميع. يعرفهم الانسان بشلوخهم المميزة على جباههم في شكل سبعات وليس خطوط مستقيمة كبقية الدينكا والنوير في شكل خطوط مستقيمة. شقيق منوا بيج شيك بيج يحمل نفس الشلوخ، ا أن منوا لا يحمل شلوخا اهل بور لا يلتزمون بنزع الاسنان الامامية في الفك الاسفل، لهذا يسخر منهم اهل قوقريال مثلا ويقولون انهم ودينكا اويل ليسوا بدينكا اصيلين. شيك بيج زاملني في العباسية عندما التحق بالمعهد الفني بعد الثانوي.

على عكس منوا وابن خالهم مولانا ابيل الير كان مستعدا للدخول في اى معركة جسدية او فكرية. ولو كان مكان شقيقه منوا في براغ لكان الحال غير الحال. فالجبناء يهاجمون كمجموعة الافراد المسالمين. خوفا من اعادة الضرب والشتائم، اضطر منوا الرجل المسالم الى حمل شاكوش في شنطته ليدافع عن نفسه بسبب الاهانة التي تعرض لها ياله من انجاز العظيم. لقد حولوا الرجل اللطيف الى من هو على استعداد للقتل دفاعا عن نفسه.

 ما عرف بعلقة منوا صارت يؤرخ بها كأحد انجازات الحزب الشيوعي في براغ. البطل صاحب القامة المديدة والذي قاد المعركة كان عوض الكريم. ولكن اذكر عندما صفعته لم يرفع نظره. ولم تكن تلك المعركة الاخيرة فقد تعرض محمد بشير الطيب لعلقة معتبرة. خطط لها وتم ابعاد صديق طفولته والمدرسة الوسطى والثانوية الرجل المهاب والشيوعي الملتزم الشنقيطي بدري الى داخلية ياروف البعيدة بواسط اصدقاء مشتركين. محمد بشير كان من المسالمين. انضم الى الحزب الشيوعي وهو في نهاية المدرسة الوسطي. ادخله هذا في خلافات مع والده؟ اذكر انه قد قضى معنا بضعة ايام قبل أن يرضى عنه والده. وكانوا يعرفون أن وجود صديقه الحميم الشنقيطي في داخلية بودولي لن يعطيهم فرصة، لتأديب، محمد بشير الطيب!!

 من ادار تلك الغزوات هو حسن سنادة الذي كان الامبراطور المتوج في براغ. ومن سكان ما عرف بمنطقة انفالدوفنا التي خصصت لكبار الشيوعيين. حسن سنادة خلف الاستاذ الطيب ابو جديري في اتحاد الطلاب العالمي. وكان من المفروض أن ترسل جامعة الخرطوم الطالب فاروق عبد الرحمن الذي صار سفيرا ووكيلا لوزارة الخارجية هو اديب له اصدارات يجب الاطلاع عليها لأنه من أعظم الاسفار في التاريخ والسيرة الذاتية. بعد حسن سنادة وفي نهاية الستينات اتى فتحي فضل الذي هو اليوم الناطق الرسمي للحزب الشيوعي. سكرتارية اتحاد النقابات العالمي اتحاد الشباب اتحاد الطلاب العالمي، لم يكن الحزب الشيوعي يسمح لأحد من الاقتراب منها.  الغريبة أن الدكتور عبد الوهاب سنادة كان من الطف البشر يصعب ألا يحبه الانسان من كل قلبه لأنه كان كما يتوقع الانسان من من انضم الى الحزب الشيوعي. يقول لي الدكتور الفاضل عباس

 حسن سنادة تسبب في ترك البعض من الشيوعيين الحزب الشيوعي. أحدهم الدكتور عبد الرحمن عبد الحميد عثمان الذي كان واجهة الشيوعيين في مدرسة خور طقت وقد قام بتجنيد الكثير من الشيوعي وبسب صداقتنا لعشرات السنين في براغ واسكندنافية حاول تجنيدي الا انه تركني في حالي بعد أن كنت أفحمه واعطيه بعض الكتب التي تؤكد فكري وعبد الرحمن كأغلبية الشيوعيين لم يقرأ الكثير عن الشيوعية والماركسية اللينينية. لم تتوقف مشاكساتنا ونقاشنا الأيديولوجي والاجتماعي، حتى وانا ادفع كرسيه المتحرك في شاطئ جنوب السويد حيث ساعدته بالخبرة في شراء فلة رائعة. سكنها الى انتقاله الى جوار ربه. عبد الرحمن تحصل على دكتوراة في الطب وثلاثة تخصصات، تمتع بشخصية قوية ترك سيرة اينما تواجد ويذكره الناس. الغريبة انني سمعت ورأيت حسن سناده يوبخ عبد الرحمن كطفل ويهدده بأنه سيؤدبه. وعبد الرحمن لا يرد عليه وهوليس بالشخص الضعيف، بل العكس. كان هذا في ممر صوفيا امام المعرض السوداني الذي كان اضافة الى مهرجان الطلاب السودانيين في شرق اوروبا والمانيا نهاية اغسطس 1966.

 رجع الدكتور والرجل العظيم مأمون محمد حسين الى السودان بعد تخصصه والذي تعرفونه من برنامج بيوت الاشباح والذي تعرض فيه للتعذيب البشع  في بداية الانقاذ كما حكم عليه بالإعدام. فقد عبد الرحمن الدعم والسند الذي كان يجده من دكتور مأمون محمد حسين الذي كان له حضور ضخم كما كان رئيسا لاتحاد اتحادات الطلاب الافارقة في براغ، وكان عبد الرحمن في لجنة الاتحاد الذي كان ضخما بمقر وموظفين شيك. كنت انا بسبب تواصلي مع الطلبة الافارقة في لجنة دكتور مامون حسين لاصطياد اصوات الأفارقة، وكان السودانيون يسيطرون على الاتحاد ولنا حضور في كل المناشط واحتفالاتنا تقام في أضخم وافخم قاعة في الجمهورية قاعة اللوتسيرنا او الفانوس. شقيق عبد الرحمن الدكتور فاروق عبد الحميد درس في بولندا بمعاونة الحزب الشيوعي. عبد الرحمن لم يتخلى ابدا عن اشتراكيته مثل من اصابونا بالصداع في التطبيل للشيوعيه الاشتراكية الخ. وانضموا الى الدكتاتورية او مارسوا الفساد وصاروا من الاغنياء وانكروا اى صله تجمعهم باللبرالية ناهيك عن الشيوعية.

 علاقتي مع حسن سنادة كانت معقولة كان يشيد بي بسب نشاطي واجتهادي بعد أن اخترت في سكرتارية الاتحاد الذي صار رئيسه حسن سنادة. المشكلة الاولى والتي كان صديقي محمود جمعة المليجي يحاول أن يجد الحل لغلوتة فوزي باكب عدد من الاصوات في الانتخابات وتلك كانت سنتي الولي في براغ بعد كورس اللغة. وكان ذلك بعني انه كان هنالك شيوعيين لم يصوتوا لحسن سنادة والاصوات التي تحصل عليها حسن سنادة كانت اقل من عدد الشيوعيين!

 بعدها قمت استقالتي لأنني كنت احرم نفسي من الاكل مع الوفود كسكرتير مالي وكان من اكلفهم بمرافقة احد الوفود لتناول طعام الإفطار يتأخرون ويعودون ورائحة الخمر تفوح من الجميع. ثم يقولون انهم ذهبوا الى الاماكن الرخيصة حيث لا يعطون فاتورة. والبعض كانوا من اعز اصدقائي من الشيوعيين، بلغت عنهم. اغضب هذا حسن سنادة. قبلت بالمواصلة الى المؤتمر القادم بعد جهد. ولكن هذا وضعني في مواجهة مع حسن سنادة.

 في 2004 صحبني عدة اعضاء من الحزب الي البص الذي سيقلني الى المطار في براغ، منهم ثريا الشيخ زوجة محمد محجوب قبل موته وزوجة صديقه فتحي فضل الحالي والمتحدث باسم الحزب الشيوعي الرسمي، ومن الحضور كان الرجل الماهل والشاعر على عبد القيوم صاحب ديوان الخيل والحواجز. والقصيدة الثورية

أيُّ المشارقِ لم نغازل شمسها

ونميط عن زيف الغموض خمارها

أى المشانق لم نزلزل بالثبات وقارها

أى الأناشيد السماويات لم نشدد

لأعراس الجديد

بشاشة أوتارها

 استغربت جدا عندما شن الرجل اللطيف على عبد القيوم حملة شعواء على عبد الرحمن وشقيقه فاروق. وصفهم بناكري الجميل لأن الحزب قد عالج عبد الرحمن من مرض السل وعلمه الطب مثل شقيقه فاروق ثم تنكروا للحزب.

 ما حيرني هو أن على عبد القيوم طيب الله ثراه لا يعرف عبد الرحمن ولا أظن انه قد قابله. كما ان ثريا الشيخ وزوجها الأول من اعز اصدقاء عبد الرحمن وهذا ينطبق على آخرين. ولم يكن هنالك الا انا الغير شيوعي ومن دافع عن عبد الرحمن. ذكرت انني عندما جمعت تبرعات للحزب الشيوعي تبرع عبد الرحمن بألف دولار بدون تردد. وعبد الرحمن قد ترك الحزب بسبب توغلات حسن سنادة واستهدافه لعبد الرحمن. واذكر أن البروفسر حسن فرح في استونيا والذي درس في لنين قراد عمل في السودان كمهندس كهربائي ومكث في براغ لفترة قصيرة تعرض لمعاقبة ومعاملة غير كريمة واتهم بأنه لم يستخدم، التوصيلة،  ادى الى بعده عن الحزب ويعيش اليوم في جمهورية استونيا وحفيدته من حملة الشهادات العليا وهو كاتب اسفيري صاحب نشاط ضخم. لا يزال يحتضن الفكر الاشتراكي. الدكتور الفاضل عباس شقيق البروفسر ياسر عباس وزير الري في حكومة حمدوك ووالد الابن الدكتور عباس الفاضل عباس في انجلترة، تعرض لمضايقات من حسن سنادة ولبعض اعضاء مجموعة براغ مما دفعه لترك براغ.

 الفاضل هو من نقل الى الشيوعي العظيم محجوب عثمان أحد شركاء جريد الايام ورئيس تحريرها لفترة الصحفي الوزير المناضل الحقيقي وصديق البروليتاريا خبر الاعتداء على منوا بيج. غضب محجوب عثمان الرجل الحقاني وادان التصرف وكان رده …. يعني معنى كده المختلفين مع الحزب الشيوعي ممكن يضربوا الشيوعيين في الخرطوم!

 اذكر أن الدكتور محمد محجوب عثمان شقيق عبد الخالق قد ذكر لي، انهم في موسكو قد قادوا حملة وبطريقة منظمة انتقلوا في داخليات الطلبة بعد اعدامات نميري وحسب كلماته …. اى زول عنده غبينة من زول طلعها اليوم داك.

عندما تتعارك الافيال يخسر الحشيش او المواطن المغلوب على امره. رحم الله اخي الحبيب منوا بيج

 الغريب في الامر أن السلام الذي طبقه النميري مع الجنوب كان قد تمت هندسته بواسطة الحزب الشيوعي السوداني. لقد كونت وزارة الجنوب وكان الوزير المناضل جوزيف قرنق الذي أعدمه نميري في احدى جرائمه وجوزيف قرنق كان رجل قانون ضليع طيب الله ثراه. وتم تزويده بطاقم كامل من الشيوعيين منهم الدكتور الطاهر ابو حوة خريج براغ. والدكتور الفاضل عباس الخ. كان محجوب عثمان عضو اللجنة المركزية ووزير الاعلام في بداية مايو سفيرا في أوغندة التي اجتمعت فيها كل مخابرات العالم في نهاية حكم الرئيس ابوتي. مع وجود القانوني جوزيف قرنق وزير شؤون الجنوب في عنتبي بدا تشجيع اللاجئين الجنوبيين للرجوع للجنوب لأن قضية الجنوب سيتم حلها بطريقة راديكالية ترضي الجميع وتنهي الحرب. وكان هذا حلم العزيز منوا بيج واغلب اهل السودان. منوا كان بعيدا عن السياسة ودروبها. لا يهاتر لا يعرف القاسي من الكلام، لماذا اختاروه كضحية؟؟

 الغالي منوا تزوج من الشيكية، فيرا، ولهما ابنة اسمها، مانويلا، هاجرت الى كندا وتقيم هنالك اليوم. عاشت مع منوا والدتها في السودان الى موته المفاجئ المؤسف في السودان بسبب العنصرية والاهمال. وجدتا صعوبة في الخروج من السودان لأن عمها شيك بيج المتأسلم كان يرفض سفر ابنه اخيه خارج السودان.

لفترة ليست بالقصيرة كانت مانويلا سكرتيرة فنان تشيكوسلوفاكية الاول كارل قوت صديق الفنان وعازف الجيتار قيشيك من مالي كان لاعب كرة ممتاز وصاحب كاريزما عالية ربطتني به صداقة توفي في حادث سيارة بيجو بيضاء كان يقودها افريقي متهور اتي مع زوجته الفرنسية في زيارة لمدينتنا الجامعية وسكن كسائح في الصيف. نعته الصحف الشيكية تحت عنوان، هفيزدا، او النجم الذي اختفى.. وينافس كارل قوت الفنان والممثل ماتوشكا الذي كان لطيفا مع الافارقة وبسبب لون شعره الاسود يقول … اظن أن جدودي من افريقيا او من أصلي الغجري. كنت اقابله مع صديقي الاريتري/ اثيوبي، افورك بينا، الذي درس الاخراج والمسرح الخ وكان مشهورا في براغ.

 الفنان والممثل الثالث كان، نسكارز، تشتهر بالفلم الذي وحد رواجا عالميا، اوسترزي هليدوفاني فلاكو، مراقبة القطارات الصيفية. فىي احدى الليالي وربما بسبب الخمر سخر من بعض الافارقة منهم الاخ حبيب الذي كان متزوجا من شيكية وله منها طفل اسمه، ماو، بسبب تقارب الكثير من الافارقة بفكر ماو نسي تونق. منهم الاخ الجنوب افريقي كونت بترسون. انتهي الامر بعلقة وقام الاخ حبيب أبا خال بريمة افتح زجاجات النبيذ في مؤخرة نسكارز الذي كان يتمتع بسمعة الشذوذ الجنسي. حبيب عاد تانزانيا وكان يكتب خطب الرئيس هنالك كما سمعت من احمد عبد الرحمن برهان الذي كان يشاركني في الغرفة مع راماروبي من لسوتو في جنوب افريقيا. واصل اهل احمد من تجار الرقيق المشهورين في جزر القمر وزنزبار. نحن الافارقة من ظلمنا انفسنا ومن هم منا..

 شقيقي مُنوا كان جميلاً يشع نقاء

والبشرة منه سوداء .. ما أروعها سوداء

والبسمة تكشف عن أسنان، نبخسها، اذ قلنا بيضاء

والروح تشع دفئاً وبهاء

في الغربة لم يشارك شقيقي الرأي بعض الزملاء

شتموه ضربوه ووصفه صفيق، بابن السوداء

وتمادي آخر وقال إبن الغلفاء

هل كانت للزملاء أم بيضاء؟

فما زالوا سوداً، يعميهم جهل وغباء

ويرجع شقيقي للوطن، يشارك في عمل وبناء

فهل شاهدتم دينكاوياً ليس بمعطاء؟

وفي يوم يأكل منه الداء الاحشاء

ويُهمل شقيقي في المستشفى.

قالوا حسبناه عبداً عادياً، أو أحد الغوغاء

وبعيداً عن بور يحتل شقيقي قبراً بلا اسم في أرض جرداء

ولم يبقي لي سوي صوره سوداء بيضاء

ـــــــــــــــــــــــــ

وبعد أن ينفض جليداً، ويطوح بحذاء

يجذب إبني مُنوا من تحتي طرف غطاء

وأتحسس الجسم الغض والشعر القاسي كالحلفاء

دماء الشلك ما أروعها، تطل بكل أباء

ـــــــــــــــــــــــــ

من قال ان الجمال بشره بيضاء؟

من قال ان الجمال خصله ملساء؟

ويأتي صديق يحمل شهادة دكتوراه

مصحوباً بزوجه جميله. تخضب يديها بالحناء

وتقول ما أجمل ابنكم، ما أسمه؟ عيناه تشعان ذكاء

وعندما تسمع اسم شقيقي، يكتسي وجهها بنظره ازدراء

لقد أجرمتم في حقه، سيعاني ويواجه كل شقاء

هذا الاسم يطلق علي العبيد والغرباء

ويوافق صاحب الدكتوراه. وعلي شفتيه ترتسم ابتسامه بلهاء

صديقي مثلي يؤمن بالاشتراكية والعدل وأن الناس سواء

ما أبشع غسيل المخ والغباء

وما أبخس العلم الذي لا يزيل عناء

وأُذكره كيف واجه في الغربة من تفرقه وجفاء

وأقول للزوجة بأنها في الغربة أمه سوداء

وإن حسبت نفسها بنت السادة والنبلاء

وأودع من كان صديقاً بدون عداء

فمثله لا يستحق عداء. إذ ليس بعدها لقاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق