سلايدرسياسة

ألمانيا: احتدام المنافسة داخل «الاتحاد المسيحي» لخلافة ميركل

تحتدم المنافسة الحزبية الداخلية على منصب المستشار داخل حزب الاتحاد المسيحي بين المرشحين المحتملين لخلافة أنجيلا ميركل، وعلى رأسهم زعيم الحزب المسيحي الديمقراطي، أرمين لاشيت، وزعيم الحزب الشقيق «الاجتماعي المسيحي» في بافاريا، ماركوس سودر.

ويتزامن ذلك مع تراجع أرقام حزب الاتحاد في استطلاعات الرأي لأدنى مستوى مقارنة بالأعوام السابقة، في ظل السياسة الفوضوية والتخبط في إدارة أزمة كورونا والوتيرة البطيئة في عمليات التطعيم، وسط تقاذف للمسؤوليات بمزيد من التبريرات غير المقنعة مراراً من قبل حكومة المستشارة، وسوء السلوكيات الشخصية لبعض نوابه التي غيبت بعض الصدقية حول سياسته التي باتت ترتكز على الأقوال أكثر من الأفعال، بعدما كان الاتحاد يرى نفسه أنه يمثل جوهر السياسة الألمانية المبتكرة. هذا الواقع يزعج العديد من سياسييه ومؤيديه، وارتفعت الأصوات المطالبة بأن ينهي لاشيت وسودر ملاكمة الظل، والدخول إلى الحلبة للمبارزة، إذا ما كان الاتحاد يريد إيصال أفضل رجل في صفوفه إلى منصب مستشار، وذلك لمواجهة مرشحي الحزب الاشتراكي والخضر الساعين إلى تغيير التحالفات والائتلاف الحكومي لاحقاً.

مغادرة ميركل للحياة السياسية مع نهاية ولايتها الرابعة على رأس المستشارية مع نهاية الولاية التشريعية الحالية في سبتمبر/ أيلول المقبل، دفعت الاتحاد إلى خوض معركة منصب المستشار مبكراً.

والأبرز كان ارتفاع أسهم مؤيدي زعيم الحزب الشقيق الأصغر سودر في صفوف حزب ميركل «المسيحي الديمقراطي»، بعد أن ترك أثراً طيباً خلال إدارته لأزمة كورونا كرئيس لحكومة ولاية بافاريا، ومع ما يحمله من صفات قيادية.

يأتي ذلك رغم أنه، تاريخياً، فإن النزعة والتأييد لمنصب مستشار، عادة ما يكونان لأحد قياديي «المسيحي الديمقراطي»، لكونه الحزب الأكبر والأكثر انتشاراً على مساحة ألمانيا، مقارنة بالحزب البافاري، وهو ما يسعى زعيم الحزب الحالي أرمين لاشيت إلى تكريسه مجدداً،  إلا أن وضعه ليس بالأمر السهل، رغم أنه في خطاباته يشدد على جوهر العلامة التجارية التقليدية لـ»المسيحي الديمقراطي»، التي ترمز إلى المسؤولية الاجتماعية، كما وحديثه خلال افتتاح برنامج الحملة الانتخابية أخيراً، عن أن الحزب يملك أفكاراً إبداعية لسياسة بيئية وفي مجال الطاقة والاقتصاد والرقمنة.

انتقادات علنية من ميركل للاشيت

وفي السياق، بينت صحيفة «بيلد أن ميركل في لقائها التلفزيوني الأخير، تصرفت ضد مصالح حزبها عندما توجهت باللائمة ضد لاشيت، حيث انتقدته علانية مجيبة بنعم أن لاشيت وحكومته في ولاية شمال الراين فستفاليا يخالفون «مكابح الطوارئ» لكورونا، لكنه ليس الوحيد.

ووفق الصحيفة، فإن ميركل تعاملت مع لاشيت كما فعلت قبل عامين مع الزعيمة السابقة للحزب أنغريت كرامب كارنبور، حينما أيد قادة من «المسيحي الديمقراطي» في ولاية تورينغن حكومة يدعمها اليمين الشعبوي.

وفي الإطار، بينت شبكة «ان تي في» الإخبارية، أنه بعد التراجعات في أرقام «الاتحاد المسيحي» على مدى الأسابيع الأربعة الماضية، فإنه عندما يتعلق الأمر بسؤال الألمان عن رغبتهم بالشخصية الأفضل لمنصب مستشار، يعطي هؤلاء الأفضلية لماركوس سودر، وسينال ما نسبته 38% من الأصوات، مقابل 20% للزعيم المشارك لحزب الخضر روبرت هابيك، و14% لمرشح الاشتراكي أولاف شولز، فيما يحصل لاشيت على نسبة 17% فقط، ولتبرز أيضاً أنه داخل «الاتحاد المسيحي» بيّن استطلاع آخر أنه سيصوت 39% للاشيت و75% للمرشح المحتمل سودر.

ومع ارتفاع الأصوات المؤيدة لسودر داخل «المسيحي الديمقراطي»، يحاول الأخير الاستفادة من هذه الآراء والتوجهات، ولا سيما أنه ظهرت أيضاً مطالبات لمسؤولين داخل حزبه للإسراع باختيار مرشح لخلافة ميركل في الوقت القريب العاجل وعدم الانتظار، ومن بين هؤلاء وزير الداخلية الاتحادي هورست زيهوفر، الذي قال لصحيفة دي فيلت أخيراً: «إن الأسئلة عن المنصب ما زالت مفتوحة، المؤيدون والأعضاء يريدون معرفة إلى أين نحن ذاهبون، ومن أجل ماذا يكافحون».

وفي خضم ذلك، يريد المرشح المحتمل للمنصب سودر، إشراك ميركل في القرار، داعياً في حديث مع «بيلد» إلى ضرورة انضمام الأخيرة إلى الحملة الانتخابية، ومشدداً على أنه لا يمكن مرشح «الاتحاد المسيحي» أن ينجح دون دعمها، وواصفاً الاستطلاعات بأنها مؤشر مهم على قرار الاتحاد في ما خصّ اختيار الشخصية المستقبلية لمنصب مستشار، من دون أن يشكك في حديثه بجهود لاشيت على رأس عمله كرئيس وزراء حكومة ولاية شمال الراين فيستفاليا، وليستدرك قائلاً: «لكن الأمر لا يتعلق بمسألة اثنين لديهما طموحات شخصية، بل بمستقبل الاتحاد المسيحي والوطن بأسره».

أزمة ثلاثية

وفي شأن ذات صلة، أشارت صحيفة «دي فيلت»، إلى أنه يتعين على خليفة ميركل في المنصب أن يخوض أزمة ثلاثية: كسر موجات الوباء، ومحاربة تداعياته الاقتصادية، وبخاصة أن اجزاءً كبيرة من القطاعات تواجه تحولاً وإفلاسات، وفي الوقت نفسه تقديم أجوبة على التساؤلات الكبيرة في العديد من الملفات التي يجب أن يجد لها ثوابت جيواستراتيجية.

وكانت «إن تي في» الإخبارية قد ذكرت أخيراً أنه إذا ما أُجريت الانتخابات خلال المدة القريبة، فإن «الاتحاد المسيحي» سيحصل على 27% من الأصوات، وبتراجع كبير عن انتخابات 2017، نال حينها 32,9% من الأصوات، مقابل 15% للاشتراكي، فيما الخضر الذي حقق قفزة نوعية، سينال 23% مقارنة بالانتخابات العامة الأخيرة التي لم يحصل فيها إلا على 8,9% من أصوات الناخبين. أما «البديل»، فسيصل إلى ما نسبته 11% من الأصوات، أي بتراجع 1,6%، أما نقاط الحزب الليبرالي الحر، فلن تتجاوز نسبة 10%.

(نقلا عن العربي الجديد)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق