
أميمة الحاجي *
ليوناردو دا فينشي صاحب المواهب المتعددة، فهو الفنان،المهندس، المخترع، والنحات الايطالي الذي ترك اسمه متداولا بين أفواه المهتمين بمجاله والأغيار، ومثالا يضرب به في الاحترافية والإبداع.
ولد ليوناردو دا فينشي في 14 أو 15 أبريل من سنة 1452 ببلدة فينشي الواقعة في تلال إقليم توسكانا، وبالتالي فهو ايطالي الجنسية، أمضى سنواته الأولى في أحضان عائلة والده وفي ذلك الوقت تعلق بعمه الذي ساهم بشكل كبير في تربيته مما جعله يتأثر به ويصبح عاشقا للطبيعة مثله.
تلقى تعليمه في مجال الفن بداية بمرسم فنان ايطالي يدعى ‹› أندريا دل فروكيو››. صحيح أنه عرف بنضوجه وإلمامه الكبير بشتى المجالات إلا أنه لم ينل تعليما أكاديميا طوال حياته، وهذا ما لم يمنع من تلقيبه برجل عصر النهضة.
ذاعت شهرة دا فينشي وحضي بتقدير واحترام باقي الرسامين والنقاد وكذا المؤرخين، وتوفي بتاريخ 2 مايو 1519 عن عمر يناهز 67 سنة، حتى أن ملك فرنسا حمله بين ذراعيه حينما وافته المنية. ويقال أيضا أن السبب الكامن وراء وفاته نزيف دماغي.
لكن هل ليوناردو دا فينشي قد مات فعلا
رغم أن جثة هذا الفنان قد دفنت منذ مئات السنين بإحدى الكنائس الفرنسية، كما أنها تعرضت لأضرار كبيرة نتيجة لمخلفات الثورة الفرنسية، حيث شهدت خرابا كبيرا تسبب في تناثر العظام منها واختلاطها، و بعدها تولى ‹›أرسين هوزيه›› مفتش عام للفنون الجميلة مهمة التنقيب عن جثثه واتفق بعض المؤرخين نهايتا على أن جميع الأعضاء المكتشفة تطابق مواصفات ليوناردو دا فينشي، إلا أن لوحاته لا تزال حية رغم مرور سنوات طوال على رسمها، وتستقطب زوارا من مختلف بقاع العالم يتهافتون لرؤيتها والاستمتاع بجماليتها.
ومن بين أكثر اللوحات التي تعلق اسمه بها بشكل كبير والتي تعد إلى يومنا هذا أشهر عمل فني في العالم تقريبا ‹› لوحة الموناليزا ‹›، مع العلم أن شهرتها قد بدأت تزداد تدريجيا مع مطلع منتصف القرن التاسع عشر، على أساس أنها اعتبرت سابقا أي في عصر هذا الفنان أقل قيمة مقارنة بما عليه الآن، لكنها اليوم تحظى بعدد زوار يصل ستة ملايين زائر خلال السنة الواحدة وما يعادل ثمانين في المائة من الوافدين لمتحف اللوفر بفرنسا. ويجدر بالذكر أيضا أن لوحة الموناليزا أصبحت ملكا ‹›لفرانسوا الأول›› ملك فرنسا السابق في سنة 1530.
رسمت اللوحة باستعمال طلاء زيتي على خلفية خشبية، وأول ما يمكن أن تلحظه العين البشرية فيها هو النصف العلوي والمرسوم بشكل جانبي تقريبا لامرأة يزعم أنها السيدة ‹› ليزا جوكوندا ‹› وتقول أغلب المصادر والمحللين أنها زوجة تاجر غني طلب من ليوناردو دا فينشي أن يرسم زوجته كونه أشهر الرسامين المعروفين بالخبرة والكفاءة، وذلك بمناسبة انتقالهم لمنزل جديد فأراد التاجر أن يفاجئ ليزا زوجته بتزيين جدار المنزل بهذه اللوحة تعبيرا عن حبه لها، إلا أن دا فينشي غادر ايطاليا متجها نحو فرنسا قبل أن يتمكن من إنهائها وبعد وفاته سميت اللوحة بالموناليزا بما معناه ‹›سيدتي ليزا››.واعتبر عدم تواجد أكثر من وجه في اللوحة أمر غير مألوف في عصر النهضة. فقد فضل هذا الفنان التشكيلي الاكتفاء بمنظر طبيعي تكسوه الهضاب، السهول ونهر لا نعلم نقطة نهايته، بابتسامة ساحرة تخفي في طياتها قصة لا يعرف خباياها إلا مبدعها.
وهل كان لذلك التاجر علم أن تعبيره عن حبه سينتقل به من لوحة زوجة معلقة على جدار منزل إلى لوحة الموناليزا في حائط متحف فرنسي إلى جانب أرقى وأفضل اللوحات العالمية التي تعلو قيمتها كافتهم.
يمكن أن نضيف أيضا إلى اللائحة الطويلة لانجازات ليوناردو دا فينشي الفنية والتي يتغنى بها العالم بأسره، (العشاء الأخير) وهي أيضا وبلا شك من أشهر اللوحات التي مرت على تاريخ الفن ما بين سنة 1495- 1498 والتي لا تخلو أبدا من الألغاز والأسرار .لوحة (الرجل الفيكتوري) ثم رسمها عام 1490 وقد أوضح عن طريقها رغبته في ربط الإنسان بالطبيعة.
بالإضافة إلى أن له أعمالا فنية أتمها بمفرده ومنها ما شارك في جزء كبير في إنتاجها، ناهيك عن الأعمال الورقية ومذكراته التي تحمل مخطوطات ورسومات عدة وكذا المشكوك فيها أو التي لم يتأكدوا بعد من ما اذا كان ليوناردو ذا فينشي صاحبها…
* صحافية متدربة، طالبة المعهد العالي للصحافة والإعلام مراكش.