ثقافة وفن

كل شيء زفتْ إلا الشوارع … الشاعر جيلي عبد الرحمن

هاتف جنابي

جيلي عبد الرحمن (1931-1990) شاعر ومترجم وأكاديمي سوداني، عايش كثيرا من الأحداث وتكونت له علاقات مع عديد من المثقفين والشعراء والكتاب في البلدان العربية، خصوصا في مصر والجزائر وممن التقاهم في موسكوعبر ثلاثين سنة.. إنساني كبير. كانت روحه مرحة حية. أثناء إقامتي في الجزائر ربطتني به صداقة بفضل عملي هناك(1985-1988)، لكننا رحلنا: أنا عدتُ إلى أوروبا في العام 1988 وهو إلى العالم الآخر في آب/أغسطس 1990 حيث مات في القاهرة. جيلي شاعر رقيق يلامس  في شعره هموم ومصائر الناس، بنبرته النوبية الحزينة، وقصيدته التفعيلية المنفلتة أحيانا عن السوط العروضي. إنسان دمث الأخلاق كغالبية السودانيين، ومثقف شفاف ونديم رائع، لا تمل من صحبته، ظل حتى موته قروي الطباع (وكيف لا وهو المولود في إحدى قرى النوبة) رغم دراسته(في معهد غوركي، والدكتوراه من معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم السوفيتية) وإقامته الطويلة في موسكو. له مجموعة من الدوواين الشعرية، لعل من بينها نذكر (الجواد والسيف المكسور، طبعة القاهرة 1967 وطبعة الجزائر المنقحة 1985 ولدي نسخة منها بإهدائه) وبعد موته ووفاء له صدر له عن الهيئة المصرية العامة للكتاب ديوان( بوابات المدن الصفراء)، وثمة ترجمات له من الروسية، خاصة ترجمته لأشعار الكازاخي القدير(إباي كوننبايف). كتبت عن هذا الشاعر في مطلع السبعينات في أسبوعية الفكر الجديد العراقية، إن لم تخني الذاكرة. له ابنتان من زوجته وزميلته في الدراسة (ميلا ملاحات)الأذربيجانية. كان صديقا لمعظم الأدباء في الجزائر وفي مقدمتهم القاص والمترجم المرحوم د. أبو العيد دودو(رئيس معهد اللغة والأدب)، ود. الأعرج واسيني، والروائي الطاهر وطار، والمرحوم د. محمد حسين الأعرجي والكاتب سعيد بوطاجين( دكتور فيما بعد) وسواهم. كان ظريفا، صاحب نكتة وسريع البديهة فيها. عمل مطلع الخمسينات في الصحافة المصرية، وبعد رحلته إلى موسكو عمل في جريدة أنباء موسكو، وفيما بعد في جامعة الجزائر(1983-1990)، وحاضر قبلها في جامعة عدن(1978-1983). من بين نكاته وقفشاته أتذكر: ذكر أن الرئيس الأسبق لجنوب اليمن(علي ناصر محمد) قد سأل المرحوم جيلي عبد الرحمن قبل مغادرته اليمن:

كيف رأيت اليمن في ظلنا يا جيلي: فاجابه جيلي على الفور:

كل شيء زفتْ إلا الشوارع! )

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق