سلايدرسياسة

البرهان على كواليس ما قام به البرهان

صلاح إبراهيم النيل

نعتقد أن ما قام به الفريق أول عبد الفتاح البرهان يوم 25 اكتوبر 2021 قد سبقته ترتيبات محلية و إقليمية و دولية لتهيئة المسرح لما هو قادم. و سنتناول في عجالة ما نرى أنه قد دار خلف الكواليس و وراء الأبواب المغلقة بينه و بين القوى التي يمكن ان تعرقل أو تتطيح بما يلي هذه الخطوة المحفوفة بالمخاطر.

و سنبدأ بالولايات المتحدة، اللاعب الأساسي و (جوكر) الطاولة الرئيس، التي التقى الفريق أول البرهان مبعوثها للقرن الإفريقي، جيفري فليتمان، عشية إتخاذ قراراته موضوع هذه المقالة. و نستطيع ان نجزم أن الفريق أول البرهان قد ضمن تأييد، أو على الأقل، صمت الرجل و ذلك لأن واشنطن يهمها في المقام الأول ضمان مصالحها في السودان و في المنطقة، رغم دعاوى الدفاع عن الديمقراطية و حقوق الانسان و الحكومة المدنية، و ما دعمها لأنظمة القمع في المنطقة و في العالم منا ببعيد، كما يهمها موقف كل نظام من إسرائيل، التي كانت أكثر المرحبين بقرارات البرهان، كما سنرى.

الشواهد على ما نقول كثيرة، منها رد فعل فيلتمان نفسه. ففي الوقت الذي أدان فيه الأمين العام للأمم المتحدة و الرئيس الفرنسي ووزير خارجية المانيا ما حدث و وصفوه بالـ(إنقلاب العسكري) و أوقفت فيه البنوك الإلمانية التعامل مع السودان، اكتفي المبعوث الأمريكي بقوله إنهم قد «انزعجوا بشدة» (deeply alarmed) مما حدث، و تفادت الادارة الامريكية تسميته بالإنقلاب لما يترتب على هذا التصنيف من إجراءات عقابية يفرضها القانون الأمريكي. و هذا بالضبط ماحدث بعد الأطاحة بالرئيس محمد مرسي في مصر حين سأل أحد الصحفيين وزير الخارجية الامريكي إن كان يعتقد أن ما حدث قد كان انقلاباً، فأجاب : «ما قولك أنت؟ الرئيس المنتخب في السجن و الرئيس الذي يحكم غير منتخب»، إذ علق الإجابة على رقبة الصحفي المسكين و كانت تكفيه كلمة واحدة : (نعم) أو (لا). لقد أنتقدت واشنطن علناً إعاقة مسار الانتقال المدني و الديمقراطي في السودان و طالبت بإعادته و أدانت كذلك اعتقال المسئولين السابقين و دعت لإطلاق سراحهم و اعلنت تعليق 700 مليون دولار من المساعدات العاجلة، و طالبت تل ابيب بإعادة النظر في عملية التطبيع مع الخرطوم، لكن الناطق باسم وزير خارجيتها قد اكد أن إدارته «لن تتسرع في تسمية ما حدث في السودان»!

و الغريب في الأمر أن المسئولين الأمريكيين، رغم حديثهم عن ضرورة العودة إلي مسار الانتقال الديمقراطي بقيادة مدنية، نادراً ما كانوا يذكرون اسم الدكتور عبدالله حمدوك لقيادة الحكومة القادمة، كما فعل الآخرون، ربما لترك الباب مواربا أمام الفريق أول البرهان لاختيار رئيس وزراء بديل على رأس حكومة مدنية. و مما يلفت النظر أنهم كانوا الوحيدين الذين صرحوا بذلك، إذ أعلن جيفري فيلتمان في مؤتمر صحفي «أنه من الضروري للشعب السوداني عودة الشراكة بين العسكريين و المدنيين (بحمدوك أو بدونه) للوصول للانتخابات و لتحقيق اهداف الثورة». و عندما تم التلويح باتهامه في هذا المؤتمر بأنه قد يكون اتفق مع البرهان خلال لقائه به يوم 24 اكتوبر، لم يتهم هذا الاخير بالخداع عندما التزم أمامه بحماية العملية الانتقالية حتي الانتخابات، إذ رد بان العسكريين «قد تفاوضوا معهم بسوء نية، اكثر من كونهم قد خدعوهم».

و قد تبنت واشنطن سياسة العصا و الجزرة مع القادة العسكريين في السودان إذ (هددت) الخارجية الأمريكية في التاسع من نوفمبر، بعد اسبوعين من التحركات الديبلوماسية، بفرض عقوبات على السودان وعدم إعفائه من الديون ووقف بعض الدعم المالي، في نفس الوقت الذي كشفت فيه أنها قد «فتحت عدة قنوات دبلوماسية لحل الأزمة في السودان». و لم ينس وزير الخارجية الأمريكي أن يؤكد «إمكانية إعادة إحياء دعم المجتمع الدولي للسودان، إذا أعاد الجيش العملية إلى مسارها».

ذكرنا فيما سبق مواقف الإدارة الأمريكية، لكن الأمانة تقتضي التذكير بأن الكونغرس، أو بعض أعضائه كان لهم موقف مغاير لموقف الإدارة الأمريكية، ربما لأنهم لم يكونوا ضمن من تم الترتيب معهم، و الله اعلم. فقد قدم بعض نواب الكونجرس مشروع قرار يدين الانقلاب ويطالب بفرض عقوبات على القادة العسكريين. بل ذهب عضو مجلس الشيوخ عن لجنة الشؤون الخارجية، جيم ريش، ابعد من ذلك حين طالب بمحاسبة القادة العسكريين على الفظائع التي ارتكبوها «من الإبادة الجماعية في دارفور إلى قتل المتظاهرين، مرورا بانقلاب 25 أكتوبر».

و إذا أخذنا مواقف المقربين من الإدارة الأمريكية و المحسوبين عليها، نجد تصريحات جانيت ماك اليغوت المسئولة السابقة في إدارة بوش و التي عملت ايضا ضابط اتصال بين مكتب التحقيقات الفيدرالي و نظام البشير، التي بررت قرارات البرهان بقولها : « إن الحكومة السودانية [تقصد حكومة حمدوك] لم تكن منتخبة و لم تنجح في حل مشاكل البلد».

لذلك ذهب محمد ابو الفضل الكاتب بصحيفة العرب اللندنية إلى أن الولايات المتحدة « قد أرسلت إشارات متناقضة وضبابية بشأن السودان، ما اعتبر دعما للانقلاب الذي قادته المؤسسة العسكرية، وهو ما هز صورة إدارة جو بايدن كقوة داعمة للديمقراطية. والآن تحاول هذه الإدارة إظهار ميلها إلى المدنيين وممارسة ضغوط على الانقلاب، لكن الأمر لا يؤخذ على مأخذ الجدّ، حتى من داخل المدنيين».

إقليمياً، يمكننا إعتبار زيارة الفريق عبد الرحيم دقلو غير المعلنة إلى إسرائيل، بداية أكتوبر، ضمن الترتيبات الرامية لضمان دعم الجهات الإقليمية ذات العلاقة الوثيقة مع الإدارة الأمريكية. و الغريب أن الصحفي المقرب من حكومة تل أبيب، إيدي كوهين، قد غرد في حسابه على تويتر يوم 25 اكتوبر، عندما بدأ بث الأغاني الوطنية من الإذاعة السودانية و حتى قبل ان يذيع البرهان خطابه : «ما يجري في السودان ليس انقلاباً، بل تصحيح للثورة المباركة والتخلص ـ اخيراً ـ من حزب البعث والأحزاب القومية». و قال مسؤول إسرائيلي لصحيفة إسرائيل هيوم : «ينبغي على إسرائيل والولايات المتحدة دعم الجيش السوداني وقائده البرهان وليس عبد الله حمدوك. لأن ما حدث في السودان كان متوقعاً ومشابهاً للفترة التي أعقبت سقوط الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك». و يضيف بأن البرهان «يميل أكثر من حمدوك إلى تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة وإسرائيل». وأشارت الصحيفة إلى أن الفريق أول البرهان ـ و ليس رئيس الوزراء حمدوك ـ هو من دعا إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

و ذكرت نفس الصحيفة لاحقا أن وفداً إسرائيلياً قد زار الخرطوم بعد 25 أكتوبر والتقى بالفريق أول البرهان والدكتور حمدوك «لضمان استمرار عملية تطبيع العلاقات بين البلدين، إثر التطورات الأخيرة في السودان وللاستماع إلى وجهة نظر كل جانب بشأن مستقبل العلاقات الناشئة بين البلدين و لتبديد الإشاعات التي تقول بأن إسرائيل تدعم الانقلاب».

أما موقع (Israel Today) على الإنترنت فقد نشر تقريرًا أكد فيه أن الإجراءات التي اتخذها الجيش في 25 أكتوبر «تقرب السودان من إسرائيل، إذ أصبح الفريق اول البرهان ـ الذي كان يميل إلى تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة وإسرائيل أكثر من القادة المدنيين الذين فقدوا السلطة ـ أمل إسرائيل غير المتوقع في تعزيز العلاقات مع السودان».

و الأغرب أن وزير الخارجية الأمريكي، الذي طالب إسرائيل بإعادة النظر في عملية التطبيع مع السودان بعد قرارات البرهان، قد طلب من وزير دفاعها، حسب موقع (Axios) «الاستفادة من علاقته الوثيقة مع الفريق أول البرهان لدعوة الجيش لإعادة تشكيل الحكومة الانتقالية» و أن هذا الأخير «قد رد إيجابا على هذا الطلب». و كررت نفس الطلب ممثلة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد خلال اجتماعها مع وزير الأمن الإسرائيلي بيني غانتس.

لقد بات معلوماً أن الغرب و حلفاءه الإقليميين الذين هللوا لزوال النظام الاسلامي في السودان قد أزعجهم صعود اليسار إلى سدة الحكم في السودان و التحكم في مفاصل الدولة، خاصة حزب البعث و الحزب الشيوعي، و لو من وراء حجاب، كما في حالة هذا الأخير. لذلك نعتقد أن العمليات الأمنية ضد  الجماعات الاسلامية المتطرفة التي جرت في جبرة و غيرها من أحياء العاصمة السودانية قبل شهور من هذه الإجراءات، كانت رسالة لدول المنطقة، خاصة مصر و دول الخليج، لدعم ما هو آتٍ في الخرطوم. و لعل هذا ما يفسر قول البرهان في مؤتمره الصحفي الأول بعد إجراءات 25 أكتوبر بأن السودان « لن يحكمه حزب عقائدي بعد اليوم«.

و إذا انتقلنا إلى المؤسسات الدولية التي لواشنطن تأثير عليها، نجد أن صندوق النقد الدولي قد ذكر أنه من السابق لأوانه التعليق على تداعيات الأحداث الأخيرة في السودان.

أما مجلس الأمن فقد فشل في التوصل إلى موقف موحد بسبب الخلافات في الرأي، ورفض المندوب الروسي قرار الولايات المتحدة تعليق المساعدات، قبل أن يتبى بالإجماع إعلانا أعرب فيه عن (قلقه العميق) من استيلاء الجيش على السلطة في السودان، داعيا إلى استئناف عمل الحكومة التي يقودها المدنيون، على أساس الوثيقة الدستورية وغيرها من وثائق الفترة الانتقالية.

على عكس الولايات المتحدة، فقد أكد الاتحاد الأوروبي استمراره في الاعتراف بالدكتور عبد الله حمدوك و حكومته كـ»قادة دستوريين للحكومة الانتقالية». بل نجد أن الاتحاد الأوروبي قد نكس العلم السوداني في مقره ببروكسل، يوم 5 نوفمبر،» للتعبير عن تطلعات الشعب السوداني». لكنه، غالباً ما يؤكد دعمه « للحكم المدني»، دون الإشارة للدكتور حمدوك، كما فعل مسئول العلاقات الخارجية، جوزيف بوريل، حتي في محادثته التلفونية مع حمدوك نفسه. أما وزير الخارجية الفرنسي فقد ذكر أن إنقلاب 25 اكتوبر «(قد) يؤثر على عملية تخفيف ديون السودان» و دعا الرئيس الفرنسي إلى «عدم خيانة روح و أمل الثورة السودانية».

نذكِّر، مرة أخرى، أن ما يهم الغرب في المقام الأول هو الحفاظ على مصالحه، لا الدفاع عن حقوق الانسان و رعاية الديمقراطيات في المنطقة، و الشواهد في دول الجوار الأفريقي حولنا (على قفا من يشيل). و نشير بوجه أخص إلى ان الموضوع الذي يؤرق أوروبا في الوقت الحاضر و ظل حاضرا في كل محادثات المسئولين الأوروبيين مع رصفائهم السودانيين هو خطر الهجرة غير الشرعية نحو أوروبا، خاصة عن طريق ليبيا، المجاورة للسودان. و هذه ورقة ضغط رابحة طالما لوّح بها الفريق أول حميدتي.

من الجدير بالملاحظة أن المؤسسات الأوربية المؤثرة تنقسم إلى ثلاث مجموعات أساسية : النادي السياسي و الكارتيل الاقتصادي و المنظمات الإنسانية. السياسيون، كما قلنا، تحركهم مصالح بلدانهم إذ ليس لهم صداقات دائمة و لا عداوات دائمة و لا مبادئ دائمة. هؤلاء صُدِموا بالإطاحة بالدكتور عبد الله حمدوك الذي قدموه لشعوبهم كـ»مُخلِّص» لهم و للسودانيين من نظام البشير الراديكالي. لذلك تشددوا حفظاَ لماء وجههم، مع استعدادهم لنفض يدهم منه، إن وجدوا من يحقق لهم مصالحهم، و لتذهب الديمقراطية إلى الجحيم.

الكارتيل الإقتصادي الذي كم سال لعابه و هو يرى موارد السودان غير المستغلة و ظن ان خزائن السماء قد فتحت بعد ذهاب نظام البشير ـ بعد أن منعته العقوبات الأمريكية من الاقتراب من نهر النيل ـ قد صدم من عدم الاستقرار السياسي و الأمني و القانوني خلال فترة حكم الحرية و التغيير، مع ما صحب ذلك من حملات اليسار ضد «المؤسسات المالية الأمبريالية». لذلك باتوا مبارِكين لخطوات الجيش. في هذا الإطار، أكد راديو مونت كارلو على الطموحات التي أثارها الوضع الاستراتيجي للسودان وثرواته، خاصة الذهب، و أراضيه النادرة. و ذكرت مجلة Express الفرنسية ان السودان قد أصبح، منذ سقوط نظام البشير، عالقًا وسط حرب نفوذ ومنافسة بين الولايات المتحدة والصين وروسيا والجهات الفاعلة الإقليمية. و وفقًا لأندرياس كريج، الأستاذ في Kings College بلندن، فقد حشدت دول الخليج نفوذها منذ عام 2019 للسماح للحكام العسكريين باحتكار الثورة. و شدد أندرياس كريج على أن السعودية تعتمد على المعادن والماشية من السودان التي كانت قطاعات يسيطر عليها الجيش السوداني.

أما المنظمات الإنسانية الحقيقية فقد أزعجها إتخاذ السلطات الانتقالية لكثير من الإجراءات غير القانونية التي كانت تُعاب على نظام البشير، مع ما رافق رافق ذلك مع غياب تام أو تغييب للمؤسسات العدلية التي ترد الحقوق لأهلها. فقد عاش البلد بلا نائب عام و بلا رئيس قضاء و بلا محكمة دستورية و بلا مجلس تشريعي و حتى بلا (لجنة) استئناف قرارات لجنة إزالة التمكين التي ثار أو أثير غبار كثيف حول عملها. 

بخصوص الدعم المحلي قد يعجب القارئ الكريم إذا ذكّرناه بتصريح لمني مناوي قاله قبل أقل من اسبوع من إجراءات البرهان أكد فيه أن الفريق أول البرهان و الدكتور عبد الله حمدوك «قد اتفقا على حل مجلسي السيادة و الوزراء، لكنهما اختلفا في الكيفية». و حتماَ سيصدم (القارئ العزيز) إذا علم أن مجلس الوزراء لم يكذّب هذه الإفادة، لكنه وصفها بـ»غير الدقيقة». أما الدكتور حمدوك فقد أكد، عند اول إتصال له مع سفراء الاتحاد الأوروبي و ممثل الأمين العام للأمم المتحدة بعد عودته إلى منزله بعد الإقامة الجبرية ببيت الضيافة، على تمسكه بالـ»التحول الديمقراطي المدني»، دون التأكيد صراحة على حقه كرئيس وزراء. و تواترت أنباء، عقب أن عُرِض عليه العودة لمنصبه، مفادها انه وضع أربعة شروط أولها العودة لما قبل 25 أكتوبر، و الثلاثة الباقية تجرِّد هذا الشرط من كل محتوى، و هي : إعادة هيكلة مجلس السيادة، و منحه الحق و الحرية الكاملة لتكوين حكومة تكنوقراط و توسيع المشاركة السياسية.. وهي كلها ليست في صالح حاضنته التي اطاح بها البرهان.

و مما يثير الدهشة أن كثيراً من أحزاب و أعضاء الحكومة المطاح بها قد أبدوا قبولاً ضمنياً بما تم، في تناقض واضح مع تصريحاتهم المُدينة للإنقلاب. ففي تصريح لل BBC قالت السيدة مريم الصادق المهدي إنها «لا تستبعد تغيير الحكومة الإنتقالية بأخرى»، مشددة على ضرورة احترام ما تم التوافق عليه بين السلطات الحاكمة. بل طالب حزبها (حزب الأمة القومي) بالعودة إلى نظام ما قبل إنقلاب البشير» مع اعتبار الوثيقة الدستورية دستوراً للفترة الانتقالية». و الغريب ان رئيس الحزب المكلف، فضل الله برمة ناصر، قد دعا الفريق أول البرهان إلى العودة لما تم الاتفاق عليه مع الحرية و التغيير في نفس الوقت الذي كشف فيه عن اتفاق 21 نوفمبر بين البرهان و حمدوك الذي كان أحد مهندسيه. أما حزب البعث فقد ذكّر بان تشكيل حكومة كفاءات وطنية كان من مطلوبات الوثيقة الدستورية.

هذا و قد أغفلنا الدعم الداخلي الذي وجده الجيش من بعض مكونات الحرية و التغيير (الميثاق الوطني) و بعض ممن شارك في النظام السابق و من الحانقين على الحرية و التغيير لأسباب مختلفة. و كذلك الدعم الخارجي الذي وفرته روسيا و الصين مما هو معلوم من (السياسة) بالضرورة.

مشكلة الشق المدني في الحكم الذي أطيح به أنه كان غافلاَ اومتغافلا ً من موقف المجتمع الدولي تجاهه، الذي اوردناه بإيجاز أعلاه. فقد ظل معتمدا كلياً عى دعم المجتمع الدولي للدرجة التي ذكر فيها وزير المالية الأسبق ان ميزانية 2020 « ستمول بالكامل من اصدقاء السودان»، دون مجرد التفكير في بدائل طوارئ داخلية حتى وقع الفأس على الراس و تأجل مؤتمر اصدقاء السودان عدة مرات قبل ان يتحول لمؤتمر «شركاء» السودان. و ليس أدل على ذلك من دعوة الدكتورة مريم الصادق إلى «تحويل جريمة الإنقلاب إلى محكمة الجنايات الدولية».

ملاحظة أخيرة : مع احترامنا الوافر للجميع، نؤكد أنه لم تكن لأيٍّ ممن تصدّر المشهد السياسي بعد الإطاحة بنظام البشير، خلاف الدكتور عبد الله حمدوك، رمزية كرمزية السيد الصادق المهدي و الدكتور حسن الترابي و الاستاذ محمد إبراهيم نقد، عليهم رحمة الله، و غيرهم من نجوم السياسة، تجعل بعض قوى المجتمع الدولي تدق الدفوف أو تذرف الدموع عند وصولهم للحكم او عند الإطاحة بهم، حسب موقفها من هذا او ذاك. لذلك أصبح التعويل على المجتمع الدولي لإجبار الجيش على العودة لثكناته و شرب ماء قراراته (بعد أن يبلها) أستنادا على حائط مائل. و قديماً قال أحد رمور المعارضة ـ بحسرة ـ بعد أن رفع أوباما بعض العقوبات عن نظام البشير « المتغطي بأمريكا عريان».   

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق