آراءسياسة

الحرب كنقلة للمستقبل الوطني الجديد

أو وضع الحصان أمام العربة

وجدي كامل

اذا كانت التكاليف جراء المواجهات والمعارك الجارية حاليا تكاليف مدمرة، وماحقة، بالغة القسوة على الجميع، فإنها وفي القراءة التحليلية الاخرى، وفي الوعى الايجابي بنتائج ما يمكن الاستفادة منه والبناء عليه تعد النداء الانساني الاعمق لبناء المستقبل المتحرر الحر من قيود ما ساد – مستقبل يسمح بإطلاق النسخة الجديدة من الافكار والفكر التنموي التفكيكي النقدي الذي سيحقق النقلة للمستقبل ليس بتصور المستقبل املا فقط بقدر ما هو طاقة توفر الوضع الحي الحيوي النقيض لمقعدات الحاضر الذي بدا وكانه يحوم منهكا حول موته ان لم يكن ناطقا به بأشكال شتى جراء استنفاده صلاحيته.
وتكتسب فكرة تحرير السوق السياسي الاقتصادي واعادة تركيب المجتمعات بتحريرها وفي مقدمتها المجتمع السياسي كمجتمع قائد هنا الفكرة المركزية الحيوية التي تستهدف حيثياتها تفكيك ما ساد من تقاليد ومرجعيات ومرتكزات الفكر السياسي السوداني و الثقافي والاجتماعي القديم بما مكن وتمكن من تقييد حركة المجتمعات السودانية من الانطلاق الاقتصادي والاجتماعي والثقافي لأكثر من سبعة وستين عاما هي عمر الاستقلال وبدء انطلاق سيرة وسردية التدمير الذاتي لفرص صناعة الوحدة الوطنية بإعاقة اهم شروط تحقيقها المتمثلة في اقامة نظام ديمقراطي راسخ.
فالسودان وبما يملك من قدرات علمية ومجتمعات معرفة متميزة منتشرة بداخله وخارجه مطالب بإعادة موضعة واختراع القيادة السياسية والاقتصادية التي ظلت تلك الكفاءات والمجتمعات ولأسباب تضييق الخناق عليها باعتماد وسيطرة لعبة سياسية واحدة احادية نهبا للتجريب السياسي الكئيب من الحركة السياسية ذات المصالح التي تعلي من القيم الفردية الذاتية والحزبية على القيم الوطنية العليا.
وتكاد تتورط في ذلك اغلب العصب السياسية الاقتصادية المنخرطة في الصراع على الموارد دون اعتراف بدور القوة المتطلعة بالتفكير العلمي النقدي التخطيطي ومحاولة جر اعداد منها للحراك السياسي الحزبي القائم على اجادة تكتيكات الصراع بدلا عن اتخاذ صراع الافكار والبرامج وسيلة لتحقيق الاهداف الحزبية الوطنية المطلوبة. الآن وقد قادت الاخطاء ورغم وقوع ثورة نادرة الجوهر من حيث الاتحاد والوحدة الشعبية للتخلص من نظام المؤتمر الوطني الا انها قادت الى أفدح النتائج المتمثلة في عسكرة الصراع على الموارد واخرجت اوزار الحرب فان على القوى العلمية والثقافية النقدية التوحد العاجل لإعادة اختراع عجلة السياسة والاقتصاد السودانيين والدفع بمساهماتها على نحو عملي يضعها ضمن قوى صناعة السياسة والسياسات ومعالجة امراضها المزمنة التي اوصلت الى ما نحن عليه من دمار وخراب.
ان الحقيقة الباهرة التي لا مناص من اعتماد عناصرها تقوم في وحدة الروح والعقل الوطني الراغب في الدفع بالسودان اماما عن طريق تحسين مفاهيم التطور والاخلاص لخيار صناعة المجتمع المدني الديمقراطي بأفكار علمية ثقافية وليس بأفكار سياسية مكاسبية مغلقة تنظر الى الدولة كغنيمة والاقتصاد كهدف نهبوي يحرم الشعوب السودانية من اعز حقوقها في التطور التشاركي المتوازن.
الحرب فرصة لإعلاء سلاح العقلانية والتفكير العلمي للتخلص من عيوب الوعي التدميري الذي انتجته السياسة واورث كل هذا الخراب برفع السلاح التقليدي الحربي الفتاك فوق سلاح العقل والافكار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق