
الشغف بين الحرية والتبعيّة
سيرين الزوش ( تونس )
الشغف مفهوم عميق لا يعرف الكثيرون مفاتيحه ، بينما نجده أسلوب حياة عند البعض ، إنه يحدد مصير أولئك الأشخاص الذين يؤمنون بقدراتهم الباطنية رغم تعدد الناجحين . كلما زاد وعيك الذاتي بروحك الجوهرية المكنونة ، كلما استطعت أن تجعل نورها الخافت يزداد بريقا في العالم الخارجي و بالتالي تتمكن من إضاءة مسارك الانساني ، إن إيمانك بشغفك الذي يحتويك هو يقين بأنك روح مميزة تستحق لبّ السعادة ، بُعثت إلى العالم بمعجزة إلهية و ليس مصادفة لتمنح الكثير من البهجة و تلهم المجموعات البشرية . كل شخص يتبع شغفه في هذه الحياة نطلق عليه اسم المبدع الحر ، فالحرية هي أن تقوم بالشيء الذي تحبه رغم اختلاف الآخرين عنك في اختيارهم و في اللحظة التي لا يشجعك فيها محيطك الاجتماعي على ممارسة شغفك و اتباعه ، تظل قناعاتك راسخة لترفض التفريط في ما تتقنه بعقلك و حواسك و ما خلقت لأجله كي تثبت ذاتك ، أما الابداع فهو أفكارك الخلاقة التي لا تشبه أفكار من سبقوك و انتاجاتك المتعددة التي لا تنتهي كنبع لا يجف و التي تمخضت من قوتك الخفية التي أودعها الله بداخلك أو ما نسميه « الهبة الربانية» حيث تسمح لك بوضع بصمتك داخل محيطك الإبداعي الذي قد يكثر فيه المتنافسون و من هنا تبرز عبقرية الشخص بجانب أشخاص آخرين يتشابه معهم في نفس القدرات . ليس من الواجب عليك أن تكون نسخة ثانية و لست مطالبا بتكرار خطوات الاخرين لتصعد سلمهم و تعيد نجاحاتهم بنفس التقنية كالآلة المبرمجة ، لا تنكر شغفك أو جوهرك بل ابحث عنه حتى تجده و اصقله جيدا لأنه سيكون رسالتك الكونية و به ستجد طعما لوجودك . الحقيقة المؤسفة أن بعض الأشخاص لا يعرفون طريق الوصول إلى شغفهم الحقيقي بل لا يحاولون حتى ايجاده و هؤلاء الأشخاص تنقصهم الثقة بالنفس و المعرفة ، تعودوا على مجاراة غيرهم دون تفكير و نقد . إن مجرد محاولة تقليدك لغيرك ظنا منك أن طريقه هو أفضل طريق للإشعاع و التميز و تشبثك بعالم لا يشبهك ، يجعلك في صراع دائم مع ذاتك و لا يبني كيانك المستقل كما يجعلك في صورة الإنسان التابع للقطيع ، فالنجاح ليس حكرا على أشخاص معينين و ليس مختصرا في مجالات معينة دون غيرها ، ثم إن كل شخص يستطيع أن يصل إلى أقصى مراتب النجاح في مجاله . إذا أردت أن تسلك طريق التفوق فما عليك سوى أن تسبر أعماق وعيك و تصغي لصوت قدراتك التي تنبهت إليها منذ زمن بعيد و حاولت في مرات عديدة التغاضي عنها بسبب تأثرك بالمحيطين ، لا تحاول إنكار هذا الصوت و اختر الشيء الذي به يسطع منك الحب الصادق و الشعور بالراحة ، اختر الشيء الذي به لا تنسلخ عن شخصيتك الأصيلة ، اتبع شغفك و لا تتبع شغفهم .