ثقافة وفن

أوفيدا سيهن … الخيال المجنح

بدر الدين العتاق

شاهدت هذا الفيلم الهندي السوداني آخر مرة وأنا في السابعة عشر من عمري، ولم يعجبني هذا الفيلم وكرهت كل الأفلام الهندية منذ ذلك الوقت (1992 م، وحتي تاريخه 2020 م وإلى أن يشاء الله)، وكان أول ما أنتجته السينما الهندية تقريباً وكان مملاً للغاية، ولم يكن ملوناً كعادة أفلام الحداثة، بل كان بالأبيض والأسود، ونفس كل المشاهد التي تشاهدها لأي فيلم هندي هي ذات المشاهد والمناظر لغيرها من إنتاج السينما الهندية مع بعض التغييرات الطفيفة التي يريد المنتج والمخرج إرسالها للناس – أي الشعب الهندي – لجعله يتقوقع أكثر داخل فكرة بعينها، فهو يعتمد ركائزاً خيالية معينة كأدبيات الثقافة للبلد أو مسلمَّات لها ويعتبرها من المقدسات التي تعجب ذوق المشاهد والمتابع من رقص ومطر وغناء وحبيبة وعشيق وتضحيات ومبالغات أو استعمال لغة الخيال العلمي بجدارة، فمنهم من يفلح في إيصال رسالته من الفيلم ومنهم من يفشل ولكن في كلتا الحالتين يدرُّون مالاً وفيراً [ المنتج والمخرج والمؤلف، على حساب المواطن المسكين العاشق للفن وللسينما ]، ومنذ ذلك الحين تعرفت على أفلام خير منها لجنسيات عالمية جديدة وجيدة في لغة الخيال ولعنة الرسائل الجوفاء للمشاهد المغلوب على أمره، فلم أدفع من جيبي فلساً واحداً لا لحضور الهندي ولا الكاو بوي .

دردشة النص:

  تلك هي فكرة الرواية التي نحن بصددها، أو قل: التي أنا بغرض دراستها الآن، ولا أبالي لسخط من سخط ولا أغالي برضا من رضا، ولن ألخصها للقارئ الكريم كما يتصورها، بل أنا لخصتها كما أتصورها من التقدمة آنفاً.

لك أن تدرس ما شئت كيفما شئت من تشخيص للكتاب بالنسبة لهيكلة النص وزخرفته من حيث الشخوص والتداعيات أو من حيث لغة الخيال مع قليل من الواقعية التي تحبها أنت من نسجٍ متخيل وحبكة درامية متصورة (هل كل الأفلام الهندية بها الحبكة الدرامية المرسومة؟ ليست لي إجابة)، لكن يطيب لي أن أبحث وراءها من نبأ علَّه يشفي ما في صدري من قلق تجاه الموضوع أو الفكرة واعتبرها الجوهر الفني للنص من حيث طرح القضية وكيفية معالجتها ثم كيفما اتفق للراوي العليم أن يشرع فيها بلغة الخيال أن يتخيلها، على شرط: أن يكون هناك وحدة للموضوع، وأن يعالج هذا الموضوع حسبما يريد – أي: الكاتب – وأن يكون طرحه للقضية مختلفاً عن الآخرين لا تقليداً لهم، ثم يشرع في امتلاك ناصية القارئ وعاطفته تجاه الشخوص بقدر ما يريد أن يبعث برسالة منها، هكذا أفهم فكرة الروايات أو قل: الأعمال الأدبية بشكل عام وعقلاني أكثر من أن يكون عاطفياً .

شخوص الرواية:

لا أقدر أن أطمئن لتسميتها رواية كاملة الدسم، كما في كتابات الأستاذ / عبد العزيز بركه ساكن، في: « الرجل الخراب « أو « امرأة من كمبو كديس « أو « الجنقو مسامير الأرض « أو « الخندريس «، ولا رصيفاتها العربيات كذلك، فهي تحمل النَّفس الروائي وتبتعد عن المضمون الفكري، فلا توافق بينهما في طيات النص الفني القائم على تكرار المشاهد والدراما التراجيدية، مثل:

« هاله « الشخصية المحورية للعمل الفني – بالمناسبة: هي ليست الشخصية المحورية للنص الشبه روائي، وسيأتي بيانه لاحقاً إن شاء الله – الفتاة المعشوقة / بت الحرام / التي صورها المؤلف كذلك ليفاجئنا فجعة أنَّها ابنة عم الشخصية المحورية الثانية عمود العمل الفني وهو العشيق الخائن / فيلم هندي + نفاق المشاعر المزيفة أو الخيال الأرعن أو التسويف الأبله أو الاستخفاف بالعقول والقلوب الضعيفة التي تتأثر بلغة المشهد الدرامي دون أن ترى ما وراءه من رسالة / وهو « بشرى حامد الأسيد « (وبهذه المناسبة أيضاً: ليس هو عمود النص التراجيدي أو الشخصية المحورية – الخائنة – التي بصدر صفحات الكتاب، وسيأتي بيانه لاحقاً إن شاء الله)، هكذا أراد الكاتب أن يملي علينا قصة مقصوصة من التراجيديات الموروثة عندنا في السودان من عادات وتقاليد في الزواج أو غيرها أو ليحكي لنا عن فترة زمنية غابرة – النميري مثلا: )يعني حيكومة ..زي النميري مش كدا (ص: 115 – فلم أجد الربط بين المواقف المتعددة في النص وبين الفكرة الواحدة التي طرحتها الكاتبة في تسعة أسطر بالتحديد، هذا حال أني فهمت النص جيداً بالتأكيد .

فكرة النص الفني:

فيما أرى: تقوم على فكرة المساواة بين الرجال والنساء في كافة المستويات الحياتية، ومشاركة النساء في العمل العام وفي كل تفاصيل الحياة مثلها والرجل واحد دون إجهاض لحق المرأة في المشاركة الحياتية ودون تعريفها عرفياً ومجتمعياً بأنَّها أقلَّ مكانةً من الرجل وأنَّ الرجال قوَّامون على النساء وأوصياء عليهنَّ، ولها الحق في التعليم والعمل الخاص والعمل السياسي وغيره كالرجل تماماً، ثم ما لبثت أن تخلت عنها وجعلت قِوامها الفني العلاقة العاطفية بين الرجل والمرأة أو قل: بين الفتاة والفتى، وبغض النظر عن التاريخ لكليهما سلباً أو إيجاباً يجب أن تنتصر المرأة لنفسها على قدم المساواة مع الرجل، ومن هنا جاءت فكرة الرواية – شبة الرواية – ملتوية الساقين كسيحة الجسد مترهلة الجوانب، فلم تجعل القضية الأهم هي جوهر عملها الأدبي بل تفرعها ساقها غصباً لإنتاج دراما هندية متكررة في قالب سودانوي ركيك، أنا قلت « ركيك « لأنه أدهشني حودها من الطريق الذي بدأت به العمل الفني فما لبثت أن جاءت تمشي على استحياء حتى أخبرتنا أنَّ (هاله وبشرى) أبناء عمومه، هكذا خيبت ظني في معالجة الطرح الجيد القديم، قال بن ربيعة:

أيها النُّوام ويحكم هبوا * هل يقتل الرجل الحب

علَّق المرحوم / عبد الله الطيب، رحمه الله، على البيت قائلاً: ‭{‬صدره جيد وعجزه خنيث‭}‬.

حين كنت متفاعلاً معها أن تأتي إلينا بعجلٍ حنيذ، فلم تفعل.

إقرأ معي هداك الله لما جاء ص 37: [ وقتنا ضايع كلو في الماروق والواسوق، السماد البلدات دي ضيعت عمرنا ]، وهنا التفاتة عنيفة خارج النص – كما أرى – ثم ص 41: [ كفاها قراية، الجوابات كان تلاقي الله يكتب ليها عريس مغترب ]، وهنا بالنسبة لي تكمن القضية المهمة والمحورية في النص وهو الذي انتظرت بقيته على عجل التركيز عليه لكن خانني دهري، قالت ص 41: [كانت هذه المفارقات التي لم أجد لها إجابة، لماذا يسمح الرجال لأنفسهم بالدراسة والتعليم لأعلى الدرجات ويبخلون به على النساء]، لاحظ القفزات المضطربة والمضطردة بين النص الثانوي / العشق والعشيقة وماربورغ / [ إيميليا تحكي ببساطة عن تلك اللحظات وتنطق بأريحية اسم صديقها في تلك الأيام ] ص: 62، ثم: [وجدت نفسي في لحظات أمنحه ما حافظت عليه في سنوات] ص: 61، فهنا عهر و _ شرمطة _ خيانة، بينما هناك هدف جيد ومسعى نبيل: [كانت هذه المفارقات التي لم أجد لها إجابة، لماذا يسمح الرجال لأنفسهم بالدراسة والتعليم لأعلى الدرجات ويبخلون به على النساء] ص: 41، وللتأكيد على ما ذهبت إليه: [تشعر د. ناهد قرناص بالمسؤولية تجاه المرأة السودانية وتسعى جاهدة للتوعية بأهمية دورها في التغيير نحو الأفضل، تقول: « لحسن حظي أُتيحت لي فرصة السفر للدراسة واكتشاف حضارات مختلفة . لكن مع الأسف، كثيرات في الشرق حُرمن من حقهن في التحصيل العلمي اللائق على حساب الزواج وإنجاب الأطفال. قدّمتُ نفسي مثالاً حياً على عدم تعارض الأمرين، وأصبح مدّ يد العون للمرأة السودانية أحد أهم مبادئي: تقاسُم مسؤولية الأبناء القانونية مع الزوج، تجريم ختان البنات وفرض عقوبات رادعة على من يمارسه، تجنيد الآلة الإعلامية لنشر الأفكار التوعوية في المجتمع السوداني، الاعتزاز بعرقنا الافريقي ورفض ثقافة العولمة التي تكرّس المرأة البيضاء كنموذج للجمال وتدعو المرأة السوداء للتشبه بها… كل هذه قضايا هامة أؤمن بها وأناضل من أجل إرساء دعائمها». ] لقاء مع الكاتبة بصحيفة إليكترونية استضافة: كابي لطيف، ولك أن تقارن بينهما على مهل.

ملاحظات أخرى:

ليس في العمل الفني تعقيدات أو تشابكات قوية إلا كما في القفز بين الفقرات هنا وهناك، كما ليس فيها ترتيب أفكار، والقفز من مشهد لآخر هو القفزة بين التداعيات فيما يعده البعض عملاً عظيماً أو جدارة الكاتب ومسكه بمقاليد الحوارات الداخلية وهو ما لم أراه تماماً لأنَّ التشويش الذهني في تراتيب التراجيديا الفنية هو الغالب على القص القصصي أو القولبة الفنية، قالت ص 45: [ أصبحت لا أستنكر أشياء كنت أعدها من الكبائر ] ثم ص 61: [ ها أنا الآن في موضعك يا أمي ] يعني: شرموطة كما أمها الفدادية، / زهرة فضل المولى مع حمد الأعيسر، هاله فاروق – كما تريد إيهام القارئ لتفجعه فيما بعد – مع بشرى حامد / تارة اسمها: هاله فاروق، وتارة اسمها: هاله اسماعيل، وأخرى اسمها: هاله حمد الأعيسر، كذلك: بشرى حامد، مرة: حامد الأسيد، ومرة هو زوج سوسن وأخرى هو زوج هاله، (نفس التعقيدات الموجودة في الشرق الأوسط وقضية اللاجئين الفلسطينيين والسوريين مع تقاطع المصالح الدولية ما بين موسكو وواشنطن، وما بين الجراد الخليجي نحو الغاز الطبيعي مع سوريا ومرة مع دولة الخلافة الإسلامية داعش والقاهرة تنظر من بعيد … إلخ) هاك من ص 105: [ وكمان بت حرام ] .

شخوص النص المحورية:

بشرى: خائن ويمارس الفاحشة مع هاله في بيتها في ماربورغ (مدينة القسيس أو مدينة الملكة إليزابيث، ويبلغ عدد سكانها حوالي: 80.000 نسمة، وتبلغ مساحتها تقريباً: 124.500 كلم وبها جامعة فيليبس وقيسين)، هاله: داعرة وعاهرة، تمارس الزنا مع عشيقها بشرى، وقد تعرضت لأكثر من مرة لمحاولة اغتصاب – صلاح إسماعيل، بالأبيض – [ إلا هاله ]، ثم ص 41: [ كنت قد دعوتني لمشاهدة فيلم « مذكرات فتاة الغيشا « ‭{‬ بالإنجليزية: Memoirs of a Geisha)‏ هو فيلم تراجيدي رومانسي أمريكي صدر في 2005، وهو مأخوذ عن رواية مذكرات فتاة الغيشا، والتي صدرت عام 1997 للمؤلف الأمريكي آرثر غولدن . والفيلم من إنتاج شركة أمبلن إنترتينمنت التابعة للمخرج ستيفن سبيلبرغ وإضافةً لشركة وسبايغلاس إنترتينمنت. تم إخراج الفيلم من قبل المخرج الأمريكي روب مارشال. قامت بتوزيعه في الولايات المتحدة شركة كولومبيا بيكشرز ودريم ووركس في 9 ديسمبر، 2005. الفيلم من بطولة زانج زيي، و‌كين واتانابي، و‌جونج لي، و‌ميشيل يوه، و‌يوكي كودو، وسوزوكا أوهجو. تلعب أوغو دور سايوري الطفلة في الفيلم، والذي تم تصوير مشاهده في جنوبي وشمال كاليفورنيا إضافة إلى عدة مواقع في كيوتو منها معبد كيوميزو و‌ضريح فوشيمي إناري.

تتمحور قصة الفيلم حول فتاة صغيرة تدعى شايو ساكاموتو التي تم بيعها من قبل عائلتها كأمة. ومن ثم أرسلتها عائلتها الجديدة للمدرسة لتصبح غيشا (راقصة ومغنية يابانية).

قصة الفيلم هو عموماً عن شايو البليغة وصراعها للعثور على الحب كفتاة غيشا. رشح الفيلم وحاز على عدد من الجوائز، من بينها ست ترشيحات لجوائز الأكاديمية نال منها ثلاث: أفضل تصوير سينمائي، أفضل إخراج فني، أفضل تصميم أزياء.

النسخة اليابانية من الفيلم حملت عنوان «سايوري» (SAYURI) استناداً على شخصية الفيلم الرئيسية التي أعيد تسميتها كسايوري ضمن أحداث الفيلم عندما تصبح مساعدة غيشا (أي ميهكو)

استقبال [حقق الفيلم عالمياً 158 مليون دولار، فيما بلغت ميزانيته 85 مليون دولار أمريكي. ‭}‬ ] وأشير هنا إلى بداية النشوة العاطفية في الفقرة أعلاه بين شخوص الرواية – الشبه رواية – والتي كانت مدعاة فيما بعد لإقتراف الفاحشة: [ها أنا الآن في موضعك يا أمي] ص: 61، زهره فضل المولى، شرموطة أيضاً – هكذا في النص الفني – وأزواجهم: حامد الأسيد وحمد الأعيسر، كثيري الزواج « وهنا قضية النص بدون تركيز وهي حق الزواج للنساء بأكثر من رجل، كما في التعدد عند الرجال « مما يعني زواج المتعة أو العرفي كما بين زهره فضل المولى والنائب البرلماني « حامد الأسيد « سبحان الله ،،، الصدف غريبة .

لا أستبعد أن تأثرت الكاتبة برواية « فتاة الغيشا « بسبب مباشر أو غير مباشر، لأنهما يحملان نفس التداعيات / فيلم ياباني مع واحد هندي في قالب سوداني، تأمل القفزات الفكرية والجنوح المخيَّل للعمل السردي؟ / كما تأثرت بشيخ البرهانية إمام المسجد بالسوق الشعبي – وهذه تحسب لها وهي من الحقائق الجميلة في هذا النص – أم درمان وهو شيخ « صفوت « المصري، وفعلاً للبرهانية إمامين مصريين وتوفى شيخ صفوت قريباً رحمه الله، أشير إلى اقتباس الكاتبة من بعض الوقائع الزمكانية كما والدتها – في النص / نميري مثلاً – بحيث تريد تقوية النص بصورة من الصور، وقد أفلحت لا محالة خصوصاً في فكرة إدخال مولانا – لم تشر الكاتبة إلى اسمه فلا أدري أحق هو أم لا – شيخ الطريقة البرهانية / محمد بن الشيخ ابراهيم بن الشيخ محمد عثمان عبده البرهاني، لأنَّ تزامن الرواية – الشبه رواية – كان في وقت مولانا شيخ صفوت ومولانا شيخ محمد / ولا يخفى على المتابع للشأن العام أنَّ مولانا شيخ / محمد، متزوج من ألمانية، ولجده الأكبر مولانا الشيخ / محمد عثمان عبده البرهاني، زاوية للطريقة البرهانية بألمانيا /، فقط طوحت بالخيال على النص زيادة عن اللزوم، وهنا كان التعليق: أوفيدا سيهن، أو الخيال المجنح .

  [لو كانت لي شجاعة هؤلاء لخرجت شاهراً سيفي على كل تلك المتاريس التي ينصبها لي أهلي دونك، لكن ثورتي لم تفارق قلبي ] ص: 112- 108 – الخيانة والجبن -، وقد جاءت اجادتها على غير متفق فقد انتصرت للمرأة حين فشل « بشرى « في النيل منها، وتزوجت فرانك الألماني « عاصم « بعد إسلامه، فلم يتزن ميزان العدالة عندها لا للرجل محضاً ولا للمرأة صرفاً ولا للفكرة عدلاً، ولم تقبل «هاله « بزواج « بشرى « بعد أن شهر سيفه على كل تلك المتاريس وفارقت ثورته قلبه، ولكن بعد فوات الأوان …. أوفيدا سيهن.

مغادرة السينما:

  يتفق أغلب الروائيين السودانيين على نقاط معينة في أعمالهم الفنية، ولك أن تلاحظ ذلك أيها القارئ الكريم في ما سبق من قرآءات حول النصوص أعلاه وحتى هذا العمل الفني « إلى لقاء « للكاتبة الدكتورة / ناهد قرناص، الآتي:

• شخوص الرواية المحورية: البطل والبطلة، خونة ومقترفي فاحشة الزنا أو اللواط أو الشذوذ الجنسي بصورة عامة، وهي صفات في حقيقتها دخيلة على المجتمع السوداني كفكرة متعايشة ولا أعرف من أين جاء تأثيرهم بها، اللهم إلا من السوشيال ميديا والقنوات المشفرة.

•عنصر المفاجأة: يعتمدون عليها فيما يسمى الفلاش باك أو التداعيات المركوزة في العقل الباطني عند الحكي القصصي، من أثر البيئة أو عوامل التربية بين القرية والمدينة أو التداخل بينهما، لكن يغلب عدم الإجادة ههنا لأسباب تتعلق بالكاتب نفسه قصوراً في المعايشة أو قصوراً في ملكة التعبير والتأليف.

• الشخوص الغير محورية: وهنا يعتمدون على الأكليشهات الفنية كما في الأفلام المصرية لأنَّ غالبيتنا العظمى تأثر بها قبل غيرها من أفلام عربية أو غربية، فهم يقلدونها بلا شك، بطريق مطروق أو غير مباشر، وتتفاوت الإجادة من الإساءة عند التدوين للافتقار التخصصي عند التأليف أو الكتابة بعامة، فغالبية كتابنا غير متخصصين في العمل الأدبي وهذه دون المقام والكبرياء عند مقارنتها مع غيرها العربيات أو العالميات.

• الوحدة الموضوعية: ولم أجد حتى تأريخ كتابة هذه المادة من إلتزم بوحدة الموضوع في طرح القضية التي من أجلها كتب المؤلف كتابه، إلا لماماً، وهنا نجد الترهل في بنية النص لأنَّه يسوق الكاتب لأمور ثانوية يتورط فيها فيضعف النص والفكرة والمحتوى، « إلى لقاء « أحد هذه المعاناة الكتابية.

•هيكل النص وجوهر القص: وهما عمودي البنية الكتابية لأي مؤلف يؤلف، فالخلط بينهما في احترافية يمكن الكاتب بعبقرية التأليف بلا شك والذي لا يقدر على الحبكة والربط بين الهيكل النصي والجوهر القصصي فهو بلا شك فارق حياة الأديب من غير رجعة ولا أسفاً عليه، وهو ما يقع فيه أغلب كتابنا اليوم « أوفيدا سيهن» لا تخرج من هذه الإشكالية، ومرد ذلك لضآلة الاطلاع على منتوج الغير الفكري أو السطحية عند القراءة أو الفهم عنه بما يرد، وجيل اليوم – ثلاثين عاماً مضت من اليوم – بعيد كل البعد عن الرغبة والقابلية للقراءة والكتابة، وما قبلهم من أجيال كثيري القراءة جيدي التأليف، بروفيسور / علي المك ومنصور خالد وجمال محمد أحمد، نماذج .

•اللغة المكتوبة أكثر من لغة الكلام العامي السوداني الدارجي، وأكثرت الجمل بها مما أخرجتها من قوة السبك اللغوي والتمكن من المفردة، وغرضها لا يخفى هو معالجة النص أو إرساء الفهم منها للمشهد المطروق، لكن من جانب ثاني أضعفت بنية النص اللغوي مما جاء مخلاً للعادة وإن كان في عامة المستويات عادي جداً، وتتشارك « إلى لقاء « مع صويحباتها المرويات لبعض كتابنا من هذا الباب [ولا ضريح ولي ما ندهتو] ص: 35.

إلى لقاء:

  الدكتورة / ناهد قرناص: كاتبة وصحفية وناشطة نسائية سودانية، تتمحور مسيرتها حول الكتابة النسائية والنشاط السياسي لمشاركة النساء في وضع قوانين الأحوال الشخصية والتعديلات الأخيرة. اسهمتْ في نشر الوعي عبر مناهضة بعض الظواهر الإجتماعية كالإستلاب الثقافي، وتبييض البشرة باستخدام الكريمات رافعةً شعار «الطبيعي أحلى».

تخرّجت قرناص في كلية البيطرة بجامعة الخرطوم عام 1994 وتحمل درجة الدكتوراه في الأحياء الجزيئية والوراثة .

 تشغل منصب رئيس قسم الجينات الوراثية بالمعمل المركزي التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي بدرجة أستاذ مشارك. كما تحرر في «صحيفة الجريدة»، وصدرت لها روايتان: «أنا الأخرى» -2017 و «اوفيدا سيهن» (إلى اللقاء بالألمانية) التي صدرت عام 2019 وحصدت جائزة الطيب صالح التقديرية للإبداع الروائي.

دعني أقول بمراجعة النقاط عاليه من وجهة تقديري الضعيف، لكل من أراد أن يكتب كتاباً في أي مساق، عليه أن يراجع ما سبق.

تهانينا للدكتورة / ناهد قرناص، على أتاحتك لي الفرصة لأعلق هذا التعليق بما لا يمس من قدر الجهد المبذول في محاولة الكتابة أوفيدا سيهن «Dunk Dunk „.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق