آراء

سفينة بَوْح

البطوطيون ..!

هيثم الفضل

هم أولئك النفر من كبار السياسيين والوزراء والمسئولين والدستوريين وأصحاب المناصب والنفوذ في العاصمة و الولايات ، الذين ينتمون إلى (منظمة مُحبي سيرة إبن بطوطة) في حبُ السفر والتجوال ، شريطة أن يكون ذلك على حساب الدولة ومن مالها الذي يدفعه شعبها المسكين غصباً وإجباراً وفق كل القوانين اللوائح والنَظم التي يقوم عليها مبدأ (التدليس والغوايه في فنون فرض الجبايه) .. أولئك السابق ذكرهم يشترطون أيضاً أن يكون السفر في درجات الطيران الأولى وأن يكون السكن في الدولة المقصودة في أفخم الفنادق وأرقاها وأغلاها ثمناً (طالما لن يمسُ جيوبهم سوء) ولن تتأثر نثرية (بدل السفر) بشيء ، أما مدة الإقامة فهي مفتوحة ، فإن كانت لمؤتمر من (المؤتمرات الوهمية) لا يستغرق حضوره والمشاركة فيه ثلاثة أيام ، فإن مدة السفرة تضرب في خمسة لتصبح 15 يوماً بقدرة قادر وذلك حتى يتسنى لأصحاب الحظوة إكمال برنامجهم (السياحي) والتسوقي والذي قد يمتد إلى دولٍ أخرى خصوصاً للرحلات الأوروبية التي تكون تأشيرتها مفتوحه (شنقل) حسب لوائح ونظم دول الإتحاد الأوربي ، وللحقيقة فإن داعمي نظرية (إبن بطوطة) من المسئولين البطوطيين أغلبهم من النوع الذي يدُس رأسه في الرمال في التغاضي عن (حُرمة) ما يقوم به من أسفار لا طائل منها ولا تمثل نتائجها أو أهدافها أيي دفعة حقيقة في إطار إنجاز مهامه ومسئولياته التي سيحاسبه بها الله ، طالما خلت ونضبت منظومتنا الإدارية من (نُظم حسابية وإدارية وفنية) قادرة على رد الحقوق إلى خزائن الدولة التي يبدو أنها لا تنضب أبداً بعد صمودها (العجيب والغريب) أمام كثرة وتجمهر المفسدين حول مواردها (السائبة) بلا رقيب ولا حسيب ، البطوطيون يأنفون بأنفسهم من مد يدهم مباشرةً للمال الحرام بالإرتشاء والتكسُّب عبر نفوذ وظائفهم ، ولكنهم (يحلِّلون) على أنفسهم ومرافقيهم السفر بلا طائل ولا سبب ولا حاجة ليقبضوا بدلاتهم السفرية بالعملة الصعبة ، فحرصوا على تحقيق مبلغ (الربط السفري) شهرياً باللهث المضني للحصول على أسباب واهية تمكنهم من السفر للخارج مرتين على الأقل كل شهر ، حكى لي أحد الأصدقاء أنه وجد بعض المسئولين السودانيين في معرض بإسبانيا مختص بتطوير زراعة (البرقوق البري) وصناعاته المختلفة التي يأتي في مقدمتها صناعة مشروب النبيذ ، من هذه النافذة أُلفت نظر منسوبي ديوان المراجع العام وسائر المؤسسات التي تعمل في مكافحة الفساد الإداري (إن كانت بالفعل موجودة كما يُعلن) أن بند التسفار الخارجي (شرخٌ) كبير في (قِربتنا المقدودة) المُسماة المال العام ، وهي طريقة مُثلى للكثير من (البطوطيين) الذين يفوق عدد سفراتهم الخارجية ما يقارب الثلاثون رحلة سنوياً بدون ضوابط ولا مسببات ولا جهات تقوم بتحديد الضرورة أو الأهمية ، مما يُكلف الدوله ملايين الدولارات ما بين تكاليف للتذاكر والإقامة ونثريات بالدولار تُصرف باليوم في كل رحلة ، يا أهل الحل والعقد إنقذوا شعبكم الذي براه الجوع والفقر والمرض والعجز أمام الملمات بحراسة ماله من نهب (آل إبن بطوطة).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق