
عبد الله مرير
إن إعداد القصة له غرض مهم في تزويد القارئ بسياق حول السرد، مثل وصف وقت وبيئة السرد القصصي.
أين حدث ذلك؟ ما هو المناخ الاجتماعي؟ ما هي الفترة الزمنية؟ ما هي الأحداث الهامة التي تحدث في بيئة القصة؟ ما هي المعايير والبنية الاجتماعية؟ ما هو حال الطقس؟ في أي موسم هو؟
أين ومتى قد جرت تلك الأحداث:
يعد إعداد زمان ومكان القصة أمرًا مهمًا لأنه يزود القارئ بسياق حول الزمان والمكان والبيئة التي تحدث فيها القصة. وهو مهم أيضًا لأنه يحسن تجربة القارئ ويضيف إلى تطور القصة بالحبكة والمزاج والشخصيات.
الإعداد هو الوقت والمكان الذي يختاره المؤلف للعمل الأدبي. يمكن أن يكون الإعداد فترة زمنية حقيقية وموقعًا جغرافيًا أو عالمًا خياليًا وفترة زمنية غير مألوفة. يشمل الإعداد أيضًا المناظر الطبيعية والمناخ والطقس والمحيط المجتمعي والثقافي الذي يمثل خلفية للعمل. يتم الكشف عن كل هذه المعطيات من خلال سرد وعرض القصة.
عناصر الإعداد في الأدب
في الكتابة القصصية، التعريف الأساسي للإعداد هو وقت ومكان القصة. لكن هناك عناصر مختلفة تساهم في إنشاء بيئة مكانية وزمنية:
الموقع الجغرافي: قد يتم وضع القصة في مكان واقعي يمكن رسم خرائط لها مثل مدينة أو ولاية أو بلد معين، أو قد يتم وضعها في عالم خيالي.
الموقع المادي: يمكن أن يكون المحيط المباشر للشخصية، مثل غرفة أو قطار أو زورق، تلك معلومات مهمة يجب تسليط الضوء عليها.
البيئة المادية: يمكن أن تدور أحداث القصة في العالم الطبيعي حيث تتأثر الشخصيات بظروف الطقس والمناخ وتقلبات الطبيعة من فيضان أو ثلوج أو مغامرة في صحراء إلخ.
الفترة الزمنية: بصفتك كاتبًا، من الضروري أن تسأل، “متى تحدث هذه القصة؟”. في الأدب ، يمكن أن تكون الفترة الزمنية فترة تاريخية ولكنها قد تكون أيضًا موسمًا أو وقتًا من اليوم أو وقتًا من السنة.
البيئة الاجتماعية والثقافية: سيحدد المكان والفترة الزمنية البيئة الاجتماعية والثقافية في القصة. إذا تم تعيين قصة قصيرة في قرية أو مزرعة، فستكون هناك معايير واتجاهات مجتمعية خاصة بالريف والفلاحين. وإن كانت في مدينة مكتظة، فسوف تسلك المعايير نمطاً يتحدث حول سكان المدينة وعجلة سير الأحداث في المواصلات والتشنج الذي يلحق بسكانها. إذا تم تعيين قصة في أواخر عقدٍ ما قد ولى و مضى، فسوف تكون خلفية القصة حدثاً ما بارزاً يرتبط بتلك الحقيبة من اختراع أو حروب أو عصر شخصية مؤثرة إلخ.
أمثلة على بيئة الزمان والمكان في الأدب، فقد برع فيها الروائي المبدع الطيب صالح في موسم الهجرة إلى الشمال، حيث ينتقل بالقارئ بإعجوبة مهارية من على ضفاف النيل وتفاصيل بلدته الواقعة في الريف على ضفاف النيل في سردٍ أخاَّذ عن بيئة الريف ونمط الحياة الاجتماعية بكل تفاصيلها وكأن بالقارئ يتجول على ضفاف النهر ويحيا نمط تلك الشريحة الإجتماعية بكل خصائصها، ثم ينتقل بالقارئ إلى لندن حيث المدينة ومغامرة شجية في جنون البيئة اللندنية آنذاك.
وضع شارلز ديكنز رواية أوليفر تويست في أوائل القرن التاسع عشر في إنجلترا، وهو الوقت الذي خضعت فيه الأفكار والمعتقدات القديمة للتدقيق الجاد. أدت التغييرات العميقة التي أحدثتها الثورة الصناعية وعدم اليقين الديني والتقدم العلمي والاضطرابات السياسية والاجتماعية إلى قيام العديد من الفيكتوريين بإعادة النظر في العديد من جوانب مجتمعهم وثقافتهم.
تم وضع الرواية على خلفية قانون الفقراء الجديد لعام 1834 ، الذي أنشأ نظامًا من بيوت العمل لأولئك الذين ، بسبب الفقر أو المرض أو الاضطراب العقلي أو العمر ، لا يستطيعون إعالة أنفسهم.
دفع التصنيع العديد من عمال المزارع الهجرة إلى المدن، حيث أدت ظروف العمل السيئة والسكن غير اللائق إلى الفقر بمعظمهم. أدت الزيادة غير المسبوقة في عدد سكان الحضر إلى ظهور مشاكل جديدة وخطيرة تتعلق بالفقر، والمرض، والجريمة في الأحياء الفقيرة الضخمة التي يسكنها العمال الفقراء، والعاطلون عن العمل ثم تمخضت الأحياء الفقيرة في لندن عن نوع الجريمة التي يصورها ديكنز في أوليفر تويست.
مكان وزمان محددان يلعبان دورًا مهمًا في القصة من حيث الإعداد المتكامل من عناصر مجتمعية مثل اللغة واللباس والنقل ونمطها الاجتماعي وما يليق بها من شخصية حياة المدينة أو الريف ووفقاً للحقبة الزمنية التاريخية التي ارتأيتها. تلك الإعدادات تدعم تطور الشخصيات و الصراع والتوتر في القصة.
اختيارك للمكان والزمان الملائمين، يولد استجابة عاطفية في القارئ. عندما يشارك القراء في إعدادات قصتك، فإنهم سوف يقرؤون بنشاط ويستثمرون في تجربة السرد ويحسن تدفق القصة. من خلال تدفق بيئة السرد بشكلٍ معلوم لدى القارئ، وسوف تبدو له الأحداث بأنها حقيقية.
بعض المصادر:
NOVELEXPLORER.COM
NY.BOOK EDITOR