
تعززت المكتبة المغربية بإصدار جديد للأستاذ الباحث محمد بوعابد، متمثلا في الجزء الأول لكتاب رصين بالغ الأهمية، جاء تحت عنوان ” حفريات في الشعر الملحون” ــــ دراسة في الشعر المغربي العربي الزاجل.
تتجلى أهمية هذا الكتاب، من بين أمور أخرى، في كونه إضافة نوعية في بابه، خاصة إذا وضعنا في الاعتبار أن الإصدارات المنصبة على دراسة هذا الموروث الأبي الغني، والبحث في قضاياه وإشكالياته تبقى محدودة للغاية، بل شديدة الندرة.
الأستاذ محمد بوعابد ليس غريبا على الشعر الملحون، بل هو أحد عشاقه والعارفين بأسراره وخباياه، كما أنه ترعرع في كنف عائلة كلفة بالشعر الملحون شغوفة به، و من المعروف أن جده، رحمه الله، كان من أشياخ الشعر الملحون في مراكش.
في الكتاب محاولة للإجابة على مجموعة من الأسئلة التي يثيرها الشعر الملحون، ومحاولة للوقوف على بعض من قضاياه الفنية والموضوعية، برؤية معرفية نقدية وتسلسل منهجي واضح.
يشكل هذا الإصدار الجزء الأول من الكتاب، وقد يليه في وقت لاحق جزء ثان على الأقل، مما يؤشر على أننا أمام دراسة هامة، سيجد فيها ضالتَه عاشقُ الملحون المهتم والباحثُ المتخصص في قضاياه.
يقع الكتاب في حوالي 140 صفحة. يتكون من خمسة فصول، علاوة على تقديم وتصدير بعنوان ” المتبتل في محراب الملحون” أعرب فيه كاتبه الباحث الدكتور فيصل الشرايبي عن إعجابه بالكتاب، وتثمينه لجهد مؤلفه، الذي كان جهد باحثٍ عارف وعاشق للشعر الملحون، يكتب عنه من موقع الغيرة والرغبة في أن تجري نصوصه على ألسنة الناس، ويغنموا بعضا من جمالها وروعة معناها ومبناها مثلما غنم هو.
يأتي هذا الكتاب بعد مجموعة من الإصدارات تنوعت بين التأليف والترجمة، كان آخرها كتاب ” من غوايات المتفرد” (2021) الذي تكفل به الأستاذ محمد بوعابد إعدادا وتقديما وترجمة، عن تجربة الكاتب الإسباني الراحل خوان غويتيسيلو، الذي عشق مراكش وأقام فيها عقودا إلى أن توفي على أرضها منذ سنوات قليلة ماضية.