خارج الحدودسياحةمال وأعمال

آمال الگرَّاع … سفيرة الطبخ العالمي بمدينة بوردو الفرنسية

مغربيات العالم ... نساء رائدات


عبد العالي الطاهري

لطالما خرجت من رحم العائلات المغربية نساء من خامة الكبيرات، على جميع المستويات وفي مختلف المجالات المهنية العلمية والثقافية والفنية والرياضية، وذلك على مدار أجيال، لكن فئة من المغربيات الرائدات كان إبداعهن وعطاؤهن مُضاعفًا ومُرفقًا بمقاومة ظروف خاصة تمثَّلت بالأساس في الغربة والبُعد عن الأهل والوطن الأم، فكان العطاء والتميُّز والريادة في بلاد المهجر وبَلَد الاستقبال.
نعرضُ في هذه المادة الإعلامية نموذجًا نسائيًا رائدًا وفوق المُتميِّز لامرأة أبدعت وتحدَّت الصِّعاب واستطاعت تحقيق أحلامها وبلوغ مبتغاها، وعلى مدار أكثر من عقدين من الزمن، وهي الخبيرة المغربية في فنون الطبخ، بدرجة رئيسة الطهاة (Chef de Cuisine) السيدة آمال الگرَّاع، التي أصبحت إسمًا لامعًا في مجال اختصاصها، خاصة بمدينة بوردو الفرنسية، في شتى مدارس الطبخ وثقافاته العالمية المتعددة والمتنوعة، نتحدث عن المطبخ المغربي الغني والمصنف من أرقى وأعرق مدارس الطبخ العالمية، من منطلق كونه مزيجًا بين المطبخ الأمازيغي والعربي والأندلسي والشرق أوسطي، وكذا البحر الأبيض المتوسط وإفريقيا،هذا من جهة، إضافة إلى إتقانها لأصول وقواعد المطبخ الفرنسي والمطبخ الإيطالي والمطبخ المكسيكي، علاوة على المطبخ الإسباني.
جمعت السيدة آمال الگرَّاع بين فنون الطبخ التقليدية لمختلف هذه البلدان و كذا آخر ما جادت به إبداعات مجالات الحلويات والأطباق الراقية والمُقدمَّة في أفخم وأعرق المطاعم والفنادق العالمية، والحال أننا نتحدث عن واحدة من أهم المدن الفرنسية (بوردو) التي تمثل جزءً من التاريخ العريق للمطبخ الفرنسي، المطبوع بالرُّقِي والتطور والتجديد، وكذا كونه مرجعًا عالميًا في الذوق والتذوُّق الاحترافي الرفيع.

رئيسة الطهاة (Chef de Cuisine) آمال الگرَّاع، علاوةً على كونها حاصلة على دبلومات متميزة في مجال الطبخ، في بلد لا يعترف إلَّا بالكفاءة والخبرة والمهنية العالية في مجال جد حساس كالطبخ، وهو ما يعني أنَّ وصولها إلى هذه الدرجة والمرتبة العالية والمرموقة كان عن جدارة واستحقاق علي المستويين الأكاديمي والمهني، فهي حاصلة أيضا على دبلوم دولي تخصص « تجارة دولية »، وتعتمد منهجية البحث العلمي الدائم والإشراف وكذا المشاركة في التحضير والإعداد الكلي للعديد من الملتقيات والمهرجانات والحفلات والتظاهرات الكبرى، التي يُشكِّل ضمنها الطبخ العنصر الأساس وأحد أهم معايير التفوُّق والنجاح، كل ذلك في أُفُق مواكبة مستجدات مدارس وفنون الطبخ العالمية، مع إضافة لمستها الإبداعية على كل الأطباق. حيث قطعت السيدة آمال الگرَّاع مسارًا مهنيًا تجاوز العقدين من الزمن، من خلال الاشتغال في العديد من المطاعم الراقية بفرنسا، منها هلى وجه التحديد مطعم إيطالي وبصفتها رئيسة الطهاة على متن قطار TGV، وكذا مؤسسات أخرى تابعة للدولة، من قبيل شغلها منصب رئيسة الطهاة بدار للرعاية الاجتماعية لفترة ليست بالقصيرة، وهي الآن رئيسة الطهاة بواحد من أشهر وأعرق المطاعم المصنفة بمدينة بوردو الفرنسية، يتعلق الأمر بمطعم Restaurant Le Society Bordeaux.
فبَيْنَ التشبُّت بهويتها وأصالتها والسعي قُدُمًا إلى إثبات وجودها ومكانتها مجتمعيًا، تسعى المرأة المغربية للحفاظ على مكتسباتها التي تَحصَّلت عليها بفضل جهودها المضنية وكفاحها المستمر لبلوغ مرادها وهدم الصورة النمطية في مجتمع ذكوري تسيطر على أفكاره نظرة دونية لها ولمنجزاتها. وعندما نتحدث عن المرأة المغربية خارج أرض الوطن، فهي تكون أمام كمٍّ هائلٍ من التحديات والإكراهات، ما يعني أنه متى استطاعت واحدة من النساء المغربيات، على غرار نموذج السيدة آمال الگرَّاع، إثبات نفسها وعُلُو كعبها وصارت عنوانًا للتميز، فإننا نكون أمام إنجاز عظيم هو نِتاج إصرار وإرادة غير عاديين صادر عن صنف من النساء المغربيات الرِّياديات والقياديات علميًا و مهنيًا ومجتمعيًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق