آراء

نحو مهارات الكتابة

عن افتتاح مقدمة لقصة قصيرة

عبد الله مرير

القصة القصيرة تتميز على وجه التحديد بما يلي:
_ نظرًا للقيود المفروضة على تنسيق القصة القصيرة، ابدأ بافتتاح قوي لفكرة واضحة محددة (فكاهة، مأساة، رعب، أو عاطفية من خسارة، حزن، فرح الخ) أو مزيج متماسك من فكرتين أو أكثر. سوف يستنبط القارئ حينئذ نمط وهدف القصة. هذا يعني الانفتاح على الحدث بشكل مباشر، وسوف تقوم بملء التفاصيل لاحقاً.
_ لغة وصفية واضحة تؤسس لمفهوم القصة بسرعة ودون أن تكون زائدة عن الحاجة.
_ مجموعة صغيرة من الشخصيات، بما في ذلك الشخصية الرئيسية والشخصية (الشخصيات) الداعمة التي يجب أن تؤدي دورًا حيويًا في القصة من شأنه أن يبلغ بالحبكة ذروتها.
_ ما الذي تريد أن يشعر به الناس أو يفكروا فيه وهم يقرؤون قصتك؟ (وجهة نظر قوية). تأكد من أن وجهة النظر هذه تنعكس بوضوح في جميع أنحاء القصة.
_ لا يلزم بالضرورة أن تلتزم القصص القصيرة بأساليب سرد القصص التقليدية، سواء من حيث طريقة السرد والجدل الحواري في طرح الفكرة والبلوغ بها للقمة، أو من حيث ترتيب عناصر القصة التقليدي الكلاسيكي، فبإمكانك البدء من حيث حبكة أو حادث والعودة إلى مقدمة (خطف خلفاً) وهكذا. مما يعني أنه يمكنك التحرك بحرية مع بعض الأعراف الكلاسيكية.
_ يجب أن يكون كل شيء في القصة القصيرة حيويًا. اقرأ وأعد قراءة كل جملة واسأل نفسك: هل يجب أن تكون حقاً موجودة؟ أما بشأن النهايات فهي لا تخضع لمنطق، أو لوضوح ولكن يجب أن يكون لها معنى يدركه القارئ في نهاية الأمر.
_ التحرير هي مرحلة نهائية من تساؤلاتك هل خضعت القصة في النهاية في إيصال الفكرة من خلال العناصر والتقنيات. ينصح قبل وضع القصة للتحرير والتنقيح أن تقوم بمرجعتها ومطالعتها كقارئ نهم سريع، أو كقارئ متأنٍ هادئ. القراءة بصوتٍ عال، محاكاة جسدية مسرحية من إيماءات تحاكي بها الحوار وما يشوبه من عواطف وأحاسيس.
تجنب الوقوع في فخ الأفكار المستهلكة والعبارات النمطية:
فلتكن متفرداً في تناول أي نمط قصصي غايته أن تترك أثراً مختلفاً متميزاٍ لدى القارئ. سواء في قصة تتناول الملهاة، المأساة، الرومانسي الخ، لا تكن تقليدياً في تناول طرح القصة بشكلٍ يدرك القارئ مقدماً بما سوف تؤول إليه الاحداث، فلتكن جرياً متميزاً وليدرك القارئ الاختلاف وعدم النمطية من أول سطر تخط به قصتك.
من الأفكار النمطية المبتذلة، ومن الجمل الشائعة التي ينصح تجنبها:
-(فقدان الذاكرة) : فقدان الذاكرة شائع جدًا في الأدب ولكن ليس كثيرًا في الحياة الواقعية.
_(لقد عاشوا في سعادة دائمة) لا بد أن هذ العبارة قد أرهقت القراء وأصبحت تسبب لهم الملل والذعر. يمكن أن تدور فكرة القصة حول حدثٍ من الصراع وما يواجهه الفرد من صعاب وملمات ليست بالحسبان، ولكن ليس من المفترض يجب تمنحك القصص دائمًا النهايات المثالية. ربما تليق عبارات السعادة المستهلكة تلك بما كان يُكتَب من قصصٍ للأطفال، حيث أن الكتابة للأطفال أصبحت تعتمد استنتاج وإدراك الطفل من ذاته لفكرة السعادة أثناء القراءة.
_ (بطل القصة الوسيم أو الأمير). أمسى هذا الطرح الوصفي المبتذل يثير حفيظة القراء. سوى عن ذلك إن تم توظيف هذه الشخصية لغاية رمزية وبمعنىٍ مغاير لما تبدو عليه.
_ (الشخصية المثالية)، بالنهاية شخصية البطل هو إنسان وله هفواته وأخطاؤه، لا تقم بتصويره على أنه الشخصية الكاملة. الشخصية الشريرة ليست بالشر المطلق، دعه يطرح أفكار بحوار منطقي.
_( النهايات السعيدة) ليست دائماً حاضرة، ممكن ألا يصل بطل القصة غايته بالنهاية ولكن يترك لدى القارئ معنىً وأثراً غير متوقع. الشخصية الرئيسية ربما تحيا أو تموت أو تمرض.
بالنهايةـ بعيداً عن الأفكار النمطية، كن متفرداً في الطرح مبتكراً.
أجل، بإمكانك أن تكتب افتتاحية قصة:
افتتاحية مقدمة قصة قصيرة، غالباً ما تستوقف الكاتب الناشئ ليقف عندها في ريبة وتردد، أو يدور من حولها عله يجد منفذاً يقوده حتى يخط الكلمات الافتتاحية. عند سؤال الروائيين والقاصين المتمرسين عن بداية الشرارة الاولى في تسطير كلمات افتتاحية قصصهم المبكرة، يجمعون في الجواب إلى حدٍ ما بأن عقبة(افتتاحية مقدمة قصة) لم تكن بمعضلة يوماً، بل القاص الناشئ هو من يضع حجرة كبيرة صماء أمام بوابة يسيرة الولوج دون عائق. فعندما يبدأ في كتابة قصة، قد لا يعرف إلى أين تتجه. الأمر اليسير هو في اختيار واحدة من الاستراتيجيات محتملة ومتاحة في طبيعة الحال. أمثلة على ذلك:
– ابدأ افتتاحية القصة بحدث ما أو بحوار:
يجثو الفتى على قدميه ويضع يده على فمه وقد حبس أنفاسه وتملكه الذعر عندما نظر عبر فتحة في الجدار المتهالك وقد شاهد الجنود يحملون بنادقهم وهم يقتحمون الحي ويداهمون البيوت. لقد اقتادوا الرجال الذين يعملون في ورشة الحدادة إلى وجهة غير معلومة. يتنفس الفتى الصعداء ويهرع جرياً عبر حقول الذرة نحو كوخ الفلاحين.
– ابدأ افتتاحية في طرح سؤال:
” لماذا يتوجب عليَّ أن أنصت في نهاية كل يوم عمل إلى تهكم وسخرية هذا المدير؟ هي ما فتأت تهمس إلى نفسها ذات السؤال إلى ما مالت برأسها إلى زجاج نافذة الحافلة مساءاً، حتى أنها قد فوتت عليها المحطة حيث يجب أن تترجل من الحافلة. تلقي التحية على خباز الحي وتصعد عتبات البناء حتى تدخل الشقة وتعانق طفلتها.
– افتتاحية قصة بوصف مكان وزمان حدث، مثال:
في ركن الحديقة، جلس الرجل العجوز على أريكة قديمة اعتاد شبان الحي المزدحم الجلوس عليها حتى أنهم قد وضعوا تحتها بعض قطع القرميد لتبقى متزنة بعد أن تحطمت أركانها. الحديقة تبدو مثل علبة معدنية صدئة مرمية وقد أحاطت بها الأبنية الشاهقة التي تتدلى من شرفاتها ما تعلق من لباس وستائر الغسيل. فيي منتصف يوم عطلة نهاية الاسبوع، صدى صيحات الشبان وهم يلهون يجوب المكان وبإمكان الرجل العجوز أن يتنبئ بمواعيد القطار العابر من أعلى السكة لترمي أبواقه المزيد من الضجيج وسط المدينة.
– ابدأ مقدمة قصة بمعلومات أساسية عن خلفية القصة:
“يدخل ابنها اليافع المنزل، وكعادته يلقي بحقيبته المدرسية ومعطفه، ويقتحم المطبخ ليختلس بعض الطعام ضاحكاً وأمه تنهره باسمة. بإمكانه أن يمضغ الطعام ويتحدث دون توقف عن يومه في المدرسة واستعداده للسفر ليتابع دراسته. هو لا يكل يعدها بأنها لن يتوجب عليها العمل حتى ساعة متأخرة، وبأنه سيتكفل في القريب العاجل في رعايتها.”
– ابدأ في تقديم تعريف حول الشخصية الرئيسية :
” يبلغ إلياس التاسعة عشر من العمر، بإمكان سكان الدور السادس من السكن الجامعي أن يشعروا بضجيج قدومه حيث يسابق نفسه وهو يصعد الأدراج وإذا ما وصل إلى صالة استراحة الطلاب حتى يحظى بالتصفيق والترحيب الضاحك بينما هو ينحني بقامته الطويلة يحييهم ويرتمي على الأريكة يمرر أصابعه في شعره الأسود الداكن متباهياً مدعياً عدم الاهتمام، بل هو يعني أن يحظى ببعض الإطراء والمديح. وغالباُ ما يسأل رفقته في تحدٍ رياضي وسط صياحٍ وتهليل من الجميع. ولكن،”
بالنهايةـ بعيداً عن الأفكار النمطية، كن متفرداً في الطرح مبتكراً، حيث الافتتاحيات والمقدمات هي متاحة وبوابة لتفاصيل آتية بيسر لموضوع القصة.
بعض المصادر:
Reedsy
NY.BOOKEDITOR
Writer’s digest

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق