خبراء المناخسياسةمال وأعمال

الوكالة الدولية للطاقة المتجددة: التمويل منخفض

التكلفة هو الضمانة الكبرى لتحريك عجلة التحول الأخضر عالميًا

عبدالعالي الطاهري.

مع تسارع الحاجة البشرية إلى مزيد من الاعتماد على الطاقة من مصادر نظيفة ومحافظة على النظام البيئي على كوكب الأرض، دعت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة “آيرينا” إلى تعزيز الوصول إلى التمويل منخفض التكلفة من أجل دفع عجلة التحول الأخضر عالميًا، خاصة مع الحاجة إلى استثمارات بقيمة 4.4 تريليون دولار سنويًا حتى عام 2050، لتحقيق الحياد الكربوني.
جاء ذلك في تقرير حديث خصصته الوكالة لبحث مصادر التمويل منخفض التكلفة اللازمة لتسريع خطط تحول الطاقة العالمية.
وقال رئيس الوكالة فرانشيسكو لاكاميرا، إن التحول العالمي في مجال الطاقة يستلزم تسريع نشر مشروعات الطاقة المتجددة حول العالم.
وأكد أن مسألة الوصول إلى التمويل منخفض التكلفة صارت أمرًا حيويًا عاجلًا لدفع هذه الخطط إلى الأمام، وتحقيق طفرة في خطط خفض الانبعاثات والحياد الكربوني عالميًا.

استثمارات ضخمة..4.4 تريليون دولار ميزانية سنوية

أكد رئيس الوكالة الدولية للطاقة المتجددة أهمية إعداد تقرير متخصص حول سُبُل الوصول إلى التمويل منخفض التكلفة في الاقتصادات النامية والمتقدمة، بالشراكة مع الهند، الرئيس المرتقب لاجتماع مجموعة الـ20 (9-10 سبتمبر/أيلول 2023).
وشاركت وزارة الطاقة المتجددة في الهند بإعداد هذا التقرير بالتعاون مع وكالة آيرينا وصندوق أبو ظبي للتنمية، حسب تقارير رسمية في الموضوع.
إلى ذلك، قدّر التقرير حجم الاستثمارات السنوية اللازمة لتجنّب ارتفاع درجات الحرارة فوق 1.5 درجة مئوية وزيادة حصة الطاقة المتجددة إلى 75% من مزيج الطاقة العالمي، بما يقارب إجمالي 5 تريليونات دولار حتى عام 2030.
بينما قُدّرت حجم الاستثمارات المطلوبة لتمكين الطاقة المتجددة بالكامل، والوصول إلى الحياد الكربوني بحلول 2050، بما لا يقلّ عن 4.4 تريليون دولار سنويًا.
كما لاحظ التقرير أن أغلب الاقتصادات الناشئة تعاني من فجوات تمويلية كبيرة، كما تواجه تحديات ضخمة للوصول إلى مصادر التمويل الأخضر منخفض التكلفة.

الاستقرار السياسي وسعر الصرف أبرز المخاطر

خلُص تقرير الوكالة الدولية للطاقة المتجددة إلى أن مخاطر الاستقرار السياسي غالبًا ما تمثّل عائقًا أساسيًا أمام تدفّق الاستثمارات الأجنبية ورأس المال الدولي إلى قطاعات الطاقة المتجددة الوطنية في البلدان النامية والاقتصادات الناشئة.
كما رصد التقرير عوامل أخرى تُهدِّد الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الطاقة المتجددة، مثل مخاطر التقلبات الكبيرة في سعر صرف العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية الرئيسة.
وتتبَّع التقرير مسار انخفاض تكلفة إنتاج الطاقة المتجددة منذ عام 2010، وحتى السنوات الأخيرة، التي شهدت انخفاضًا كبيرًا في التكلفة، حتى صارت أرخص مصدر للكهرباء في العالم حاليًا.
وأرجع التقرير هذا الانخفاض الضخم في تكلفة إنتاج الكهرباء النظيفة إلى عدّة أسباب، أهمها تطور تقنيات التوليد من الشمس والرياح وانتشارها بمعدلات سريعة حول العالم.

برامج الدعم الحكومي..العامل الحاسم في تطور القطاع
 
شكَّلت برامج الدعم الحكومي والمبادرات العالمية دورًا حاسمًا في دفع عجلة مشروعات الطاقة المتجددة إلى الأمام على المستوى الوطني والدولي، وفق تقرير “آيرينا”.
وتراهن “آيرينا” على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بصورة كبيرة، لما تتمتعان به من قدرة كبيرة في إزالة الكربون من قطاعات الاستهلاك النهائي.
إذ يمكن للكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح أن تَسهَم بتشغيل المضخات الحرارية المرشحة ضمن إطار البدائل المطروحة للغاز في المنازل.
كما يمكنها تشغيل المركبات الكهربائية بشتّى أنواعها عبر شحن البطاريات، من أول السيارات الخاصة وحتى الشاحنات المتوسطة والكبيرة وحتى الدراجات ذات العجلتين، ما يعني قدرتها على خفض انبعاثات قطاع النقل البري بصورة شبه كاملة.
ويعتمد إنتاج الهيدروجين الأخضر، المرشح في إطار بدائل النقل الجوي والبحري والبري وعلى مستوى تشغيل المصانع، على الكهرباء المولدة من مصادر الطاقة المتجددة.

الشراكة بين القطاع العام والخاص والخيري

أوصى التقرير بتسهيل الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تقنيات فروع الطاقة المتجددة الناشئة، مثل طاقة الرياح البحرية وتخزين الكهرباء والهيدروجين الأخضر، إلى جانب استثمارات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح البرية.
كما أوصى بزيادة الاستثمار في تقنيات تطوير الشبكة وضمان استقرارها وديمومتها، إضافة إلى تعزيز الابتكارات الداعمة لنماذج الأعمال المرنة، وزيادة القدرة التصنيعية، وخفض تكاليف العمالة.
وأشارت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة إلى دور السياسات الحكومية في تشجيع الابتكار الصناعي، الذي سيؤدي إلى انخفاض تكاليف التكنولوجيا اللازمة لتحول الطاقة، ومن ثم خفض تكلفة رأس المال.
وطرحت “آيرينا” حلولًا تمويلية للبلدان التي تعاني من عجز التمويل وضعف الاستثمارات الأجنبية، أهمها تعميق الشراكة بين القطاعين العام والخاص وبنوك التنمية على المستوى المحلي والإقليمي والدولي.
كما طرحت فكرة مشاركة القطاع الخيري في تمويل مبادرات الطاقة المتجددة على المستوى المحلي بالشراكة مع القطاعين العام والخاص.
ومن المتوقع أن تناقش مجموعة الـ20، المقرر انعقادها في نيودلهي في 9-10 سبتمبر/أيلول 2023، قضايا التمويل منخفض التكلفة ضمن 6 محاور حددتها الهند في إطار تحديد أولويات وجدول أعمال القمة المرتقبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق