ثقافة وفن

في رثاء الشاعر المناضل إدوارد لينو وار

رجل يعرف الخصومة ولا يعرف العداء!

الشاعر فضيلي جماع – لندن

  نعى الناعي اليوم الشاعر والمناضل إدوارد لينو وار. عرفت إدوارد الذي كان زميلا لأخي علي جماع بكلية الآداب – جامعة الخرطوم، ولشلة من أبناء المجلد وأبيي منهم احمد جبريل علي (احمد مرعي)، وكامل بابو نمر وآخرين تفصل بيننا وبينهم ثلاث أو أربع سنوات. ورغم فارق السن إلا إنّنا كنا إذ نلتقي في قهوة النشاط بجامعة الخرطوم يذوب حاجز السن إلا من الإحترام والتوقير بين الكبير والصغير. كثيرون لا يعرفون أن جد إدوارد لأمه هو الشيخ النور دلدوم من شيوخ المجلد- له الرحمة.

في آخر حديث بيننا أذكر أنه حكى لي بمرارة كيف أن البعض من أبناء المجلد أشاع بأنه يكره المسيرية! أضاف بمرارة: كيف يا صديقي أكون ضد أهلنا المسيرية وأنا أملك قطعة أرض بالمجلد سجلتها بشهادة الناظر مختار بابو نمر؟ القطعة جوار منزل جدي المرحوم النور دلدوم بحي دفاع.. وجدي من الشخصيات المعروفة والمحبوبة بالمجلد كما تعلم.

حاولت تطييب خاطره، وبأن اختلاف وجهات النظر حول ملف أبيي لمن يعرفون العلاقات التاريخية بين نقوك والمسيرية لا يمكن أن تتمخض عنها إراقة دماء إلا لمن يجهلون متانة التعايش بين العشيرتين والذي تمخضت عنه روابط قوية أقواها صلة الرحم والصداقات التي ورثها الأبناء عن الآباء عن الأجداد. ولكنا نعيش زمن التيه في سودان شطرته الكراهية والحروب لشطرين. تحدثت وإياه كثيرا. كان في نيروبي وأنا بلندن، تفصل بيننا بحار ووهاد. وعدته بأن سوف أزوره بالعاصمة الكينية متى سمحت ظروفي. وبعثت له دواني الشعري الأخير وروايتي الأخيرة (هذه الضفاف تعرفني). كان صديقنا المشترك الصحفي النشط مصطفى بيونق هو من يجمعنا عبر الهاتف كلما سمح الوقت والظروف.

برحيل الشاعر، كوماندور إدوارد لينو إلى دار البقاء، نكون نحن – أبناء عشيرتي نقوك والمسيرية – قد فقدنا رجلاً كنا نحتاجه كثيراً في الظرف الحاضر والمرارات قد أعمت حتى الحكماء والمتعلمين من أبناء العشيرتين. فقدنا رجلاً يعرف الخصومة لا العداوة.. وشتان بين الاثنتين!

نسوق العزاء الحار لأسرة المربي الكبير لينو وار ابيي ولأسرة الشيخ النور دلدوم ولزملاء دراسة الفقيد ولرفاق سلاحه في سنوات النضال التي خرج منها بشهادة الجميع نظيفاً، عفيفاً غنياً بتاريخه النضالي المشرف. والعزاء لنا جميعاً.

له الرحمة من الله الغني عن العالمين.

عشت حياً وميتاً الصديق المناضل، الشاعرإدوارد لينو.

ملحوظة: يجد قارئ هذه الخاطرة قصيدتي الموسومة (دمع عتابك أخجلنا) وقد أهديتها لزميل القافية ورفيق النضال من أجل الحرية والكرامة إدوارد لينو، حين قدم للخرطوم مع وفد السلام الذي سبق العودة التاريخية للمناضل الدكتور جون قرنق دي مابيور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق