
محجوب الخليفة
من يجيدون قراءة الواقع ويحسنون تحليل الوقائع والتجاذبات السياسية والمخابراتية والمحاولات المستميتة لايقاف حركة التغيير الثوري سيكتشوف أن السودان قد دخل بالفعل إلى مرحلة اللاعودة للخلف أو التراجع عن طريق التغيير الحتمي. ولعل الرهان على الشباب ووعيهم وعزمهم لصناعة مستقبل جديد يخلص السودان من كل ماعلق بتاريخه وراهنه السياسي من احتكار ومجاملات وتستر … هو سيد الموقف الآن.
الشباب يضغطون الآن من أجل انجاز الخطوة الأولى نحو المستقبل الحقيقي بإصرارهم على الحكومة الانتقالية بمجلسيها بتمكين لجنة التحقق الخاصة بقضية فض الاعتصام وكشف الذين ارتكبوا هذا الجرم ومحاكمتهم علنا وإيقاع العقوبة التي تثأر لشهداء الثورة. لأن هذا المطلب الأساسي هو الحدث الفيصل الذي إذا ما تحقق أكد أن التغيير قد بدأ بالفعل وأن سودان المستقبل لا يعرف المجاملة أو التهاون أو التراخي في محاسبة من يخون الوطن ويتآمر علي الشعب.
ولن يفلح من يظن التسويف أو التلفيق يستطيع مواجهة وعي الشباب ولذا فالأفضل للحكومة الانتقالية وكل من يحاول أن يوقف التغيير أو سرقة ثورة الشباب أن يتجه لتوفيق أوضاعه مع سودان جديد لا يسمح شعبه بخديعته مرة أخرى.
الوقائع والقراءة الصحيحة لما يجري تؤكد أن السودان يتجه بقوة نحو العبور من مرحلة تاريخية مأذومة إلى مرحلة جديدة يتخلص فيها من القيود العتيقة. الرهان على الشباب رهان حقيقي، لأنه وببساطة هم الشعب الآن، وأنهم من يمسكون بزمام المبادرة وهم الشارع العريض الذي لا يخون.
فمن الحكمة أن تدرك الأحزاب السياسية المترهلة والطوائف الخاملة وتيارات اليسار الحركي وجماعات الإسلام المتحركة أن تبحث عن تجديد أفكارها وتتخلص حتي من اسمائها وقادتها فالمرحلة القادمة للشباب والتجديد والسباق نحو النهضة الحقيقية.
ومايسند هذه الحقائق وصحة الرهان على الشباب هو أن الشباب هم القوة التي ستجد الحكومات والأحزاب وحتى المؤسسات العسكرية والأمنية القومية مضطرة لتبني رغباتهم بل والاستعداد للاستعانة بهم لبناء مؤسسات قومية ووطنية تعتمد على العلم والقانون ولا تفرط في حق الوطن وحقوق المواطنة، ليكون الوطن فوق الجميع وللجميع.
وإذا كان الناس قد اجمعوا في كل أركان الدنيا على أن العالم لن يعود على ما كان عليه بعد جائحة كورونا، فإننا نقول كذلك السودان لن يعود إلى ما كان عليه سابقا بعد ثورة الشباب. الرهان حقيقي والمستقبل الواعد ينتظر السودان.