ثقافة وفن

عثمان حسين في ذكرى الرحيل

مصطفى أبو العزائم

في واحدة من مجموعات “الواتساب” العديدة ، طلب إليّ الأخ والصديق العزيز الأستاذ عادل سنادة أن أشارك في نقاش حول فناننا الكبير الراحل الأستاذ عثمان حسين ، وهو من مواليد ” مقاشي ” بالشمالية عام 1927 م وقد توُفِّي في السابع عشر من يونيو عام 2008 م ، وهو يوم لن أنسى تفاصيله ما حييت ، إذ كُنّا على موعد للقاء رغم مرضه الذي أقعده عن الحركة إلا لأداء الواجبات الاجتماعية المهمة ، فقد اتصل عليّ هاتفياً ومعه الصديق العزيز الأستاذ عوض أحمدان ، الإذاعي والموثِّق والكاتب الصحفي المعروف، وقد كان فناننا الكبير رحمة الله عليه يبكي بل قُل ينهج ، وهو يتحدّث إليّ بصعوبة تخنقه العبرات، ليعزّيني في وفاة سيّدي ووالدي الأستاذ محمود أبو العزائم رحمه الله الذي كان قد رحل قبله بأيام في ذلك العام الذي رحل فيه كثير من رموزنا الأدبية والفنية والاجتماعية، ومن بينهم الأساتذة مصطفى سند ومحي الدين فارس وغيرهما من أعلام البلاد في مختلف المجالات.

   كان الأستاذ عثمان حسين يقول لي إنه كان من المفترض أن يكون حاضراً التشييع ومراسم الدفن بل حاضراً في سرادق العزاء ليتلقى العزاء مثله مثلنا، لأنه صديق حقيقي للوالد الراحل، لكن ظروف المرض هي التي أقعدته، وكُنْتُ أخفف عليه بقدر الإمكان، وأهوّن عليه وأعزّيه في ذات الوقت، لأنني أعرف ما يربط بينه وبين الوالد الراحل، وقد طلب إليّ أن أنتظره يوم غدٍ السبت ليأتي إليّ لتعزيتي والأسرة، فقلت له أنني الذي سأذهب اليه لتعزيته في مكانه ومعي أخي وصديقي الأستاذ عوض أحمدان، وقد اتفقنا على ذلك. وكان توقيت المحادثة ظهر يوم جمعة.

لم يأتِ موعد تحرّكي نحو موقع الأستاذ عوض أحمدان، إلا وقد تغيّر كل شيء، فقد نعى الناعي فناننا الكبير عثمان حسين، وبدلاً من أن يأتي ليعزّي أو نذهب إليه لنعزيه، كنا نعزّي أسرته الكريمة ونتلقى العزاء فيه.

دعوة الأخ والصديق الأستاذ عادل سنادة، جاءت في وقتها و كأنها كانت بمناسبة أحياء لذكرى فنان عظيم لا نحسب أنه سيتكرر في مسيرة الغناء السوداني ،وأرى أن اختيار المناقشين والمشاركين كان موفقاً وربما كانوا أقدر من صاحبكم في الإدلاء بآرائهم حول موضوع النقاش في مجموعة تضُم عدداً مُقدّراً من الرموز السياسية والثقافية والفنية والمجتمعية ، وقد إختص نفراً من المهتمين بالشأن الفني لهذا الموضوع من بينهم الأساتذة الأجلاء البروفيسور محمد سيف ،والدكتور محمد سليمان ترنين ، والدكتور عمر الجزلي، ومحمد عبدالقادر ، وعبدالعال السيد ، وشكر الله خلف الله ، وعبد الوهاب هلاوي ، وطارق شريف ، وشخصي الضعيف.

وفي تقدير صاحبكم أن النقلة النوعية والفنية الكبرى في مسيرة الغناء السوداني ، جاءت بمولد نجم عثمان حسين أو ميلاده الفني ، مع زملائه الذين سبقوه ، بعد مرحلة ما يسمى بغناء حقيبة الفن ، وهي تسمية مستحدثة ، لأن تلك الفترة كانت هي بدايات الأغنية الجديدة بعد ما عرف بفترة غناء الطنابرة، والتي حدث التحول منها في العام 1923 م في أغلب الأحوال حسب ما هو متفق عليه ، عندما أضرب الطنابرة عن مصاحبة الفنان الكبير الحاج محمد أحمد سرور في زواج أحد أكبر وأشهر تجار مدينة أم درمان ،  وهو بشير الشيخ ، في ذلك العام أو قبله بعامين في بعض الروايات ، لينطلق صوت الحاج محمد أحمد سرور ، بواحدة من روائع العبادي (طابق البوخة)، لكن كثيرون يرون أن بداية الأغنية الأمدرمانية الحديثة أو أغنية الوسط بدأت برائد منسي من رواد الغناء السوداني الحديث ، هو إبن كبوشية الفنان محمد ود الفكي بابكر الذي كان أول قدومه لأم درمان في العام 1908 م وكان قدومه الثاني عام 1915 م ، وهو العام الذي تعرّف في أبناء المدينة الجامعة لكل الأعراق على شكلٍ ونمطٍ جديدين من أشكال وأنماط الغناء، وأحسب أن هناك تسجيل نادر لأغنية أو اثنتين بصوت محمد ود الفكي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق