ثقافة وفن

التقسيم الطبقي للمجتمع عند أرسطو

خديحة منصور

اهتمت الفلسفة منذ القدم بالإنسان وجعلته موضوعا لدراسة والتفكير في حاجياته ومحيطه، ليصبح مبحثا فلسفيا قائما بذاته، وهذا ما حرص بعض الفلاسفة على تمحيصه وتدقيقه بناءا على نظرياتهم بدء من الفكرة القديمة السائدة الخير والشر إلى فلسفة العقد الاجتماعي، وقد أكد أرسطو أن الإنسان كائن اجتماعي لا يجد نفسه إلا داخل المجتمع، معتبرا أن القرية هي مجموعة من الأسر وأن المدينة “الدولة” هي مجموعة من القرى، ولا يمكن أن يتأسس هذا الاجتماع البشري إلا بخلق عدالة اجتماعية.

إذن ما هو المعيار الذي نهجه أرسطو في تقسيمه للطبقات الاجتماعية:

العبـــــيد:

نهج أرسطو منحى أستاذه أفلاطون نفسه حين اعتبر أن نظام الرق نظاما طبيعيا، يقول أرسطو: “والعبد تقنية حية، والخادم كأداة مقدم على كل الأدوات „، فالعبد عنصر من عناصر الأسرة إلا أنها آلة تستعين بها الأسرة في تحقيق معاشها، من خلال القيام بأعمال شاقة منزلية لا يليق للرجل الحر أن يقوم بها، فالعبد يساهم في تدبير الحياة داخل المنزل، فالطبيعة حسب أرسطو هي التي تخلق الناس وتختار لهم أن يكونوا عبيدا أو أحرارا. فالطبيعة هي التي قسمت الناس إلى أحرار وعبيد، ويؤكد الأمر في قوله “الإنسان في ذاته نفس وحبس عقل وشهوة ولا شك أن علاقة التقابل بين هذه الثنائيات علاقة تسيد وتسلط وملكية في اتجاه واحد إذ يجب أن تسيد النفس والجسد وتملكه، ويتسيد العقل الشهوة وتسلط عليها، ولكن إن تساوت وتسيد الجسد والشهوة النفس والعقل وتسلط عليها فسد الطبع وساء خلقه وكان ميالا إلى السوء وعاد ذلك عليها بالضرر”، فهي التي جعلت العبد عبدا والسيد سيدا، فيظل العبد هو ذلك الخادم الذي لا يملك نفسه ولا يتمتع بأي حقوق.

فإذا كان أفلاطون ربط الرق بالنظام السياسي فتلميذه ربطه بنظام الضرورة، فهو ضروري للإنتاج وأن العبد مصدره وأداة للملكية مما يؤدي للزيادة في الثروة، “الأشياء الضرورية في الحياة مثل الماشية والعبيد والزراعة والصيد وغيرها من الأشياء التي يحتاجها الإنسان في حياته اليومية تكون مصدر رزقه والطبيعة هي التي توفر للجميع هذا الرزق واقتناء الرزق هذا توفره الطبيعة نفسها للجميع، فكما تؤتي المواليد قوتها تؤتي كذلك الكبار رزقهم.”

المـــــرأة:

أوضحت الكاتبة باسمة كيال في كتابها تطور المرأة عبر الزمن “إن وجود المرأة هنا، هو أكبر منشأ ومصدر للازمة و الانهيار في العالم، إن المرأة تشبيه لشجرة مسمومة حيث يكون ظاهريا جميل ولكن عندما تأكل العصافير تموت حالا.” ، لم تهتم الحضارة اليونانية بالمرأة باعتبارها عنصرا من عناصر الأسرة، بل سلبت حريتها ولم تتمتع بمكانتها الاجتماعية كما ينبغي، فقد اعتبرت أقل منزلة من الرجل حيث اقتصرت مهامها في الأعمال المنزلية وفي رعاية زوجها وأولادها وينطلق أرسطو من التصور البيولوجي للرجل عن المرأة، فمن خلال الدور الذي يقوم به الرجل أو الزوج في عملية الإنجاب فهو يجعل دوره أعلى من دور المرأة ويقول  :”أن الذكر ذكر بفضل قدرته الخاصة، وأن الأنثى بسبب عجزها الخاص .” فالمرأة حسب أرسطو لا يمكن أن تتساوى مع الرجل، لأنه اقتضت الضرورة أن تكون هي التابعة والمسيرة من طرف قوة الرجل. لكن يعتقد أرسطو إن الزوجة المثالية والفاضلة هي من تسهر على رعاية زوجها وتربية لأولادها، وأن تحافظ على أسرار بيتها وتكون مطيعة، يمكن أن نستنتج أن الحقبة الزمنية التي عاصرها أرسطو والبيئة الثقافية والاجتماعية والسياسية جعلته يعطي تصورا يسلب للمرأة حقوقها ويحرمها من المشاركة في الحياة السياسية وغيرها …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق