
الصالون الثقافيّ … صالون النهضة (2)
احتكاك الشرق بالغرب وأثره في التنوير
الجانب الإنسانيّ في صالون الأميرة نازلي فاضل: فلاح يقود أمّة؟!
د. محمد بدوي مصطفى
حالة الوطن العربي قبيل النهضة:
ذاك الشرق الذي حام حلما يراود الشاعر الألمانيّ الفذ فولفقانق يوهان فون جوته وغيره من شعراء ألمانيا كمهد للأنبياء ومرتع للشعراء مرفأ الأدب والثقافة ومحفل للفراسة والشهامة البدويّة ظل قبيل شروق النهضة مكتوم الأنفاس، موصدًا الأبواب على كل نسيمة ياسمين عبقة تحمل في ثناياها عبير التقدم، ونور الهداية، قبع السنين الطوال على ذكرى غابرة ومجد آفلٍ أكل الدهر منه وارتوى. فلم تكن في هذه العتمة والاغلاق يا سادتي متنفسا لأي بصيص من نور، نفحة أمل أو روحا سباقة إلى المجد، فقاوم من داخله مقاومة أشرس أشعث أشوس ألا يفقد أثر السلف وأنواء الخلف، وبسبب ذلك أوصد النوافذ على نفسه كاملة من دونها، فرتع الفقر والجهل به وضربا بأرجائه بيتا وخيمة وكان مما ليس منه بد أن تشرق شمس المعرفة يوما ما لتنير أرجاءه ويغمر سناها حواريه حتى يستنير بها الأولى من الأجداد. لقد حلّ هذا الانطواء الأصهب الطويل قرونا طوال لا سيما بعد الحروب الصليبيّة عندما انغلق على نفسه من دون عالَمَين النور والسنا، فلم يجد في ذاته إلا الفقر وفي نفسه إلا العدم وفي حياته المعنوية إلا السراب، سراب بقيعة حسبه الناس طيلة هذه الحقبة ماء.
نهضة الغرب وحال العرب:
نجد من جهة معاكسة، وبغضون نفس الحقبة أن الغرب قد أعد العدّة لبناء أرضه عبر العلوم التي خلفها العرب في الأندلس وشبه الجزيرة الإيبيرية واستمر الأمر حتى بعد خروجهم منها صاغرين إلى أرض المغرب الوفية التي فتحت لهم ذراعيها كأم رؤوم لتقول لهم: هلموا … هل من مزيد؟!
شرع الغربيون إذذاك في توطيد مناخ معرفيّ بأسس ثابتة وبخطى واثقة لا تزعزعها في ذلك خبطة خابط ولا عبثة عابث. فبدا الغرب في القرن الخامس عشر والسادس عشر دؤوبا ثائرا لا يلوي على شيء إلا وأن يضع اللبنات الأولى لنهضته المستدامة في العلوم والفنون والسياسة والاجتماع والاقتصاد وغير ذلك مما غيّر وجه حياته تغييرًا تاما لم يتسنَ أن يصل الشرق إلى شيء منها، فضلًا عن أن يستشعرها من على البعد. لذلك فقد استمر أهلنا في بلاد العرب يعيشون المرّ آكلينَه خبزًا والجهل شاربينه حساءً واستمروا في غشيتهم يعمهون. عمدوا إلى تقليد حيواتهم البدوية الشرقيّة الغابرة وحياة الأولين بأساطيرها، وكل ذلك دون أدنى روح خلاقة أو أي بصيص ذكاء متفتق لأي تجديد يذكر. عاشوا في داخل مدنهم على الثقافة القديمة بعد أن صارت دمنًا وتماثيل، فاستفحل الجهل في الشام وخيم على العقول، فلا تجديد ولا ترديد لأغنيات نهضة بين أي ركن من أرجائه، فكانت النتيجة الحتمية: لا جديد تحت الشمس! اللهم إلا التشبث بقضايا لاكتها الألسن قديما وصارت في عداد الغابرين.
من جهة أخرى لم تكن أم الدنيا (مصر) أحسن حالًا من بلاد الشام وغيرها من بلاد العرب، فقد زارها في تلك الحقبة الرحالة الفرنسيّ ڤولني الذي ألقى بها عصاه في أواخر القرن الثامن عشر، وقد أدهشه ما رآه من سوء حال تلك البلاد فقال: “الجهل عام … وهو يتناول كل الطبقات، ويتجلى في كل العوامل الأدبيّة والطبيعيّة وفي الفنون الجميلة؛ حتى الصنائع اليدويّة فإنها في ابسط أحوالها. لقد ذكرنا في نفس السياق بالمقال الأول شهادة الرحالة الكونت داركور عن التدهور المعرفيّ بمصر عند زيارته لها حيث ألّف كتابًا بعنوان “سرّ تأخر المصريين” في عام ١٨٩٣، فوصف فيه حال أهل مصر وركز وصفه على نسائها، ساخرًا من الحجاب تارة وقعدتهم بالبيوت تارة أخرى ومهاجما أهل المعرفة من أهلها لسكوتهم وعدم تمرّدهم على هذه الأوضاع المزرية.
وهكذا كان حال الأدب العربيّ في شعره ونثره راكدًا يخلو من أنفاس الحياة، ويلتهي في مجمله بأزجال شعبيّة، وأحاجي نحويّة، وألاعيب لفظيّة وعدديّة، تنعكس من خلال حياة الأمّة التي ساءت حالها الاقتصاديّة والسياسيّة.
احتكاك الشرق بالغرب:
لقد احتكّ الشرق بالعالم الغربيّ من خلال نافذتين: الأولى لبنان والتي لم نتطرق إليها في المقال السابق ولنا عودة لفضل أدباء ومفكريّ لبنان في دفع عجلة النهضة الحقة في أرجاء الوطن العربيّ. أمّا النافذة الثانية فكانت مصر.
١) لبنان:
أما فيما يتعلق ببلاد الزيتون القدسيّ (لبنان) فقد جاء اتصال هذا البلد العظيم بالحضارة الغربيّة ومَآثرها في عهد فخر الدين الذي شجع هجرة الغربيين إلى البلاد ومهد لهم فيها سبل العيش الكريم ليبدعوا ويخلقوا ما لم تستطعه الأوائل من بنيها. ومن ناحية أخرى وجد لبنان آذان صاغية من ديار الفاتيكان فاهتموا به أيما اهتمام، فضلا عن ملوك الغرب، المرسلون الأوروبيّون، فوصلوه بثقافة الغرب بواسطة المدارس التبشيرية. وقد اشتهر من الرجال الذين مثلوا احتكاك لبنان بالغرب حفنة ذكرها مؤرخ الأدب حنّا الفاخوري في كتابه “تاريخ الأدب العربيّ” (ص ٨٨٤) منهم على سبيل المثال لا الحصر: جبرائيل الصهيوني، إبراهيم الحاقلاني، المطران جرمانوس فرحات، السماعنة، وميخائيل الغزيري وغيرهم. ويسرد الفاخوري في ذاك المرجع أن احتكاك لبنان بالغرب أحدثه تنظيم الرهبانيات تنظيما علميّا وثقافيًا، ومن ثمّة جمع المخطوطات والتنبُّه للطباعة ولأهميّة المدراس الراقية التي كان لها أعظم الأثر في دوران محرّك التنوير.
٢) مصر:
من جانب آخر أتى احتكاك مصر الأول بالغرب بواسطة حملة نابليون بونابرت. وقد جاء الفاتح بمعية طائفة من العلماء وبمطبعة عربيّة، ومكتبة، وأنشأ الفرنسيون بمصر وقتذاك مدرستين، ومجمعًا علميًّا، وأصدروا صحيفتين. ومن بعد أتى محمد علي باشا فأرسل البعثات العلميّة إلى أوروبا، وفتح المدارس الكثيرة، وشجع حركة النقل، والطباعة، والصحافة، ولما تولّى الخديوي إسماعيل زمام الأمور، عمّ الأميرة نازلي، التي ذكرنا فضلها البيّن في تحريك عجلة النهضة، وسّع تلك الحركة توسيعًا عظيمًا، فكان لها أثرًا كبيرًا في إنهاض الشرق من غفلته وغلقته ونسكته!
مراجع التاريخ بخسّت حق الرائدات كالأميرة نازلي
في خلق النهضة
من المؤسف أن مراجع التاريخ قد بخسّت حق بعض الرائدات اللائي ألقين حجر الدومينو الأول في صف الأحجار المتراصة لتندفع صوب الاستنارة. قلما يشار في كتب التاريخ والمقالات الأدبيّة إلى فضل الأميرة نازلي (١٨٥٣ – ١٩١٤) في استنارة عمالقة العلم بالوطن العربي، كما قدمناهم في المقال الأول، من بينهم جمال الدين الأفغاني (١٨٣٨ – ١٨٩٧)، محمد عبده (١٨٤٩ – ١٩٠٥)، سعد زغلول (١٨٥٩ – ١٩٢٧) وقاسم أمين (١٨٦٣ – ١٩٠٨)، خصوصا هذا الأخير فقد غيّرت مسار حياته فهي وبلا جدل الأولى، التي استطاعت، إن لم أغال، أن تغيير أفكاره ومواقفه الرجعيّة تجاه حواء وأهمية السير في سبيل تحريريها من قيود العرف السمج والمذهب المتعصب رأسا على عقب، فانتهج طريق الاستنارة لا يلوي على شيء إلى وينصفها ويرفع من مقامها ويعظم شأنها بعد أن كانت تَمثُل أمام ناظريه على شاكلة “الخادمة” ليس إلا. لقد حطّمت الأميرة نازلي فاضل كل أغلال القواعد الملكيّة الأرثوذوكسيّة والإتكيت المحافظ وتخطّت حاجز المحظورات وسياج الممنوعات بسبب التقاليد والأعراف التي حالت حينذاك دون انخراط حواء في السياق الاجتماعيّ العام، فكان لذلك تأثيرًا بالغًا في بناء رؤية لعدد من المفكرين والأدباء المناصرين لتحرير المرأة في محاولة جريئة منها لردّ لكل ذي حق حقّه.
دور صالونات الفكر في دفع عجلة النهضة:
لقد نشأت صالونات الفكر بمصر في القرن التاسع عشر وكان أولها صالون الأميرة نازلي الذي يحمل اسم “فيلا هنري” كما سلف ذكره، ولقد لعبت الصالونات عموما دورًا رئيسًا في تشكيل ثقافة حرّة ووعي مجتمعيّ صائب في مصر في تلك الحقبة. تبلورت في صحنها الأفكار وتعمقت النقاشات فولدّت صفوة كان من شأنها تحريك الجمود وتغيير الرؤى وتبديل النظرة الجامدة للأمور وكات تلك الصفوة إذذاك بوقًا صوبته باتجاه الجمهور وكان هؤلاء الروّاد دون أدنى شك ضوارب للاستنارة: نقلوا ما تعلموه ووعوه في تلك الصالونات إلى الأمّة عبر مداخلاتهم الصحفية، منابرهم الثقافيّة، كتبهم وإرشاداتهم في أوساط مجتمعاتهم التي أتوا منها. رجعوا رسلا ومبشرين بنهضة حديثة تبحث عن مثيل. ومن يقتفي أثر الصالونات الثقافية في مصر آنذاك فسوف يجد أن دور حواء لم يقتصر أبدًا في التردد عليها أو تنظيمها فحسب، كما فعلت الأميرة نازلي أو الرائدة الأخرى مي زيادة (١٨٨٦ – ١٩٤١)، فنراه قد ارتقى إلى أعظم من ذلك: فكان الدور الأهم يتلخص في تحطيم كل القيود لإنشاء سلام مجتمعي مستدام. ولربما نتساءل حينها، كيف استطاعت هذه الأميرة أن تكون العلّة في تزويج أحد الفلاحيين (سعد زغلول) قبل أن يصبح قائدا لثورة ١٩٢١، ورئيسا لمجلس النواب أو رئيسا للوزراء، إلخ.، بقريبتها الأميرة صفيّة نجلة مصطفى فهمي باشا الذي تولى منصب رئيس وزراء مصر ثلاث مرات الأولى من ١٨٩١ إلى ١٨٩٢، والثانية من ١٨٩٢ إلى ١٨٩٣، والثالثة من ١٨٩٥ إلى ١٩٠٨. كانت الأميرة صفية، زوجة القائد سعد زغلول وقبل زواجهما، ثائرة نسائية وناشطة سياسية من الطراز الأول، فكيف تمكن هذا الفلاح من مصاهرة رئيس وزراء مصر وكيف استطاع أن يقود أمّة بأسرها، أليسها الإنسانيّة بعينها؟ أليس في ذلك عبرة لمن اعتبر؟!
الجانب الإنساني في صالون الأميرة نازلي:
انطلق من هذا الصالون الأساتذة وتلاميذهم وزملاؤهم ومن اقتفى أثرهم ينشرون العلم بين الجمهور ينشؤون المدارس والمكتبات والجمعيات الأدبية ويسافرون بغرض القاء المحاضرات وعقد الجلسات وتقديم الاستشارات فنشأت حينذاك روح فريدة، جديدة، سلسلة خلّدت أثارًا جليلة وانشترت شرارة هذه العلوم لتلتهب في أفئدة أرجاء الوطن العربي جلّها وكانت مصر حينئذ تلعب في هذا وذاك دور المحرك وكانت قبلة طلاب العلم الذين أتوا إليها من كل فج عميق. اشتعلت حركة التنوير بين تلاميذ وأصدقاء الصفوة التي خرجتها الصالونات الأدبية، أولئك الذين رفعوا الراية وواصلوا المسيرة من بعدهم، من بينهم مصطفى صادق الرافعي (١٨٨٠ – ١٩٣٧)، مصطفى لطفي المنفلوطي (١٨٧٦ – ١٩٢٤)، سلامة موسى (١٨٨٧ – ١٩٥٨)، طه حسين (١٨٧٩ – ١٩٧٣) وعباس محمود العقاد ١٨٨٩ – ١٩٦٤) وحافظ إبراهيم (١٨٧٢ – ١٩٣٢) وأحمد شوقي (١٨٦٨ – ١٩٣٢).
عند نقاشاتي الثّرّة مع الزعيم محمد عثمان الفاضلابي تطرقنا مرّة أخرى إلى صالون الأميرة نازلي بالذات رانين أن نضع الأمور في سياقها التاريخيّ، فالمجتمع المصري كان مجتمعًا ملكيًا بكل ما تحمل هذه الكلمة من معان، فكانت للطبقية دورا هاما في ترسيخ فلسفة الفوارق بين أبناء الشعب الواحد وعقلانيتها ومنطقها الرجعيّ. فكانت الطبقة الأولى هي بطبيعة الحاال طبقة البلاط الملكيّ بكل تدرجاتها، ابتداءً بالملك ثمّ الأمراء، إلى أن نصل إلى حفنة الناس الذين كانوا يعيشون على هامش البلاط الملكيّ. من ثمّ يأتي دور الباشوات، البكوات، ومن بعد ذلك تأتي في الإدارة الأهلية طبقة العمد، وتحتهم نجد جماعة الخولي: أولئك الذين تؤول إليهم مسؤولية العمل بالمشاريع، ثمّ شيخ الغفر، وفي نهاية السلم يأتي الفلاح البسيط المغلوب على أمره شأنه شأن فلاحيّ فرنسا أثناء الثورة الفرنسية. وهو في نهاية الأمر شخص عادي امتهن حرفة الزراعة فحسب، وهم أغلبية عوام الشعب. وفي صحن صالون الأميرة نازلي كان يتواجد أحد هؤلاء الفلاحين المصريين: الفلاح سعد زغلول. رغم أنه أتى من عامة الشعب ومن آخر طبقة لكنه كان يشارك مشاركة الأنداد بالصالون، ذلك في كل الحوارات الثقافية والفكريّة التي كانت تدور به. وكان يحدث ذلك تحت حماية هذه الأميرة الجليلة وكل من شارك بهذا الموقع التاريخي كان تحت حمايتها، وكما ذكرنا سلفا أنها توددت للخديوي أن يصفح عن محمد عبده مثلا وكان كذلك. ولولاها لما كان لهذه الحركة من أثر وتأثير في مجتمعاتنا المنغلقة إذذاك. فمن خلال هذا الصالون الأدبي استطاع هذا الفلاح المصري سعد زغلول بمساعدتها أن يتزوج من أميرة من البلاط الملكيّ. وهذه من النقاط الهامة التي يمرّ عليه الأغلبية مرور الكرام! وكأنه شيء عادي. فهذا لعمري ليسه بشيء عادي بل أنها في الحقيقة طفرة خارقة للعادة في سياق المعاملات بين الطبقات وهنا بين العليا والدنيا. ومن بعد ذلك استطاع هذا الفلاح أن يصبح زعيم الأمّة المصريّة بأكملها وبيته صار بيت الأمّة. لم تستطع كتب التاريخ أن تثير الكثير الوفير عن هذا الرجل وعن حياته وحراكه كما ينبغي فتظل حلقات كثيرة في حياته مفرغة وأحرف لم تضع عليها النقاط بعد. فالسؤال المحير، لماذا لم ينل حظه الوافر من المعرفة بين دراسات التاريخ مقارنة بآخرين، ألأنه كان زعيما؟! فحقيقة تسلق هذا الفلاح للسلم الاجتماعي بهذه السرعة وبهذه القدرة يظل أمرًا مدهشا للغاية. هذا الرجل قاد الشعب المصريّ إلى حركة تحرر جديدة وهذه كانت أكبر وأقوى حركة هزّت عرش البلاط الملكيّ بمصر وخلخلت المجتمع الطبقي الذي لا يزال حتى هذه الساعة يقبع في أنفاس الحياة والمعاملات الاجتماعيّة فكثير من الحائزين على المناصب الكبرى إلى الآن نجدهم من أبناء العمد أو الباشاوات فهذا التأثير يظل للأسف باقيًا حتى الآن وكل ذلك رغم الاشتراكية العربيّة ورغم رئاسة جمال عبد الناصر، فلا تزال أصداء المجتمع الملكي الطبقي والواسطات بمصر موجودة حتى يومنا هذا.
خاتمة:
وددت في سياق هذا المقال أن أشير إلى الجانب الإنساني الذي نشأ بفيلا هنري عبر روح الأميرة نازلي فاضل ومن ثمّة الفكر الإنسانيّ الذي كانت تؤمن به هي في تلك الحقبة المظلمة أيما أيمان. فلو كانت تؤمن فقط بأفكار البلاط الملكيّ والطبقيّة الملزمة وأنها هي أميرة وأنها ملكيّة فلا أظن أننا كنا قد عشنا هذه الأحداث المثيرة المتمثلة في تحطيم الحواجز الطبقيّة، أعني الاختلاط بين الملكيين أو الارستقراطيين والعوام.
تتجلى عظمة الأميرة نازلي في أنها اختارت أناس من عامة الشعب ومن المهاجرين مثال جمال الدين الأفغاني والإمام محمد عبده وكثيرين كانوا من أبناء الطبقة الدنيا، بخلفيات شعبيّة متباينة حتمها واقعهم الفلاحويّ وجعلت منهم روّادًا للنهضة وقادة للشعوب. فللأميرة نازلي عظيم الأثر في التوجه الإنسانيّ للنهضة وخلق مناخ تسامحي بين الطبقات أو قل محاولة مسح الفوارق الطبقية من أجل رسالة سامية أشعلت نار التنوير وخطوط الاستنارة في كل أرجاء الوطن العربي. رحمها الله رحمة واسعة وجعل مثواها الجنّة!