
ليدي جوديڤا
جون كوليير (١٨٩٨)
د . محمد بدوي مصطفى
ليدي جوديڤا (١٠٨٥) امرأة انجليزية من الطبقة الارستقراطيّة عاشت بكنف زوجها حاكم مدينة كونڤنتري في القرن الحادي عشر، وظلت قصتها من ذاك الزمن قابعة في ذاكرة الشعب والفنّ كقصة حقيقة وتطورت مع مرور الزمن إلى أسطورة، ذلك على حدّ سواء. تقول القصة التي شاعت خاصة في القرن الثالث عشر أن الشعب كان يعاني من الضرائب الباهظة التي أثقلت كاهله والتي فرضتها عليه المملكة حينئذ وكان المسؤول الأول في فرضها وتطبيقها الحاكم زوج ليدي جوديڤا. لم تستطع هذه الأخيرة من تحمل هذا الظلم ولا حتى رؤية البشر ومعانتهم المريرة كل يوم. فشرعت في اقناع بعلها بأن يخفض من وطأة الضرائب أو يلغيها تماما بسبب تزمر الجماهير وخوفا من انطلاق ثورة ضده. فانصاع زوجها ليوفرك لطلبها بشرط أن تخرج عارية بالشوارع على صهوة فرس ولم يكن يحسب لذلك أي حساب وأن تمسكها بدينها وعفتها سوف تمنعانها من الشروع في تنفيذ هذا الطلب! بيد أنها خرجت عارية لا يعصم حسنها، فتنتها وبهجتها إلا شعرها الكستنائي الكثيف المسندل. بعدها قام الزوج ليوفرك بتطبيق الأمر على الفور وإلغاء كل الضرائب بمدينة كونڤنتري إلا تلك التي تتعلق بالحصين! وفي عام ١٦٧٨ قامت الكنسية بالاحتفال بامتطاء ليدي جودڤيا صهوة الفرس أثناء موكب قداسويّ صاخب.
في عام ١٨٩٨ قام الرسام جون كوليير انطلاقا من قصيدة كتبها ألفرد تينيسون في عام ١٨٤٢ عن امتطاء ليدي جوديڤا المشهور لصهوة الفرس بتجسيد قصة تلك اللحظة الخالدة التي ظلت عالقة بذاكرة تلك المدينة وانطلقت من هناك حتى ذاع صيتها في كل أنحاء العالم. فتجلت هذه المرأة بجلالها للرسام العالمي سيلفادور دالي فرسمها في عام ١٩٧١ والموسيقار فيتشسلاف نوفاك ألف سمفونية يسرد فيها خيوط الامتطاء الخالد، كما ألف فيها الفنان العالمي بيتر غابريل لحن بعنوان “لا توقفني الآن!”
تبدو الليدي جودڤيا في تلك اللوحة التاريخيّة خجلة منسدلة الرأس على استحياء. ونجد أن شعار مجلس المدينة الحالي يخلد تلك الرحلة الخالدة.