مجتمع

حضرموت

مدينة الأحقاف

خديجة منصور

قد تضجر من ضجيج المدينة وحركة سكانها ليل نهار وتلوث أحياءها، لتبحث عن منفذ اخر حيث الهدوء والسكينة، لتأخذك الرحلة إلى أطراف الصحراء لتعانق مدنا تشعرك بالطمأنينة والسكينة،لا تسمع سوى صوت العصافير،والمؤذن لتحدثك قصورها المشيدة بالطين الأحمر ونخيلها ورمالها الذهبية  عن عبق التاريخ والحضارة وتناجيك مآثرها لتخبرك عن حضارات مختلفة مرت بها تاركة نقوشا تشهد على قدمها، إنها “الجمهورية اليمنية” أو كما أطلق عليها الإسكندر المقدوني اسم “العربية السعيدة” بعد فشله المتواصل في غزوها، وأسماها كذلك المؤرخ العالمي الدنماركي “فون هافن”،”أرض السعادة على وجه الأرض”.

وقفت رحلتنا شرق اليمن وبالضبط محافظة “حضر موت”، يحدها من الشمال المملكة العربية السعودية والجنوب بحر العرب، والشرق محافظة المهرة، والغرب محافظة شبوة، يرجع سبب التسمية إلى عامر بن قحطان ويقال أنه أول من نزل الأحقاف بعد قوم عاد، وكان إذا حضر حربا أكثر السفك والقتل ومن هنا صار الناس كلما رأوه ينادونه “حضر موت”، وبعدها أطلق الاسم على سائر البلاد.

ترعرعت وتوالت على اليمن حضارات وثقافات مختلفة، لتبرز التنوع الثقافي والأثري الشاهد على بعض حضارات المماليك الرئيسية: „كسبأ، أوسان، قتبان، معين، حضرموت، حمير”، إلى أخرى اندثرت “كندة”، يمارس سكان حضرموت أنشطة اقتصادية مختلفة كصيد الأسماك وهو القطاع الرئيسي نظرا لموقعها الاستراتيجي على شريط ساحلي طويل يمتد على شاطئ البحر العربي، وعلى زراعة الحبوب والتمور..، وتتميز بثرواتها المعدنية من الذهب وبعض الحقول النفطية.

واشتهرت حضر موت بالعلم والمعرفة واحتضنت عددا من العلماء وجعلت من أهلها أهل علم وفضل يتسمون بصفة الأمانة والمحبة والوقار، حتى أصبحت من أهم الحضارات في العالم العربي والإسلامي ويرجع السبب لمورثها الديني الحافل بالعطاء وما تركته الأقوام السابقة في المجال الديني كقوم عاد وثمود.

اهتم سكانها بالشعر والتصوف وبإحياء بعض شعائر التعبد والنقاشات الفقهية خصوصا أيام “الثامن والتاسع والعاشر من شعبان” كل عام حيث يزرون بعض أضرحة الأنبياء كالنبي هود وصالح عليهما السلام وبعض أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلام “كعب بن أبي سلمى”.

وما يضفي جمالية على المدينة بعض الأماكن السياحية التي تحيط بها “كغيل باوزير” وهي أرض كبيرة محاطة بأشجار كثيرة وينابيع المياه المتدفقة، و”عين الحومة” وهو حوض مائي طبيعي ودائري الشكل، و”جزيرة سقطري” وهي بمثابة متحف طبيعي بالمنطقة يضم غابات وكهوف ومغارات جبلية، وشلالات غزيرة تسر الناظرين وتروي عطش الزائرين لتظل حضر موت تاريخا عريقا وحضارة تأثرك حتى لا تستطيع مفارقتها.    

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق