الفن التشكيليّثقافة وفن

عندما تناجي الطبيعة لون الماء قائلة هل من مزيد؟

د . عبير عامر بشير

د. محمد بدوي مصطفى

أشكر لصديقي الفنان البديع والإنسان الودود عبد الرحمن التكينة أنه عرفني بأستاذة جليلة، معلمة فاضلة، مبدعة ثاقبة، يشار إليها بالبنان، سواء بالسودان أو في السعودية، د. عبير إحدى مبدعات بلاد النيلين وصوت طبيعتها الخلابة، فنانة خلوقة كما العبير، الذي يصفه المعجم بالرائحة الطيبة الذكيّة، أريج الزهر، أخلاط الطيب وشذا يملأ الفن بالعبير، لذا فهي حقيقة، اسم على مسمى. أدهشتني هذه السيدة بموهبة ربانيّة جبّارة عندما أرسلت إليّ العديد من أعمالها ذات الطعم المتباين والتجارب المختلفة، منها ما شاركت به في معارض عالمية، ومنها ما شاركت به الأسبوع الماضي في معرض حصري عن فيضانات السودان بصحيفتنا المدائن بوست، وكانت كلها بدرجة عالمية، بديعة، راقية، معطاءة، ثاقبة إلى أبعد الحدود.

د. عبير، إنسانة متواضعة بكل ما تحمل هذه الكلمة من معان، حميدة السمات، فاضلة الخلق، مرحة، ضحوكة، بشوشة، متفائلة وكل ذلك انعكس لي عبر حوارنا التلفونيّ الذي جعلتُ منه مادة لهذا المقال. ورغم أنها كانت في حالة سفر وعكر وتأجيل سفريات وانتظار على باحات المطارات، لكنها نزلت عن رغبتنا في التعريف بفنها ونفسها بكل فرح وأدب جمّ.

تمتلك د. عبير، شيء من عبير كما سلف ذكره، وفوق هذا وذاك عِبر وعَبرات ولنقل نظرات ثاقبة لإيحاءات الطبيعة كتلك التي جاءت في كتابيّ النظرات والعبرات، حيث تتبدّى فيها تلقائية بديهتها وملكتها الجبّارة في دقة الرسم، نعومة التفاصيل وبُعد الاتقان التصويريّ كما يحدث ذلك في التصوير السينمائي، لا سيما عندما ترتجل عبير حركة المزج بين الماء، سلسبيل الحياة، واللون الإلاهي، حينئذ تلتقط وحي اللحظة في الزمان والمكان، ذلك وإن لم أغال، أيضا كما في أدب الرواية ونسج القصص وحياكتها لتخلّد كل لحظة وتوثّق لها؛ أبداع خلاق يا سادتي كما الموسيقى التصويرية التي تعرض مفاتن الطبيعة، وكما توزيع سيمفوني لحركتها، تفاعلاتها وخلجاتها في المسافات والأبعاد، في مزج الألوان وتطويع هذه الأخيرة لتخدم الحبكة التصويرة، كما في الحبكة القصصيّة لتُخلق وتنشأ في الآخر كوحدة متكاملة تسرد حكاية مشهد ما بإحساس مرهف يدعمه عبير النَفَس وعبق الإبداع الإلهي. وتعتقد د. عبير اعتقادًا راسخاً أن الكون والإنسانية ستبدأ في التعافي فقط عندما تأخذا الفن مأخذ الجد. لذلك فهذه رسالة هامة يحملها أولئك الذين جعلوا من الألوان صوتهم والخطوط والأبعاد والظل والشفافية دمهم الذي ينضح بآي الخلق والخليقة في كل لمحة ونفس من أجل أن يصوروا لنا عالمنا ويعكسوا لنا حقيقته، سلبية كانت أم إيجابية، بكل شفافية ووضوح. شيء على شاكلة رسائل واعظة تعمل على إفاقة العالم من سباته العميق وألا ينحدر معنويا وفكريا إلى أسفل سافلين. فقضية الطبيعة والحفاظ عليها والتوثيق لها صارت من القضايا الآنية الملحّة التي تشغل العالم أجمعه والتي تجتهد وتدأب د. عبير في وضع بصماتها عليها، موثقة لها ومموسقة إيّاها.

د. عبير عامر بشير فنانة عالمية بكل ما تحمل هذه الكلمة من أبعاد وفوق هذا وذاك إنسانة دؤوبة وناشطة في ترقية الإحساس والشعور. أتمنى لها في مسيرتها كل التوفيق والنجاح. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق