ثقافة وفن

في الهدف

الخرتوم القديمة وحي الشهداء

أبو بكر عابدين

دخلت القوات التركية المصرية الغازية لأرض السودان في ١٨٢٠م بأمر محمد علي باشا التركي وبقيادة أبنائه إسماعيل وإبراهيم وصهره محمد بك الدفتردار، (سماعين عن طريق النيل في إتجاه سنار ودهب بني شنقول ، وإبراهيم لأعالي النيل بيد إن مرض الناسور أعاده الى مصر وكفى أهل تلك البلاد شره ، أما الدفتردار فسلك طريقه نحو كردفان)

* المهم وصل سماعين حتى سنار وعاد بغطرسته إلى شندي حيث نال مصيره المحتوم جراء ما كسبت يداه ، ثم كانت مجازر الدفتردار الإنتقامية والتي زرعت بغضا وكراهية لتلك (الحمرة الغاصبة اللي أباها المهدي) .

* حقبة أولى إنتهت، بيد إن محمد علي لم تنتهي أحلامه وأطماعه في نهب ثروات تلك البلاد الغنية بمواردها المتنوعة.

* المرحلة الثانية كانت بتعيين حكام من قبله بمواصفات تمحو ما لحق بأهل البلاد من قتل وخراب ودمار ، وكان اولهم عثمان بك.

* لم يستحسن عثمان مدينة سنار كعاصمة وانتقل إلى ود مدني واتخذها عاصمة بيد إنه سرعان ما غادرها إلى الخرطوم.

* كانت قرية صغيرة واقعة على لسان داخل بين النيلين يشبه خرطوم الفيل ولذا سميت(الخرطوم) فاتخذها عثمان بك مركزا عاما للسودان لحسن موقعها عند مقرن النيلين ، كما ذكر سليمان كشة في كتابه (سوق الذكريات) وأيده أيضا أبوسليم في كتابه (تأريخ الخرطوم) ولم يلقى تعريف (خور التوم) الخرتوم تأييدا من أحد.

* تطورت الخرطوم بسرعة ، خاصة في عهد خورشيد باشا والذي شجع الأهالي على تشييد منازلهم بالمواد الثابتة بدلا عن القصب والحطب فعاونهم بتقديم معدات البناء وكان يصنع الطوب الأحمر في سوبا ثم ينقله إلى الخرطوم.

*نمت الخرطوم حتى بلغ عدد سكانها في ١٨٨٢م نحو ٧٠ ألف نسمة من جميع الأجناس (إفرنج ومصريين وسوريين وأحباش ويهود وغيرهم).

* تطورت وعم العمران والحدائق الغناء وأهمها (سراي حكمدار السودان) ومكانها الآن (القصر الجمهوري) وأسسها ممتاز باشا ، بجانب دارالحكومة( الحكمدارية)  ومكانها الآن( وزارة المالية) بجانب إسبتالية وقباب ومقامات وجامع بمأذنة عظيمة ومدارس لتعليم القرآن الكريم والعلوم العربية وكنيسة فخمة متينة البناء للإرسالية الكاثوليكية النمساوية ومكانها اليوم( مبنى مجلس الوزاء والمديرية سابقا) ثم ترسانة لإصلاح السفن والبواخر النيلية وبناء المراكب تتخللها حدائق غناء جميلة .

* كانت الخرطوم عاصمة عصرية بنكهة غربية انتشرت فيها المقاهي والكبريهات وانتشرت العادات الغربية من بيوت للدعارة وممارسة اللواط بشكل بارز والخمور وغيرها من العادات التي كانت غريبة عن عادات وتقاليد الأهالي السودانيين مما أثار الاستنكار والسخط على ذلك المستعمر الغاصب ومما ساعد على نجاح الثورة المهدية مركب الخلاص من ذلك الفسوق والفجور كما جاء في رسائل الإمام المهدي.

* في ١٨٨٣م كان سكان المدينة حوالي ٥٥ الف نسمة ، وفي أغسطس وسبتمر ١٨٨٤م أحكم الأنصار حصارهم على المدينة وفي صبيحة ٢٦ يناير ١٨٨٥م دخل الأنصار الخرطوم فاتحين معلنين نهاية دولة الطغيان التركي المصري.

* لم يمكث الإمام المهدي وأنصاره طويلا في عاصمة (الكفر) فسرعان ما عبروا النيل إلى أم درمان واتخذوها عاصمة لهم.

* لم يعش الإمام المهدي طويلا فبعد خمسة أشهر إنتقل إلى الرفيق الأعلى ونصب السيد عبدالله بن محمد(خليفة) الصديق على حسب وصية المهدي خليفة له وبدأ عهد جديد.

* نعود لموضوعنا الرئيس وهو أهل الخرطوم وموقعهم في عاصمة الخليفة عبدالله التعايشي.

* أمر الخليفة بإخلاء مدينة الخرطوم بكاملها وترحيل سكانها الى العاصمة الجديدة (أم درمان) دار الهجرة الجديدة والتي هجر قبائل عديدة من غرب السودان والنيل الأبيض والجزيرة إليها ، ونظم المدينة وأسكن كل قبيلة بمنطقة معينة وعين عليها مسؤولا.

* أهالي الخرطوم اختار لهم الخليفة رقعة جغرافية معينة أطلق عليها (فريق أوحي المصريين وأهل الخرطوم) كما هو مبين في خريطة أم درمان الموجودة بمتحف الخليفة اليوم.

* الرقعة الجغرافية تمتد من (الصينية شمال مستشفى أم درمان وحتى نادي الخريجين غربا بسوق أم درمان وتتجه شمالا حتى الملحمة الأفريقية ثم تتجه شرقا حتى (ستوب مكي) ثم تتجه غربا حتى صينية مستشفى أم درمان ، مما يطلق عليه اليوم (حي الشهداء)

* نعم حي الشهداء اليوم هو حي او فريق أهل الخرطوم والمصريين المهجرين من الخرطوم بأمر خليفة المهدي.

* كل سكان ذلك الحي من أهالي الخرطوم مثل (آل قباني وآل أبوالعلا وآل الطاش وآل عبدالمنعم محمد وآل آدم رجب برشام وآل معني وآل عبدالعال طليمات وآل مبروك وغيرهم من سكان ذلك الحي العريق.

* سنعود لاحقا ونبحث عن تأريخ المدن السودانية بإذن الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق