ثقافة وفن

الآفاق المعرفية للخيال … رؤية استئنافية(2)

د. عبد الصمد غازي

ومن ثم يشكل اجتهاد كاسيرر باستحضاره للغة في البناء المعرفي تجاوزا لما رسخه كانط من وقوف عند مجرد الأدوات المنطقية لصنع المعرفة أو ما كان يعتبره خطاطات أو مفاهيم منطقية خالصة لا علاقة لها باللغة، تقول الفيلسوفة “سوزان لانغر” Susanne Katherina Langer مبينة مركزية اللغة في البناء المعرفي عند كاسيرر “أن اللغة، التي هي أداة الإنسان الأولى للعقل، تعكس الميل إلى صنع الأسطورة أكثر منه إلى العقلنة والتفكير العقلي. فاللغة، التي هي ترميز للفكر، تعرض نمطين مختلفين تماما من الفكر، الذي هو في كلتا الحالتين فكر قوي وإبداعي.

فهي تعبر عن نفسها في شكلين مختلفين؛ أحدهما المنطق الاستدلالي الاستطرادي، والآخر الخيال الإبداعي. ويبدأ الذكاء الإنساني مع التصور، الذي هو الفاعلية العقلية الأولى؛ وتبلغ عملية التصور دائما أوجها في التعبير الرمزي، إذ إن التصور لا يثبت ولا يحتفظ به إلا حين يتجسد في رمز. وهكذا فإن دراسة الأشكال الرمزية، تقدم مفتاحا لأشكال التصور الإنساني. وتكوين الأشكال الرمزية سواء أكانت لفظية أو دينية أو فنية أو رياضية، أو أي نمط من أنماط التعبير، هو ملحمة العقل.

ويبدو أن أقدم هذه الأنماط يتمثل في اللغة والأسطورة، وما دام مولد كلتيهما يعود إلى عصور ما قبل التاريخ، فإننا لا نستطيع أن نثبت عمرا لأي منهما؛ لكن هناك أسبابا كثيرة تدعونا لاعتبارهما مخلوقين توأمين، وقد انعكست الحدوس عن الطبيعة والإنسان في أقدم الجذور اللفظية، فكانت العمليات التي ربما نمت اللغة من خلالها هي بعينها العمليات المعبر عنها في تطور الأساطير، وتختلف كل الاختلاف عن المقولات والقوانين لما يسمى ب”المنطق الاستطرادي”، أي أشكال العقل التي تكمن وراء كل من الحس المشترك والعلم. فالعقل ليس عطية الإنسان البدائية، بل هو إنجازه وبذوره الخصبة التي هجعت طويلا تكمن في اللغة، التي ينبع منه المنطق حين تبلغ في نضجها أكبر الأنماط الرمزية”[30].

فكاسيرر ينطلق من مبدأ يرى توجيه الجهد البحثي في حصر الأشكال الأساسية التي يفهم من خلالها الإنسان العالم، وليس تقصيا للشروط العامة التي تمكن الإنسان من التعرف على هذا العالم[31]؛ إذ رأى كاسيرر تصحيح منحى الدرس الفلسفي الذي استبعد الدين واللغة والأسطورة وما اتصل بهما من ملكات وقوى فكرية بدعوى الخروج عن دائرة الموضوعية العقلانية، إذ من هذا المنطلق “لن تصبح الأسطورة وحدها ولا الفن ولا اللغة تهويمات، بل حتى المعرفة النظرية نفسها تصبح كذلك؛ لأن المعرفة لا تستطيع إعادة إنتاج طبيعة الأشياء الحقيقية كما هي، بل لابد من أن تؤطر جوهرها ضمن “مفاهيم”.

ولكن ما هي المفاهيم، إن لم تكن صياغات واختلاقات للفكر، تعطينا أشكال الأشياء الحقيقية، تكشف لنا بالأحرى عن أشكال الفكر نفسها؟ وبالنتيجة، فإن جميع المخططات التي ينطوي عليها العلم لكي يصنف ظواهر العالم الفعلي وينظمها ويختزلها لا تنجلي عن شيء سوى تخطيطات اعتباطية؛ أي أبنية يبنيها العقل في الهواء، لا تعبر عن طبيعة الأشياء، بقدر ما تعبر عن طبيعة العقل.

وهكذا فإن المعرفة، وكذلك الأسطورة واللغة والفن، يتم اختزالها جميعا إلى نوع من الخيال، خيال يزكي نفسه من طريق جدواه الاستعمالية، ولكن لا ينبغي قياسه بأي معيار صارم للحقيقة، إذ لم يرد له أن يتلاشى في العدم”[32].

وعلى هذا الأساس من تعدد زوايا النظر للحقيقة، وعدم احتكار النطق باسمها باختزالها في معايير منطقية أو عقلانية معينة يمكن الحديث عن اتساع في العقلانية والموضوعية ليصبح لكل نمط معرفي عقلانيته وموضوعيته الخاصة، “فبدلا من قياس المحتوى والمعنى والحقيقة للأشكال العقلية بشيء ما غريب وخارجي يفترض أن يعاد إنتاجه فيها، ينبغي لنا أن نجد في هذه الأشكال نفسها مقياس حقيقتها ومعيار معناها الداخلي. وبدلا من اعتبارها مجرد نسخ من شيء ما سواها، ينبغي لنا أن نرى في أي من هذه الأشكال الروحية قانونا تلقائيا للتوليد؛ أي طريقة أصلية وميلا للتعبير هو أكثر من مجرد تدوين لشيء ما معطى بدءاً في مقولات ثابتة عن الوجود الفعلي.

من وجهة النظر هذه تبدو الأسطورة، والفن، واللغة، والعلم رموزا؛ ليس بمعنى مجرد أشكال تشير إلى بعض الواقع المعطى من طريق الإيحاء والتحويلات الأمثولية، بل بمعنى القوى التي يولد كل منها عالمه الخاص ويضعه”[33]، فمن هذا المنطلق للحقيقة وإحالتها لمنطقها الخاص بها باعتبار تعدديتها الذاتية والموضوعية، تستشكل الإحالة “للواقع”.

وهكذا، يخلص “كاسيرر” إلى “أن الأشكال الرمزية ليست محاكاة للواقع، بل هي الأعضاء المكونة له، ما دام بفضلها وحدها، ومن طريقها، يصير أي شيء واقعي موضوعا للفهم العقلي، وهكذا يصبح مرئيا لنا في ذاته. وهنا يكون السؤال عن الواقع الذي يعتبر جزءاً من هذه الأشكال، وما هي خصائصها المستقلة، سؤالا عديم الصلة. فعند العقل وحده، ما يرى يمكن أن يمتلك شكلا معينا؛ لكن لكل شكل وجود مصدره في طريقة الرؤية الخاصة، وفي الصياغة العقلية وحدس المعنى”[34]. ومن ثم فإن تصور الأشكال الرمزية بهذه الأبعاد الرؤيوية ينأى بالواقع عن مطلقيته، ويجعله بناءاً تتبادل وتتكامل الأشكال الرمزية في تشكيله.

لقد اعتمد الفيلسوف “داريوش شايغان” الخيال بمتعلقاته المعرفية الإجرائية وحمولته التحليلية المحيلة إلى رؤية للعالم، في قراءته للمأزق الحضاري المعاصر الذي يتميز بالصراع، ومزيد من عدم الفهم وتعميق الجراحات بين “الغرب” و”الشرق”، أو بين “الشمال” و”الجنوب”، أو بين المنظومة الحضارية التقليدية الشرقية، والحضارة العلمية التقنية الغربية “(…).

فابتداء من القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين، وفي أعقاب ذلك الحدث الجذري المتمثل في ظهور عصر العلوم والتقنيات، انهارت بنى الفكر التقليدي التي كانت تسند قديما النظرة العرفانية للإنسانية؛ أي دورة النزول والصعود والتقسيم الثلاثي لقوى الإنسان (جسم، نفس، روح) والعلاقات الودية بين الإنسان والكون ولغة الرموز. كما انهار عالم المخيال espace imaginal وتم تعويض تلك البنى تدريجيا بالأشكال الثنوية لأنماط الفكر المؤدلج”[35].

وهو ما جعل فيلسوفا غربيا كبيرا مثل هنري كوربان يكرس جهوده البحثية في جذور التفلسف المشرقي، وبنيته الدينية التقليدية، ومحاولاته بناء جسور جديدة من خلال التعرف على هيدغر والسهروردي، فقد كتب في مقدمة الطبعة الثانية من “جسم روحي وأرض سماوية” (Corps Spirituel et Terre Céleste)، تحت عنوان: “نحو ميثاق للخيال”: “منذ وقت طويل… والفلسفة الغربية، ولنقل”الفلسفة الرسمية” التي اقتفت العلوم الوضعية، لا تقبل سوى مصدرين للمعرفة: الإدراك الذي يوفر المعطيات التي نسميها تجريبية؛ والمفاهيم الذهنية، وهي القوانين التي تنظم هذه المعطيات التجريبية. وبالتأكيد فإن الفينومينولوجيا قد حورت هذه النظرية المعرفية المبسطة وتجاوزتها، على أن المكان بقي شاغرا ما بين الإدراكات الحسية والحدوس أو مقولات العقل.

وأما ما كان يفترض أن يشغل مكانا وسطا بين هذه وتلك، وما كان يشغله بالفعل في الفلسفة غير الغربية، أعني بذلك الخيال النشيط (والأجدر أن نقول خيال فعال كما تحدثت الفلسفة الوسيطة عن العقل الفعال)، وظيفته المعرفية الذاتية لدى الإنسان وأنه يمكِّننا من النفاذ إلى منطقة الوجود وحقيقته اللتين تبقيان من دون هذا الخيال منغلقتين وممتنعتين عنا، فذلك ما لم يكن بمقدور فلسفة علمية عقلانية وعقلية تصوره.

لقد كان من البديهي بالنسبة إليها أن الخيال لا يفرز إلا الخيالي؛ أي اللاواقعي والأسطوري والعجيب والوهم….إلخ”[36]؛ إن مثل هذه اليقظة الفلسفية التي أعادت الاعتبار للأنساق المعرفية في أصالتها الإدراكية والبنائية للوجود بمختلف درجاته ومراتبه الشاهدة والغائبة، جعلت “هنري كوربان” يخصص دراسة رائدة حول الخيال الخلاق[37] عند أحد كبار الصوفية العرفانيين وهو الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي، والتي يمكن اعتبار مدخلها المعرفي إحدى المفاتيح القرائية التي تعيد الاعتبار لجزء من ذاكرتنا الفكرية والفلسفية، وتخلخل ما استقر من أحكام باسم العقلانية والعلمية والموضوعية من جراء سطوة “العقل” الديكارتي.

وهو ما نبه إليه الفيلسوف العربي محمود قاسم في أواخر الستينيات من القرن العشرين، في دراسته المتميزة حول الخيال عند ابن عربي[38]، ووضعه في سياق الدراسات الغربية التي لم تستطع بحكم جمودها عند حدود العقل الوضعي، أن تكتشف قارات من المعارف وطأتها أقدام مفكرين وفلاسفة ينهلون من رؤى عالم لها مقتضياتها وشروطها المولدة للمعارف لم يهتد العقل الغربي إليها إلا من طريق تقزيمها وإقصائها من جنة “العقلانية” التي اصطنعها لنفسه وألزم غيره بنشدان”كمالها”؟!

وهكذا بين محمود قاسم في مقدمة كتابه حوافز بحثه التي من بينها مناقشة “القضية التي أثارها “إرنست رينان”، بصدد العقلية العربية، عندما وصف تفكيرنا بأنه تفكير مشتت يهتم بالجزئيات وتغلب عليه مسحة الخيال؛ في حين أن تفكير الآريين يمتاز بالعمق والتجديد والتصدي للمشكلات الفلسفية الكبرى. وقد فرع “رينان” على هذه الدعوى أن العرب لم يكونوا أصلاء في تفكيرهم الفلسفي، وأنهم قنعوا بشرح إنتاج فلاسفة اليونان، إن لم يكونوا قد شوهوه وحرفوه”[39].

وبالرغم من أن هذه القضية قد ناقشها كثير من الباحثين وسفه دعاواها جم غفير منهم، إلا أن تناولها من هذا المدخل المعرفي الذي يولي الخيال مكانته المعرفية والإدراكية، ويرى في المنظومة الصوفية مع ابن عربي وغيره من فلاسفة العرفان نظاما معرفيا وإدراكيا له خصائصه ومنطلقاته التي ينبغي الوعي بها عند كل تقويم إبستيمولوجي وفلسفي، يعتبر تجديدا فكريا يرتبط بما قد سبقت إليه الإشارة من انتباه الفكر الفلسفي المعاصر إلى انسدادات العقل الوضعي وحرمان الكسب الإنساني من غنى العوالم الرمزية المشكلة للهوية الوجودية للإنسان.

وهو ما حدا بـ”هنري كوربان” إلى التصريح في تصديره للطبعة الثانية من كتابه حول “الخيال الخلاق” بعد عشرين سنة من ظهور طبعته الأولى سنة 1958، بأن ابن عربي “ساعد بعضا من زملائنا الغربيين (وذلك مؤشر من المؤشرات الدالة) الجاهدين في أيامنا هذه في إعادة اكتشاف ميتافيزيقا الخيال وحضرة الخيال imaginal…”[40]، وهي دعوة من فيلسوف فرنسي تربى على التقاليد والعادات الفكرية الغربية، إلى كشف الحجاب عن أنظمة أخرى من التفكير والتفلسف تنبع من تقاليد مغايرة لما درِبُوا على اعتباره منتهى أمل الإنسانية في البحث عن المعنى و النظر إلى الوجود، من خلال شعارات الكونية، والعقلانية، والعلموية، والتقنية.

إذ يؤكد “كوربان” بلغة فيها كثير من الحزم والجزم “(…) وعلينا هنا ألا نفهم عبارة الصورة بالمعنى الذي يتم به الحديث اليوم على عواهنه عن حضارة للصورة. فلا يتعلق الأمر ثمة إلا بصور بقيت في مستوى الإدراك الحسي، لا بالإدراك الشهودي. إن عالم التمثلات والحساسية المعقولة imaginalis mundis في التصوف الحكمي الشهودي هو، بالمقابل، عالم غير العالم الواقعي للإدراك الحسي، مع عدم بلوغه مع ذلك مستوى عالم الحدس المعقول للمعقولات الخالصة.

إنه عالم بين عالمين، عالم وسيط ووسط، من دونه تغدو أحداث التاريخ المقدس والنبوي في مجملها ضربا من اللاواقع؛ لأن الأحداث في هذا العالم تقع في واقعها (…) وقد بنى ابن عربي بدوره ما يمكننا تسميته، من الآن، ميتافيزيقا الخيال الفاعل لعالم التمثلات”[41]، إنها، إذن، مفاتيح مفهومية لقراءة نظام معرفي في كليته، وفهم الأسس التي قامت عليها رؤيته للعالم، يجنب كثيرا من سوء الفهم الحضاري، ويستأصل داء الاستصغار لأنواع الذكاءات البشرية المختلفة، ويقي من التمركز حول الذات باعتبارها مصدرا واحدا ووحيدا للحقيقة.

“إن ميتافيزيقا الخيال هذه مرتبطة ارتباطا عضويا بمفهوم التجلي، و”بمذهب التجلي” théophanisme الذي يوجه تصوف ابن عربي بكامله ويهيمن عليه. وهذا المفهوم، حاولنا تعميقه هنا؛ لأنه في نهاية المطاف يهيمن على الحكمة الصوفية عموما، ويعارض في الآن نفسه لاهوت التجسيد l’incarnation وعوائد فلسفاتنا الوضعية والحرفية والعقلانية أو التاريخانية. فهو سيمكننا من تفادي الأخطاء الصعبة، ووقاية تصوف ابن عربي من أن ينعت بأنه “وحدة الوجود”.

إنها أخطاء ناجمة عن سوء تفاهم كانت أحيانا مؤلمة”[42]، فدراسة الخيال باعتبار وظيفيته المعرفية تجعله ليس مجرد إحدى قوى النفس الإنسانية، بل هو عالم قائم الذات له إنتاجه الذي يمكن قياسه وتقويمه من خلال مدونات أشيع عنها أنها خارج دائرة “العقلانية”، وهو الأمر الذي أراد كثير من مفكري الغرب والشرق كشف اللثام عنه وإبراز قصوره المنهجي والتفسيري.

وهو ما خلص إليه محمود قاسم بقوله: “والحق أن الصورة الخيالية تحتل في تصوف ابن عربي مكان الصدارة، ولها فيه أهمية بالغة. ولم يفطن كثير من الدارسين إلى أهمية الخيال في مذهب هذا المتصوف. ومن الواجب أن نشير إلى أن هنري كوربان في كتابه المسمى الخيال الخالق في تصوف ابن عربي[43] قد أدرك هذه الأهمية بنظرة ثابتة، وإن كنا نختلف معه في تحديد قيمة الخيال، ومقدار صلته بالفكرة الأساسية التي تعد محورا لتصوف ابن عربي، والتي يقول هذا الأخير وهو بصدد تجانس مذهبه، إنه يدين بها إلى علم النظرة أو الضربة أو الرمية التي كشفت له بعين الخيال عن الحقيقة في هذا الوجود”[44].

إن الخيال بهذا المعنى ليس ترفا جماليا يلبي رغبات العجائبي والخوارقي الذي يتماهى مع اللاواقعي، بل هو ملكة مدركة منتظمة في عالم مخصوص، تتمتع فيه بوجود كامل “الموضوعية”[45]، ووظائفه العلمية الاستكشافية، ومقتضياته الإبداعية والابتكارية التي تجعل مخرجاته متأبية عن التنميط والتصنيف، مما يستوجب مواكبة تحليلية وتفسيرية متجددة لا تركن إلى الجاهز بدعوى معايير معينة.

الهوامش

[1]. خليل أحمد خليل، علم الاجتماع وفلسفة الخيال، دار الفكر اللبناني، ط1، 1996، ص6.

[2]. عاطف جوده نصر، الخيال مفهوماته ووظائفه، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1984م، ص5.

[3]. المرجع نفسه.

[4]. يمنى طريف الخولي، مشكلة العلوم الإنسانية تقنينها وإمكانية حلها، مؤسسة هنداوي للثقافة والعلوم، طبعة جديدة، 2014، ص16.

[5] .D. W. Hill, The Impact And Value Of Science, Hutehinson, London, 1945. P. 2.

نقلا عن مشكلة العلوم الإنسانية تقنينها وإمكانية حلها، ص15.

[6]. “فيلسوف ومؤرخ فلسفة (1945-1875)، ينتمي إلى ما يسمى بمدرسة ماربورغ، في الفلسفة الكانطية الجديدة، واشتهر كأبرز شارح للفلسفة النقدية الكانطية في القرن العشرين، وفي عام 1933، غادر ألمانيا، ليدرس في عدة جامعات، أوربية، في بريطانيا والسويد وأمريكا، إلى أن توفي وهو ما زال مدرسا في جامعة كولومبيا في نيويورك”، انظر: أرنست كاسيرر، اللغة والأسطورة، ترجمة: سعيد الغانمي، هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث، كلمة، ط1، 2009، ص8.

[7]. محمد غنيمي هلال، الرومانتيكية، القاهرة: نهضة مصر للطباعة والنشر، 1955م، ص15.

[8]. أحمد أمين، النقد الأدبي، بيروت: دار الكتاب العربي، ط4، 1967، ص321.

[9]. سير موريس يورا، الخيال الرومانسي، ترجمة: إبراهيم الصيرفي، طبعة المصرية العامة للكتاب، 1977، ص8.

[10]. المرجع نفسه، ص7.

[11]. فولفغانغ إيزر، التخييلي والخيالي من منظور الأنطربولوجية الأدبية، ترجمة: حميد لحمداني،  الجيلالي الكدية، مطبعة النجاح الجديدة، ط1، 1998م، ص8.

[12]. المرجع نفسه، ص8.

[13]. فولفغانغ إيزر، التخييلي والخيالي من منظور الأنطربولوجية الأدبية، م، س، الهامش رقم 2، ص29.

[14]. المرجع نفسه.

[15]. المرجع نفسه.

[16] .Kant (E), Critique de la raison pure, Ed. Flammarion, Gaunier, Paris, 1976, p153.

[17]. المرجع نفسه، ص153.

[18]. Heidegger (M), Kant et le problème de la métaphysique, Ed. Gallimard, 1953, p186.

[19]. المرجع نفسه،ص 186.

[20]. تجدر الإشارة إلى أن كانط قد منح الخيال قيمته المعرفية في الطبعة الأولى لكتابه نقد العقل الخالص الصادرة سنة 1781، وتراجع عنه في الطبعة الثانية سنة 1887، لصالح المنطق.

[21].Hélène Védrine, Les grandes conceptions de l’imaginaire, Biblio, Essais, Paris, 1990, p,66.

[22]. Ibid, p89.

[23]. قام مصطفى النحال بدراسة جادة لمفهوم الخيال من الناحية التاريخية والإبستيمولوجية في السياق الغربي والعربي وبين مرتكزاته وتطوراته الفلسفية، وتتبع استعمال لفظة خيال، مخيلة وتخيل، كمرادف للفظة Imagination التي يقول قاموس  Robert.I(ص961) بأنها تنحدر من اللفظة اللاتينية Imaginatio المترجمة عن اللفظة اليونانيةPhantasia. ؛ أي نستعمل هذه اللفظة العربية بهذه الدلالات المتأخرة، وقد استقصى مصطفى النحال معاني لفظة خيال في الثقافة العربية الكلاسيكية، وبالضبط خلال القرون الثلاثة الأولى للهجرة؛ أي خلال الفترة التي عاش فيها المحاسبي، وقد اعتمدته في هذه المداخلة لاستقصائه وعمقه العلمي، انظر، من الخيال إلى المتخيل: سراب مفهوم، مجلة فكر ونقد، العدد33، متاح على شبكة الإنترنت بالموقع الرسمي للمجلة:

http://www.aljabriabed.net/n33_05nahal.(2).htm

[24]. “إن (مادة خيل) تحيل إلى المعاني الآتية في لسان العرب: “(…) والخيال: خيال الطائر يرتفع في السماء، فينظر إلى ظل نفسه فيرى أنه صيد فينقض عليه ولا يجد شيئا، وهو خاطف ظله (…) وتخيل الشيء له: تشبه (…) والخيال والخيالة: الشخص والطيف (…) الخيال خشبة توضع فيلقى عليها الثوب للغنم إذا رآها الذئب ظن أنه إنسان (…) وخيل إليه أنه كذا، على ما لم يسم فاعله: من التخييل والوهم”. “فالدلالات التي يشير إليها الجذر (خيل)، تشير إلى الظل والطيف والشخص والاشتباه والوهم؛ أي أنها ترتبط بالرؤية البصرية، وما تولده من خدعة؛ أي ما يحتاج إلى تفرس وتوسم وتبين. إلا أن ابن منظور يضع إلى جانب كلمة تخييل كلمة أخرى هي الوهم التي اشتق منها اسم التوهم. وعندما نقرأ دلالاتها المعجمية في (مادة وهم) نجد: “الوهم: من خطرات القلب، والجمع أوهام، وللقلب وهم. وتوهم الشيء تخيله وتمثله، كان في الوجود أم لم يكن. وقال: توهمت الشيء وتفرسته وتوسمته وتبينته بمعنى واحد( …) والله، عز وجل، لا تدركه أوهام العباد…”تضيف هذه المادة دلالة جديدة هامة، وهي التمثل الباطني المرتبط بالقلب، إضافة، بالطبع، إلى الدلالة البصرية المرتبطة بالتعرف على الشيء بعد تردد وتبين. وبهذا المعنى الأخير استعمله، خلال العصر الجاهلي، كل من زهير بن أبي سلمى وعنترة بن شداد:

يقول زهير: وقفت بها من بعد عشرين حجة  فهلا عرفت الدار بعد توهم”

انظر مصطفى النحال، المصدر نفسه.

[25]. المرجع نفسه.

[26]. الكندي (يعقوب بن إسحاق)، رسائل الكندي الفلسفية، تحقيق: محمد عبد الهادي أبو ريدة، القاهرة: دار الفكر العربي، ط1، 1955، ص167.

[27]. “بدأت شهرة “كاسيرر” مع الجزأين الأولين من عمله ذي الأجزاء الأربعة حول تاريخ الفكر العلمي، بعنوان مشكلة المعرفة (1906-1907)، وربما كان موضوع الهاجس العلمي متأثرا بالفلسفة الكانطية، قد هيمن على أعماله الأولى، غير أن “كاسيرر” يصف نظريات الفلاسفة الأوائل عن تكوين المفاهيم في العلوم في هذا العمل وفي العمل اللاحق الجوهر والوظيفة (1910)، ويستبق في الوقت نفسه مساهماته المميزة بدراسة الثقافة، (…) ولم يلبث كاسيرر أن أردف هذا العمل بعدد آخر من الكتب؛ مثل الحرية والشكل (1916)، لكن عمله الكبير فلسفة الأشكال الرمزية (1923- 1929) الذي صدر في ثلاثة أجزاء هو الذي بلور فيه كاسيرر أهمية الأشكال الرمزية عموما في تكوين المفاهيم والتصورات، ثم أتبعه بكتاب فلسفة التنوير (1932)، والنهضة الأفلاطونية في إنجلترا، (1932)، و الجزء الرابع من مشكلة المعرفة (1940)، ومنطق الإنسانيات، (1942)، والأسطورة والدولة (1942) الذي ترجم إلى العربية في مطلع الثمانينات، ومقال حول الإنسان (1944) الذي ترجمه إلى العربية المرحوم إحسان عباس. وفي عام 1979، صدرت له إضمامة جديدة من المقالات نشرت بعنوان الرمز والأسطورة والثقافة، المصدر نفسه، ص9-10.

[28]. أرنست كاسيرر، اللغة والأسطورة، ترجمة: سعيد الغانمي،هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث، كلمة، ط1، 2009، ص7.

[29]. المرجع نفسه، ص8.

[30]. نقلا عن سعيد الغانمي في مقدمة ترجمته لكتاب اللغة والأسطورة، م، س، والنص ترجمة لما كتبته الفيلسوفة “سوزان لانغر” في مقدمتها الوجيزة لترجمتها لكتاب كاسيرر اللغة والأسطورة، من الألمانية الذي صدر سنة (1925) إلى الإنجليزية سنة (1946)، ص10.

[31] .E. Cassirer, Philosophie des formes symboliques, le langage, Paris, éd. Minuit,p.7

[32]. كاسيرر، اللغة والأسطورة، م، س، ص29.

[33]. نفسه، ص30.

[34]. المرجع نفسه، ص30-31.

[35]. داريوش شايغان، ما الثورة الدينية، الحضارات التقليدية في مواجهة الحداثة، ترجمة وتقديم: محمد الرحموني، مراجعة: مروان الداية، دار الساقي، ط1، 2004، ص21.

[36]  .Henri corbin, Corps Spirituel et terre céleste, Buchet-Chastel, paris, 1979,p8؛

نقلا عن داريوششايغان، ما الثورة الدينية، الحضارات التقليدية في مواجهة الحداثة، م، س، ص69.

[37]. هنري كوربان، الخيال الخلاق في تصوف ابن عربي، ترجمة: فريد الزاهي، منشورات مرسم، د. ت.

[38]. محمود قاسم، الخيال في مذهب محيي الدين بن عربي، معهد البحوث والدراسات العربية، 1969م.

[39]. المرجع نفسه، ومن مقدمة الكتاب.

[40]. الخيال الخلاق في تصوف ابن عربي، م، س، ص10.

[41]. المرجع نفسه، ص9.

[42]. المرجع نفسه، ص10.

[43]. ترجم محمود قاسم كلمة créatrice بالخالق والترجمة الشائعة هي الخلاق.

[44]. الخيال في مذهب محيي الدين بن عربي، م، س، ص1-2.

[45]. الخيال الخلاق، م، س، ص13.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق