سلايدرسياسة

تكوين مجلِس شُركاء الفترة الانتقالية انقلاب على الثورة

نضال عبدالوهاب

قامت الفترة الإنتقالية علي أساس محدد وتحكمها وثيقة دستورية وأحكام معروفة ومنشورة ومُحددة أيضاً وإتفاق سياسي جاء بعد عمليات تفاوض وتفويض لقوي الحرية والتغيير لإنجاز هذا الإتفاق السياسي ، والذي شاركت فيه اللجنة الأمنية للنظام السابق المُعدلة للمجلس العسكري الإنتقالي .. وتمخض عن هذا الإتفاق ونتائج المفاوضات الشراكة المعروفة بين تحالف الحرية والتغيير تمثل الجانب المدني والقوات المُسلحة يُمثلها عساكر المجلس العسكري الإنتقالي .. نتج عن هذا الإتفاق الشكل الذي بدأت به مسيرة الإنتقال والفترة الإنتقالية بعد تكوين جزء من هياكل السلطة الإنتقالية المتمثل في المجلس السيادي ومجلس الوزراء .. كلاً بصلاحياته التي أعطته إياها الوثيقة الدستورية .. 

الآن وبكل الصدق حدثت إنحرافات لها أسبابها المعلومة في مسيرة الإنتقال .. لعل جوهر تلك الأسباب هو عدم إتفاق القوي السياسية المدنية فيما بينها مما رجح كفة العسكر في كثير من القرارات حتي التي لا تأتي ضمن صلاحياتهم ، وكذلك الضُعف البيّن لما تبقي من تحالف قوي الحرية والتغيير في التعاطي مع المكون العسكري ومُجمل الشأن السياسي للبلد .. الذي يحدث الآن بعد الإعلان عن تكوين ما يُسمي مجلِس شُركاء الفترة الإنتقالية نعتبره إنقلاباً ليس فقط علي الوثيقة الدستورية وإنما إنقلاباً علي كامل الثورة لصالح العساكر وحلفائهم الجُدد سواء من الجبهة الثورية أو بعض القوي التي لا تخدم مصالح مجموع جماهير الشعب السوداني وقوي الثورة والشارع .. ولعل وجود أسماء بعينها داخل هذا المجلس (الإنقلابي ) المُسمي مجلِس شُركاء الفترة الإنتقالية ممن عُرفوا بقُربهم من المكون العسكري إضافة لعناصر في تقديرنا لاتمثل الخط الثوري وليس لها أي ثقل جماهيري ، وبعضها كان من أسباب إنشقاقات تجمع المهنيين وجزء من الصراع الذي حدث له ، وبعضها فشل في عمل أي إصلاح داخل التحالف ولعله يُريد الإستفادة من الشكل الضعيف والواهن الذي آلت له منظومة التحالف .. هذا الجسم الجديد إنقلاب علي الثورة لأنه يُريد أن يكون موجهاً للفترة الإنتقالية دون أي تفويض أو سند جماهيري ، ولا يستند علي الدستور كما زعموا ولا علي الوثيقة الدستورية الواضحة البنود .. هو إنقلاب لأنه يريد أن يأتي برئيس الوزراء وبالتالي السلطة التنفيذية ويجعلها جزءاً من هذا الجسم في تحريف معيب وإلتفاف علي مبدأ فصل السلطات ، هذا الجسم يريد أن يكون الذراع السياسي والمتحكم البديل لما نصه الإتفاق السياسي وبنود الوثيقة الدستورية ، إستبق تكوين مجلِس شُركاء الفترة الإنتقالية الجسم الأهم والأولي بالتكوين وهو المجلس التشريعي الإنتقالي الذي يحمل السلطات التشريعية ومراقبة عمل الحكومة وتوكل له العديد من الصلاحيات بما فيها تغيير رئيس الوزراء وحكومته عطفاً علي مراقبتها وتعديل القوانين وإصلاحها ، بل أن البعض إقترح أن تؤول له صلاحيات المجلس التشريعي كلها أو بعضها ! ..

هذا المجلس في تقديرنا يمثل إنقلاب علي الثورة وينسف الوثيقة الدستورية والاتفاق السياسي الذي أتي بها ، إضافة لإنه يُكرس للخط الإقصائي لقوي الثورة وفاعليها ولا يمثل خط الجماهير ولا يُعبر عنها .. 

إتفاقيات السلام التي تمت مع الجبهة الثورية أو حتي اللاحقة مع القوي التي يُتوقع التوقيع معها والإتفاق من بين الحركات المُسلحة لها بنود واضحة ومعروفة داخل الوثيقة الدستورية ، وإستيعاب هذه القوي أو إشراكها في الحُكم لا يتم بصناعة جسم بديل لهياكل السلطة الحالية أو حتي موازي لها ، أي عمليات إلتفاف علي الثورة أو ما تم الأتفاق عليه هي هزيمة مباشرة للثورة وإنحراف عن مسارها ويزيد من تعقيد الأوضاع في إتجاهات لاتخدم إيجاد حلول لها ، بل يمكن لها أن تُمهد للإستبداد ومصادرة الحريات وعودة الحرب وإجهاض الإنتقال للديمُقراطية أو خلق ديمُقراطية مشوهة وضعيفة وغير حقيقية .. نُعلن وبوضوح وحرية أننا ضد تكوين مجلِس شُركاء الفترة الإنتقالية هذا وأننا مع خط جماهير الشعب السوداني ومصالحه التي مات من أجلها الشهداء في الحرية والعدالة و والوحدة و الديمُقراطية والمدنية والتغيير نحو الأفضل لشعبنا ووطننا ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق