آراء

كوكاسيات

"كورونا" يغتال الصحف الورقية ويبث الروح في "الهواتف البليدة"(2)

عبد العزيز كوكاس

يجب على المؤسسات الإعلامية التفكير بالأحرى في التحول السريع من الورقي إلى الرقمي، أي تعويض ذات الجريدة المطبوعة بمنتجات رقمية، بتأسيس مواقع إلكترونية للجريدة وإنتاج نسخ سهلة التحميل على موقعها المخصص للجوال، والوسائط التطبيقات، والنشرات الإخبارية، والبث الصوتي الرقمي، والفيديو.. لأن الصحافة في حاجة إلى خبرة ومهنية الصحافة الورقية وصحافييها، وإعادة تكوين الصحافيات والصحافيين وفق هذا التطور الذي سيعمقه فيروس كورونا، الذي سيخلق قارئا كسولا يجب أن تصل إليه بدل أن يأتي إليك..

انتهى الزمن الإمبراطوري للصحيفة الورقية التي كانت تتزين كل صباح بأبهى الألوان لتغري مريديها، وتعرض كامل أناقتها وكبريائها في المكتبات وأكشاك الصحف، وتفرض على خطاب ودّها أن يأتوا إليها ويقتسموا ثمن شرائها مع قوت عيالهم. ومع الصحيفة الورقية تأتي عادة شرب القهوة وباقي الطقوس.. ذاك زمن ولّى.. إن لم تذهب إلى القارئ فستعاني الصحيفة من العنوسة والموت.. لا كبرياء مع الصحافة الإلكترونية..لعل هذا ما سنخطه يوما على صدر صفحاتنا الأولى لطبعتها الأخيرة بنوع من الغيظ والأسى: “نعم سنموت، فتمتعوا بهواتفكم النتنة أو البليدة”.

لقد آن الأوان لتبحث الجرائد المطبوعة عن جنازة تليق بها في زمن الرقمنة والعمل عن بعد، وتقلص مساحة التعامل مع الورق في الإدارات وفي الحياة اليومية، فهذا هو المستقبل..ومن يريد معاندة هذا الواقع المؤسف حقا سيجد نفسه ينتج منتوجا لا يشتريه أحد، والاستنجاد بالدولة قد يؤجل الموت الوشيك لا غير…والحل الجذري يتجاوز تسول الدولة التي لها إكراهات أخطر من التفكير في دعم الصحافة الورقية إلى حين الأجل المحتوم فقط، بل يستدعي فتح نقاش حقيقي بإشراك المعلنين والوزارة الوصية وكل من يتدخل في صناعة الصحافة الورقية، بما فيها المطابع وشركات التوزيع… لقد كنا نسير بخطى حثيثة نحو نهاية المطبوعات وظللنا فقط كمن يعتقد بوجود قوة قدرية يمكن أن تنقذ ما تبقى من أوفياء هذه الصحافة.. لكن اليوم مع وباء كورونا، انتهى كل شيء وبشكل غير مسبوق، وبيننا الأيام!.

لقد سيطر العمالقة القادمون من وادي السليكون: غوغل، فايسبوك، تويتر ويوتوب… على سوق إنتاج الأخبار وتسويقها واستقطاب الزوار والمشاهدين بالملايين، ومعها بدؤوا يقتلون جزءا كبيرا من الصحافة المهنية لأنهم “لا يفتقرون فقط إلى شغف الأخبار، ولكن يتجنبون بنشاط مسؤوليات الناشر” في ما ينشرونه على خلاف الأخلاقيات المؤطرة للفعل الصحافي. إنها بالفعل خسارة كبرى أن يساهم فيروس كورونا في تهشيم مرآة المجتمع التي يرى فيها نفسه، لأن لكل واحد اليوم مرآة هاتفه النقال. يقول الصحافي الأمريكي دوغلاس ماكلينان مؤسس ومحرر Arts Journal وجاك مايلز الحائز على جائزة بوليتزر في مقال لهما بجريدة الواشنطن بوست: “لأجيال عديدة، أطلقت العديد من الصحف على نفسها اسم المرآة The Mirror أو المرآة اليومية The Daily Mirror أو مرآة مدينتناThe Hometown Mirror أو ما شابه..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق