خارج الحدود

حكومة تصريف الأعمال الجارية بالمغرب … الاختصاصات والاستثناءات الدستورية

هشام عميري٭

أثار انعقاد المجلس الحكومي مساء الاحد 27 يونيو من السنة الجارية، عدة تساؤلات بخصوص انعقاد هذا المجلس بشكل استثنائي  في يوم عطلة عوض الأيام الأخرى التي كان يعقد فيها المجلس اجتماعاته علما  بأن مجلس الحكومة كان قد انعقد يوم الخميس 24 يونيو، كما انعقد مساء الأحد 27 يونيو من نفس الأسبوع.

وبالعودة إلى القانون التنظيمي رقم 065.13 – المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها، والمنصوص عليه دستوريا في الفصل 87 والذي جاء من أجل تفسير مجموعة من الفصول الدستورية 93،92،…، المتعلقة بالخصوص بالوضع القانوني لأعضاء الحكومة – وبقراءة متأنية للمادة 14 من هذا القانون التنظيمي، نجد أن مجلس الحكومة يعقد اجتماعاته مرة في الاسبوع على الاقل، الا إذا حال مانع   منعه من ذلك.

فهذه المادة جاءت صريحة، وذلك تفاديا لكل الاشكالات التي يمكن أن تطرح، خاصة   عندما يجب أن يتداول مجلس الحكومة في مشاريع والقوانين التنظيمية التي تتطلب الاستعجال، فالمشرع هنا كان ذكيا وهو يضع هذا القانون التنظيمي، إذ نص على أن مجلس الحكومة يمكنه أن يعقد اجتماعاته أكثر من مرة في الأسبوع مع عدم تقييد هذا المجلس بيوم معين، حتى إن المشرع الدستوري تفادى ذكر يوم “الأحد” أو يوم عطلة، وذلك تفاديا لعدة اشكالات  يمكن أن تطرح مستقبلا.

وبالعودة الى أسباب انعقاد هذا المجلس خارج أيام انعقاده العادية، نجد أن البلاد على أبواب الاستحقاقات الانتخابية، والتي ستصبح معها الحكومة الحالية بعد شهرين من اليوم ” حكومة لتصريف الأعمال الجارية”، وبالتالي فعلى الحكومة الحالية ،وقبل أن تنتهي مدتها الدستورية،  أن تنهي كذلك جميع القوانين سواء العادية أو التنظيمية وكذلك المراسيم التنظيمية، وذلك حتى لا تثقل كاهل الحكومة التي ستحل محلها.

ونشير أولا، إلى أن حكومة تصريف الأعمال بالمغرب تتخذ حالتين، أولاهما، عندما تنتهي الولاية الحكومية؛ وثاني حالة تكون عند تعيين الملك الحكومة الجديدة، في انتظار تنصيب هذه الحكومة من طرف مجلس النواب وحصولها على ثقته بموجب الفصل 88 من الدستور، فإن الحكومة هنا تكون في حالة حكومة لتصريف الأعمال الجارية.

وبالعودة إلى المادة 37 من القانون التنظيمي رقم065.13   المتعلق بتنظيم وتسيير اشغال الحكومة، نجده يحصر اختصاصات حكومة تصريف الأعمال الجارية في اتخاذ المراسيم والقرارات والمقررات الإدارية الضرورية والتدابير المستعجلة اللازمة لضمان استمرارية عمل مصالح الدولة ومؤسساتها، وضمان انتظام سير المرافق العمومية.

كما يمكن استنتاج أسباب انعقاد مجلس الحكومة يوم عطلة، من خلال الفقرة الثانية من المادة 37 من نفس القانون التنظيمي، إذ أن الحكومة المنتهية ولايتها لا تندرج ضمن اختصاصاتها التدابير التي من شانها أن تلزم الحكومة المقبلة بصفة دائمة ومستمرة، وخاصة المصادقة على مشاريع القوانين والمراسيم التنظيمية وكذا التعيين في المناصب العليا، وذلك راجع إلى كون الحكومة المنتهية ولايتها تفقد الرقابة البرلمانية على أعمالها.

وبالتالي فالحكومة لا يمكن أن تمارس جميع الاختصاصات التي كانت تتمتع بها في ظل وجود البرلمان، كاتخاذ بعض القرارات من أجل تغيير وضعية بعض المؤسسات أو إصدار بعض المراسيم التنظيمية ومشاريع قوانين التي يمكن أن ترهن الحكومة المقبلة، لأن ذلك لا يدخل ضمن البرنامج الحكومي الذي عليه حصلت الحكومة على ثقة مجلس النواب، خاصة أن هذا الأخير لا يمارس رقابته على تلك الأعمال التي اتخذتها الحكومة المنتهية ولايتها.

لكن هذه المادة تدخل عليها بعض الاستثناءات الضرورية، وهو ما نستشفه من خلال إحدى قرارات مجلس الدولة الفرنسي والذي اعتبر بأن الحكومة المنتهية ولايتها  يجب أن تتخذ بعض المراسيم والتي تعتبر ضرورية، إذ أن تحديد أسعار السلع والخدمات من بين المسائل التي تدخل ضمن نطاق تصريف الأعمال الجارية، وهو الامر الذي سبق أن طرح عدة اشكالات في ظل حكومة بنكيران، عندما اتخذت الحكومة مرسوما رقم 2-16-877 المتعلق بوقف استيفاء رسم الاستيراد المطبق على العدس سنة 2016 وهي في حالة كونها حكومة لتصريف الأعمال الجارية، وهو مرسوم ذو طابع استعجالي.

من جهة أخرى، إذا كان المشرع المغربي قد منع على حكومة تصريف الأعمال الجارية التعيين في المناصب العليا، فإن مجلس الدولة الفرنسي، له وجهة نظر أخرى، إذ يرى هذا المجلس „ضرورة استمرار الإدارة والمرافق العامة في الدولة، ذلك لأن استقالة الحكومة لا يمكن أن يعكس شلالا كاملا في المؤسسات والحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية الملحة للوطن. لهذا السبب يتوجب تامين استمرارية العمل الحكومي في حده الإداري الأدنى على الأقل، تفاديا للفراغ الكامل والشامل في المؤسسات العامة”، لكن اذا كان الامر يدخل ضمن الامور الاستعجالية التي تتطلب استمرارية المرفق العام وعدم ترك فراغ يشل المؤسسات، فإنه يجب للحكومة المنتهية ولايتها التعيين في المناصب العليا، خاصة ان هذا التعيين لا يدخل ضمن الرقابة التي يمارسها البرلمان على الحكومة وانما يدخل ضمن الاهداف الاستراتيجية للبلاد.

٭باحث في القانون الدستوري

والعلوم السياسية – المغرب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق